محلي

الجنوب يُودّع “أقماره الثلاثة”

لفّ الحزن بلدات بليدا وعيناتا وعيترون التي شيّعت ضحايا الإعتداء الإسرائيلي الذي حصل يوم الأحد الفائت. لم يُصدّق الوالد محمود شور أنه خسر فلذات كبده ليان وريماس وتالين، وما زال تحت وقع الصدمة. عاد زوجته هدى في مستشفى الشيخ راغب حرب في غرفة العناية صباحاً، قبل أن يتوجه لتشييع بناته. بكى كثيراً، لكنّه آثر الصمت، لم يجد كلمات تخفّف حزنه أو تُعبّر عن وجعه. كلمة هدى الزوجة لا تزال ترنّ في أذنه: «هل أطفأتم البنات كنّ يحترقن». لم يجد كلمة واحدة تواسيه وتُخفف عن هدى التي تعاني صدمة نفسية حادة، وهي التي رأت بناتها يحترقن أمام عينيها ولم تقدر على فعل شيء.

خرجت بليدا كلها في وداع البنات وجدتهن، وحده الحزن تكلم، والدموع روت حجم الكارثة. هي المجزرة الأولى في حق المدنيين في هذه الاشتباكات. يُخيّم الحزن على منزل العائلة الذي غصّ بالمعزين. يقف الوالد محمود صامتاً، يحمل صور بناته الثلاث، علاقة وطيدة جمعته بهن، لم ينبس بأي كلمة منذ وصل الى المطار مساء الإثنين، يبكي فقط، يقول الخال كامل الذي يصف ما حصل بأنه كارثة في حقّ الطفولة، متسائلاً: «أين مؤسّسات حقوق الطفل العالمية؟».

يروي كامل تفاصيل ما حصل نهار الأحد، قائلاً إنّ «هدى وبناتها عدن إلى منزلهنّ في بليدا لتفقده، كنّ تركنه بُعيد التطورات الأمنية. قبل أسبوع قطفن الزيتون معي، فهنّ مثل بناتي تماماً». ويضيف: «تردّدن في المغادرة، غير أنّ شقيقي سمير شجعهنّ، على قاعدة ما في شي، وسار أمام سيارتهم، غير أنّ طائرة العدو أغارت عليهم بصاروخ، أحرق أختي والبنات، في حين طارت هدى من السيارة وكانت تُشاهد بناتها يحترقن».

لحظات مرعبة عاشتها هدى كما العائلة، رأت كل شيء، شاهدت كيف ذابت أجساد بناتها وأمّها أمامها، لم تفقد وعيها، وصلت إلى المستشفى واعية، كما يشير كامل. «إنّها كالمتوفاة مُعلّقة بحبال الصدمة، لا أعرف كيف ستتقبل الأمر». ويلفت كامل إلى أنّ «الدولة لم تدخل يوماً إلى القرى الحدودية، لا يشعر أبناء هذه البلدات بحضورها ولا بدعمها لهم، ليت ضميرها يستيقظ الآن وتتحرك لدعمنا، لتقوم بواجباتها فقط».

إلى ذلك، عاد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض الأم الجريحة هدى في غرفة العناية الفائقة في المستشفى في تول، وأعلن أنّ وزارة الصحة قرّرت دعم جرحى الحرب بحوالى 11 مليون دولار أميركي عبر المستشفيات ضمن خطة الطوارئ التي وضعتها الوزارة لمواجهة الحرب، وهي ميزانية تساوي ضعفي ميزانية حرب تموز 2006.

وشرح الدكتور رفيق سلوم حالة هدى أيوب، إذ قال إنّ «وضعها مستقر على الصعيد العضوي، غير أنها تعاني صدمة نفسية حادة، وهذا قد يؤثّر في شفائها»، وأشار إلى أنّه «لا يمكن أن نضمن تحسّناً سريعاً، ولا يمكن أن نتوقّع حصول مضاعفات، لأن الإصابات الحربية فيها الكثير من المضاعفات».

المصدر
نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى