مقالات

العار سيُلاحقكم أينما كنتم

بقلم الدكتور جيلبير المجبِّرْ

حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، الضحية الكبرى هو لبنان الوطن الدولة ، لبنان القانون وعمليًا الشعب اللبناني الذي ما يزال ضحية كل ما حدث ويحدث ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً …. كل الشعب اللبناني وكلٌ حسب موقعه وظروفه يعيش المشاكل المتتالية بدون إنقطاع وهذه المآسي اللامتناهية حتى أضحى ضائعًا وتائهًا يعاني من كل شيء في حياته اليومية ومعيشته .

لبنان غارق بالديون ، لا كهرباء ، لا مياه ، لا خدمات صحية ، ولا أي تأمينات أساسية لحياة عادية فيها شيء من الكرامة . غالبية اللبنانيين فقدوا الأمل في وطنهم ودولتهم ، ومن إستطاع الحصول على فيزا فقد هاجر قسرًا هروبًا من كل المآسي أو لتأمين ما يمكن تأمينه لعائلته وأهله مِمّن لم يستطع السفر …

حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، السؤال الدائم أمام أعيننا وأمام أهلنا في لبنان وعالم الإنتشار والذي يجول دائمًا بخاطرهم هو لماذا وصلنا إلى ما نحن عليه ؟ ومن أوصلنا إلى هذا الدرء والإنحطاط في كل المجالات ؟ ولماذا يتغاضى المجتمعان العربي والدولي عن كل هذه الإنتهاكات ؟ ! في لبنان تعصُّب وكراهية ، غرائز تُحرك الجميع ، مذهبية ، فساد بكل المجالات وفي كل شيء ….

فوضى ، لا قانون ، القوي يأكل الضعيف ، فما أقرب ذلك إلى شريعة الغاب ، ليس من السهل الجواب على هذا السؤال الأساسي : من أوصلنا إلى ما نحن عليه ؟ إنّ الوضع يا سّادة معقد جدًا تختلط به الأمور والأسباب ولكننا وصلنا بالنتيجة الى تحت ما بعده تحت … لا بُدّ من طرح السؤال أيضًا عليكم : من أوصلنا إلى هذا التحت ؟ يحق للشعب اللبناني توجيه هذا السؤال إلى جميع السياسيين اللبنانيين ولحضراتكم أيضًا لأنّ لبنان عضو في جامعة الدول العربية وفي منظمة الأمم المتحدة .

حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، بكل تأكيد وفي كل الأحوال وفي خضّم الأسباب الكثيرة والتعقيدات بالمسألة اللبنانية وإختلاط الأمور ، فإنّ الأمر الواضح بالتأكيد هو المباشر لكل الأحداث والمشاكل والتعقيدات ، وهو بالتأكيد ليس سببًا مباشرًا ولا غير مباشر لما وصل إليه لبنان ، وحتى لا نرمي المسؤولية على الغير كما يفعل تجار السياسة في لبنان ، فإنه يجب علينا الاعتراف والقول بصراحة إنّ المسؤولية تقع على عاتق أصحاب القرار السياسي في لبنان حيث إنجرف كل منهم إلى مصالحه الشخصية دون النظر إلى العواقب التي يمكن أن تترّتب على مصلحة لبنان وحتى على وجود لبنان كما هو حالنا اليوم ، سواءً عن قصد وتخطيط وسوء نيّة ، أو عن غير قصد ، وسواءً كان ذلك بإتفاق جميع القادة وأصحاب القرار في لبنان أو على الأقل غالبيتهم ولأنهم يريدون تأمين مصالحهم الشخصية والزبائنية والعائلية وإن كان هذا على حساب الوطن والشعب اللبناني .

حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، بكل الأحوال وصلنا إلى هذه المرحلة وبعد أن وصل لبنان إلى حالة لا تُطاق من فقدان الأمل والأمان على المجتمعين العربي والدولي التدخل ليضع حدًا لهذه الحالة المأساوية لأنّ الشعب وصل إلى حالة من الخوف واليأس والرعب اليومي … علمًا إنّ السياسيين اللبنانيين فشلوا بشكل مباشر عن إيجاد الطرق والحلول المناسبة لحماية لبنان والشعب ، وعمليًا هم ليسوا أهلاً لأن يبقوا في مواقعهم ويُسمّون قادة أو ” أقطاب ” … وإنه نظرًا للمشاكل والإنقسامات والمآسي اللامتناهية ، بالإضافة إلى الغرائز المذهبية المتنامية والفساد القاتل المتفّشي في كل الإدارات والمؤسسات الوطنية والمعيشية يجعلنا كلبنانيين شرفاء مأتمنين على القوانين والدستور والأعراف الدولية ولا سيّما نحن الذين نعايش الخطر وحتى الحرب نطالب المجتمعين العربي والدولي الأخذ بعين الإعتبار مواقف الثوّار الشرفاء .حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، على ما يبدو إنّ كل فريق سياسي في لبنان يتعاون مع الخارج لكي يحمي نفسه ويتلّقى المساعدات من هذا الخارج ممّا يضطّره إلى تنفيذ أجندات هذا الخارج الذي في كل الحالات يهدف إلى تأزيم الأمور أكثر فأكثر في لبنان ، ودخلنا فعليًا بفوضى لم يُسجّل التاريخ أسوأ منها : السيادة المستباحة – السلاح اللاشرعي – دويلة داخل الدولة – إنتهاك الحياة الديمقراطية – السطو على المؤسسات الرسمية – زيادة الحقد والكراهية والحقد وتعميق الخلافات – هجوم وهجوم مضاد – إنهتاك السلطة القضائية ، …

إنها مأساة شعب لبنان التي لم يعرف التاريخ أقسى منها على اللبنانيين جميعًا … وفي هذه المرحلة العصيبة لا يوجد رجل دولة يتصرف بنُبل وطني ويرفض بحزم أمام اللبنانيين كل هذه الأفعال ، وهذا يعني أنّ الجميع لا سيّما الزعماء والقادة من كل الأطراف على السواء مخطيئين ومتواطئين ومذنبين ومجرمين بحق الشعب اللبناني وبحق الوطن …

إنّ الظروف المحليّة والإقليمية والدولية فرضت بأن يعود هؤلاء السّاسة إلى الساحة السياسية وبالتالي كل ما أسلفناه من مصائب هي نتاج سياسات خاطئة إرتكبوها علنًا وخلافًا لأي نص قانوني دستوري وعمليًا تقع عليهم تبعات مخالفة الدستور والأحكام القانونية وشرعة حقوق الإنسان …

حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، بالإشارة إلى ما إستعرضناه نذكركم أنّ الفساد السياسي وبكل مندرجاته يتخذ أشكالاً متعددة وفي لبنان تفشّى في القطاعين العام والخاص ، وهو ممارس على عدّة أنواع نذكر منها على سبيل المثال ولا الحصر الرشوة في السلطة التشريعية حيث يُشرى المقعد من رئيس اللائحة وبمبالغ كبيرة ، إساءة إستعمال السلطة وإساءة إستغلال الأصول على مستوى أعلى الوظائف ، إذن الفساد في لبنان هو خليط من كل هذه الأشكال فقد صار ممأسسًا ومُبتذلاً ولقد بات جزءًا لا يتجزأ من الأعراف ومن سير عمل الدولة حتى إنه يُعتبر ” شطارة ” …. هم يتواجدون رغم أنف الشعب والقوانين فإلى جانب إثرائهم الهائل وغير القانوني هي يستفيدون أيضًا من هذا النظام لإبقاء الشعب تحت سيطرتهم ، ولأنهم يستخدمون الدولة كما لو كانت مُلكيّة خاصة بهم ، ويُرغموننا على المرور من خلالهم للوصول إلى حقوقنا هذا إن وصلنا إليها … وأسوأ ما في الأمر هو أنه من المستحيل لبنانيًا أنْ نُشير بأصابع الإتهام إلى هذا الفساد الذي لا يخفى على أحد . فمن حهة غالبًا ما يتُّم إخفاؤه جيدًا لأنّ السلطات القائمة تراقب نفسها بنفسها ومن جهة أخرى إنّ المتهمين بالفساد يحتمون بالطائفية ، وما من أحد يريد إشعال فتيل حرب طائفية حتى ولو كان ذلك من أجل حوكمة أفضل وإدارة شفّافة .

نادرة هي البلدان التي تكون نسب الفساد فيها معدومة ولكن فلنطمح إلى أن نكون من بين الأفضل ولنرفض الخضوع لحتمية تحضن فسادًا يُقال إنه موروث منذ قرون .حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، هي صرخة ، صرخة نابعة من حاجة مُلحّة ، الحاجة إلى قضاء دولي لمحاكمة كل هذه الطبقة السياسية لأن عار أعمالهم سيُلاحقهم أينما تواجدوا وهي دعوة إلى المسؤولية الملقاة على عاتق كل من جامعة الدول العربية وعضو في منظمة الأمم المتحدة لتطبيق القوانين المرعية الإجراء .

المُلح هو أن يُطبق القانون وترسيخ فكرة أننا أصحاب حق وأن نعيش أحرارًا في لبنان نتمتّع بكل الضمانات المنصوص عنها .

إننا وبإسم أغلبية الشعب اللبناني نُطالب بتطبيق ما نصّ عليه نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي إعتمد في روما بتاريخ 17 تمّوز 1998 ، إستنادًا للمادة الخامسة الأبواب التالية :

1 – يقتصر إختصاص المحكمة على أشّد الجرائم خطورة موضع إهتمام المجتمع بأسره ، وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي إختصاص النظر في الجرائم التالية :

أ – جريمة الإبادة الجماعية

ب – جرائم ضد الإنسانية .

ج – جرائم الحرب .

د – جريمة العدوان .

حضرة السّادة المجتمعين العربي والدولي ، لقد ورد في الفقرة / ح / ما يلي :

” إضطهاد أي جماعة محددة أو مجموعة محددة من السكان لأسباب سياسية او عرفية أو قومية أو ثقافية أو دينية ، متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3 ، أو لأسباب أخرى من المُسلّم عالميًا فإنّ القانون الدولي لا يجيزها ، وذلك فيما يتصل بأي فعل مُشار إليه في الفقرة أو أية جريمة تدخل في إختصاص المحكمة “.

وكما ورد في الفقرة / ك / ما يلي :

” الأفعال اللإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدًا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدينة ” ….

بناءً على ما تقدّم وما سنعرضه لاحقًا بموجب إخبار رسمي بصفة مُدعيّن على سلطة قائمة بتهمة الإهمال والتقصير الوظيفي وإستغالالها نتمنى منكم سَماع صوتنا والأخذ بمطالبنا حيث لا يمكن لشعب أن يصل إلى الإستقرار إلاّ بعد إكتساب حقوقه القانونية وهذا الإكتساب مطلوب منكم لأنّ القضاء اللبناني للأسف مُغيّب ومُسيّس ومغلوب على أمره .

وتزامنًا مع ذكرى فجيعة 4 أب توجهت إليكم بكتابي هذا وتفضلوا بقبول كامل إحترامي … وللبحث صلة . فرنسا في 3 أب

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى