الصحف

تجدُّد الإشتباك حول التعيينات العسكرية .. وحراك لتلافي الفراغ

اكد مصدر سياسي مطلع عن كثب على الاتصالات الدولية مع لبنان لـ«الجمهورية» ان التهديدات لم تتراجع ولا احد يعطي تطمينات من الطرفين. وقال ان وضع لبنان اصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بما يحصل في غزة حتى ولو تَمثّل باستنتاجات غير مستندة الى معلومات دقيقة. وكرر المصدر اكثر من مرة: «عينكم على غزة خصوصاً انه من المبكر جدا الحديث عن مفاوضات… نحن ذاهبون الى مزيد الدم والكلمة للميدان»…

وعن جولة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل التشاورية وما اذا كان يمكن للبنان ان يقطف فرصة نتيجة وحدة الموقف، قال المصدر: «ان حركة باسيل فارغة ولا تصرف في اي شيء، ولا مفاعيل لها سوى انه قال انا موجود ولا زلت فاعلًا وأساسيًا».

اما ملف التمديد لقيادة الجيش فوصفه المصدر بأنه «زوبعة في فنجان ولن يتعدى الحكايا والمواقف العابرة ولن يؤخذ اي قرار في شأنه»، قائلاً: «لا تغرّنكم التصريحات حول وحدة الصف تجاه الحرب وهذا طبيعي، اما الانقسام الداخلي حول كل الملفات فلا يزال على حاله».

وعلى رغم الاستعدادات الجارية لمواجهة كل الاحتمالات سواء في الجنوب او على صعيد حرب غزة، ينصَبّ الاهتمام الداخلي على تلافي حصول فراغ في قيادة الجيش، حيث تنتهي ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون وخدمته في 10 كانون الثاني المقبل، ولم تَرسُ المشاورات الجارية بعد على صيغة لتلافي هذا الفراغ بتأخير تسريح قائد الجيش او تمديد ولايته، او بتعيين رئيس اركان للجيش يتولى هو القيادة خلفاً لعون الى حين تعيين قائد جديد للجيش.

وهذه الافكار كانت محور البحث في اللقاء امس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ذلك غداة رفض وزير الدفاع موريس سليم تأخير تسريح قائد الجيش.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انه يتحكم بهذا الملف خلفيات تتصل بالاستحقاق الرئاسي، فالبعض يقول ان من يؤيّد التمديد لقائد الجيش يستبطِن دعماً لترشيحه لرئاسة الجمهورية على رغم من ان هذا الامر يحتاج الى تعديل دستوري لا توافق واضحاً عليه حتى الآن، فيما الذي يعارض هذا التمديد او تأخير تسريحه لا يؤيّد ترشيحه لرئاسة الجمهورية في اعتبار ان استمراره في منصبه يُبقي باب ترشيحه للرئاسة مفتوحاً.

وثمة فريق ثالث يرى ان لا موجب للبحث في هذا الملف الآن لأنه لا يزال هناك شهرين ونصف شهر تقريباً على موعد انتهاء ولاية قائد الجيش، ومن الآن وحتى ذلك الحين يمكن ان يحصل ما يفرض انتخاب رئيس جمهورية جديد خصوصا انّ الاستحقاق الرئاسي تحرك مجددا في ضوء جولة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التشاورية على المرجعيات والقيادات السياسية، والتي كان هذا الاستحقاق من بين مواضيع البحث خلالها.

وكان وزير الدفاع موريس سليم قد اعترض على كتاب وجّهه اليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفق الاصول يطلب منه فيه تقديم اقتراحات لملء الفراغ في قيادة الجيش، واستغربت الاوساط الحكومية اعتراض سليم وانفعاله نتيجة هذا الطلب، مع العلم ان رئيس الحكومة المسؤول عن السياسة العامة للحكومة يملك صلاحية مخاطبة الوزراء والطلب منهم ان يتخذوا ما يراه من تدابير او قرارات تنسجم مع السياسة الحكومية ومصلحة لبنان واللبنانيين.

من جهة أخرى، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن هناك حاجة إلى حل لموضوع الشغور في قيادة الجيش وهناك ٣ خيارات، اثنان منهما يصعب تحقيقهما الأول هو صدور التمديد من وزير الدفاع والوزير لا يقبل به كما أن قائد الجيش أبلغ المعنيين رفضه لذلك، كما كانت الحال عليه مسألة التمديد للعماد جان قهوجي ومدير المخابرات في حينه، أما الخيار الثاني فيتصل بالتعيين داخل مجلس الوزراء للاعضاء الثلاثة في المجلس العسكري أي رئيس الأركان ومدير عام الإدارة والمفتش العام، وهذا الخيار صعب بسبب مقاطعة وزراء التيار الوطني الحر فضلا عن وجود طرح مقابل يقول أنه في الأمكان إنجاز ٤ تعيينات أي إضافة تعبين قائد الجيش إلى تعيينات المجلس العسكري، وهذا الطرح متداول من قبل الفريق الذي كان يعارض الفكرة ولكن ليس معلوما جدية السير به، وهناك صعوبة في إقراره نظرا إلى فرض قائد جيش على رئيس الجمهورية المقبل.

ولفتت المصادر إلى أن الاقتراح الثالث الذي يقضي باللجوء إلى مجلس النواب عبر قانون يرفع سن العمداء والضباط سنة إضافية عندها يبقى قائد الجيش الحالي في موقعه وكل العمداء وهذا يشمل جميع الاسلاك الأمنية بما في ذلك مدير عام قوى الأمن الداخلي ونائب مدير أمن الدولة، مشيرة إلى أن ما حصل بين رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الدفاع حول ارسال الأول الكتاب إلى الوزير سليم بشأن رفع اقتراحات وكأنه يقول بالتعيين في مجلس الوزراء وقد صدر بيان عن الوزير سليم بشأن ما جرى.

وحضر هذا الملف في الاجتماع الذي عقد في عين التينة بين الرئيس نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، من زاوية انه لا يجوز ان يطال الفراغ المؤسسة العسكرية التي هي المؤسسة الوطنية الضامنة، للاستقرار والممثلة للوحدة الوطنية.

ونقل عن الرئيس ميقاتي قوله: ان موضوع قائد الجيش ورئيس الاركان يمكن ان يطبخ على نار خفيفة، لان مؤسسة الجيش لا تعني طرفاً بل تعني كل اللبنانيين.

واعاد وزير العدل هنري خوري الكتاب الذي بموضوعه رفع اقتراحات لتفادي الشغور المرتقب في قيادة الجيش، معتبرا انه عند وجود الاصيل لا صلاحية على الاطلاق للوكيل في كل امر يعود امر البت به للأصل.

وحسب مصادر في كتلة الجمهورية القوية (القوات اللبنانية) فإن نواب الكتلة على استعداد للمشاركة في جلسة التمديد لقائد الجيش شرط ان ينحصر جدول الاعمال ببند التمديد فقط.

ورأت المصادر ان تعيين رئيس الاركان في الواجهة اولاً، لانه بامكانه ان ينوب عن قائد الجيش اذا حصل الشغور.

وحسب معلومات «اللواء» من مصادر نيابية معنية، فإن الرئيس بري طلب من الرئيس ميقاتي التريث، وعدم الاستعجال، لئلا يؤثر الامر سلباً على محاولة التيار الوطني الحر التقارب مع الرئاستين الثانية والثالثة، على ان تبدأ الخطوة الاولى بتعيين رئيس للاركان في جلسة يتفق عليها ويشارك فيها جميع الوزراء، لتتخذ طابعاً جامعاً.

وفي السياق عينه، أشارت مصادر حكومية لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أن ميقاتي ناقش مع بري كيفية معالجة الشغور في قيادة الجيش قبل انتهاء ولاية العماد جوزف عون، الذي سيحال إلى التقاعد في كانون الثاني ٢٠٢٤، وكان تأكيد على أن ترك الأمور دون معالجة حتى ذلك الوقت يعرّض المؤسسة العسكرية للاهتزاز، وهذا الأمر، برأي المصادر قابل للمعالجة في أي لحظة متى صفت النيات.

المصادر قللت من أهمية التباين الذي حصل بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع موريس سليم، ورأت أن من حق رئيس الحكومة في ظل الحرب الدائرة في الجنوب أن يسأل وزير الدفاع عن اقتراحه بخصوص قائد الجيش الذي سيحال على التقاعد بعد شهرين، ولم يكن يقصد أن يفتعل مشكلة لا مع وزير الدفاع ولا أي وزير آخر، فالوقت اليوم للعمل وليس للسجالات الكلامية.

وفيما حاول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل نقل النقاش الى ملف رئاسة الجمهورية، وهو الأمر المطلوب دائما، لكن ذلك لا يلغي وجوب تصرف المؤسسات الدستورية القائمة وفق دورها راهنا. وهذا ما شدد عليه عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد الخير في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية الذي قال إن “الحراك لانتخاب رئيس جمهورية مسألة صعبة في ظل الأزمة المحيطة بنا وما يجري في غزة وجنوب لبنان، وكان هناك المبادرتان القطرية والفرنسية، فتم تجميدهما لأن الواقع في المحيط أصبح في مكان آخر”.

وعن رأيه في معالجة الشغور في قيادة الجيش، رأى أن مصلحة الدولة عدم تعريض المؤسسات الأمنية والعسكرية لأي اهتزاز، متمنياً على الجميع التحلي بالحكمة ومعالجة الموضوع بأطر سليمة، إذ من الضروري أن تكون مصلحة البلد فوق كل اعتبار، ولف إلى أن تداعيات الحرب أو أي مصاب يطال أي فئة “سيكون انعكاسه على كل اللبنانيين، كلنا نعرف ان اوضاع الدولة وأوضاع مؤسساتنا ليست على ما يرام، وهذا الموضوع سيكون له انعكاس كبير جداً في حال حصل أي اعتداء كبير على لبنان، وسنتصدى له بكل الوسائل المتاحة. لكن لا احد يمكنه ان يحدد مسار الأمور، هل ستكون ذاهبة الى تصعيد أكبر، أم ستبقى ضمن قواعد الاشتباك”.

المصدر
الجمهورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى