محلي

شدياق: الثقة ستبقى معدومة بهذه المنظومة

رأت الوزيرة السابقة مي شدياق أن “الناس بحالة صدمة، ويشعرون كأنها نهاية العالم، وكأنهم متروكون لقدرهم وسط الصمت الصارخ لحكام هجروهم وتخلوا عنهم”، آسفة لـ”أن قتلى وجرحى 4 آب ذهبوا ضحايا هذه المنظومة الحاكمة الأنانية اللامسؤولة التي تمارس عليهم العنف المعنوي عندما لا تبدي أي تعاطف وتضامن مع أوجاعهم وعندما تعزز غطرستها بتقاذف طابة المسؤولية وعندما ترفع لواء الحصانة”.

وشددت، في كلمة لها خلال إحياء منطقة بيروت في “القوات اللبنانية” ولجنة إغاثة بيروت Ground-0 ذكرى ضحايا انفجار مرفأ بيروت، بمسيرة وفاء حاشدة تحت عنوان “وحياة يلي راحوا، رح تتحاكموا”، على أن “هذه المنظومة تطلق وعودا فارغة ومسكنة لأوجاع الناس اليومية وهمومهم الحياتية في بلد ينزف شعبه ذلا وقهرا ومرارة”، وقالت: “365 يوما مرت على أبشع كارثة بشرية وعلى أكبر جريمة بالتاريخ الحديث، على جريمة وجود نترات الأمونيوم من أيلول 2013 داخل الإهراءات، والدولة في غيبوبة تامة عن خطورة هذا الأمر”.

وتابعت: “إنها جريمة لأن ما جرى ليس قدرا أو صدفة أو توقيتا سيئا، بل هو جريمة مخطط لها هزت الوطن والعالم باستثناء ضمائر المسؤولين في البلد، اذ حتى الآن ما من محاسبة أو عدالة أو حتى خيط لحقيقة من الممكن أن تطفىء حرقة قلوب أهالي الضحايا والجرحى”.

وأضافت: “لقد عين محقق عدلي أول، عمل واجتهد واستدعى مسؤولين للتحقيق. وفجأة، كفت يده وعين بديل، فتابع القاضي الثاني المهمة ورفع سقف الاستدعاءات. الله يستر من الشوك الذي ينتظره، والله يأخذ بيده ليكمل مساره، ولا تتوقف التحقيقات عند حدود بعض الموقوفين من موظفين وأمنيين”.

وأردفت: “إبقاء كل قاتل أو متسبب بالقتل حرا يحفز القتلة الآخرين على الإكمال بنحر الشعب اللبناني، مطمئنين إلى أن لا محاسبة، فالثقة ستبقى معدومة بهذه المنظومة التي تحمل شعار “يا ربي نفسي فقط…لا شعبي… ولا وطني…”. إنها منظومة لا مبادئ لها ولا تحترم حقوق الإنسان بل تمسك بسلاسل معدنية لعرقلة أي خطة إصلاحية، في وقت تغيب لديها أي رؤية مستقبلية. كما أنها لا تهتم إذا تشكلت حكومة أو إذا ارتفع الدولار أو إذا مات نصف الشعب من الجوع وقلة الغذاء والنصف الثاني من قلة الدواء والغلاء. بالنسبة إليها، الكراسي هي فقط للمصالح الشخصية وليس للخطط البنيوية المستقبلية.”

وقالت: “في السابق، عشنا على قنبلة الأمونيوم الموقوتة. واليوم، نعيش على قنابل معيشية موقوتة. لقد باتت الاستمرارية في هذا الوطن حظا، وكذلك المعيشة. إن وضعنا في دائرة مسيجة باللامبالاة أمر مفتعل لتضييق الخناق على شعب لم يعتد إلا على حب الحياة والحرية، لكنهم لم يدركوا أننا شعب لا يعرف الاستسلام، وهو مجبول بالقوة والإصرار والتحدي والتصدي. الحرب علمتنا، والدنيا جربتنا، وما من شيء يمكنه كسرنا. باستطاعة هذا الشعب المقهور، اختيار الانتقام الشعبي، لكن العنف سيستتبعه عنف يمكن أن ينتهي بدولة شمولية على طراز دول مجاورة فشلت فيها الثورات، واستخدمت فيها الفوضى والعنف لتفكيك كل المؤسسات.”

وسألت: “من يؤكد أن تفكيك الدولة ليس هدفا للبعض لتغيير صورة البلد وانتمائه؟ من يؤكد أن الهدف ليس نسف كل ما سبق وتميز به لبنان من اقتصاد حر ونظام تعليمي ومصرفي واستشفائي وطبي وسياحي متميز، لجعله دولة فاشلة؟ بهذه الطريقة، يجبر الناس على التوجه شرقا واستجداء أي حل أو دواء، حتى لو كان غير مطابق للمواصفات أو يؤدي إلى فرض عقوبات علينا أو حتى الابتعاد عن العمق العربي واختراب العلاقات مع الغرب”.

وقالت: “يسعون لإيصالنا إلى حال من اليأس، إلا ان ذلك لن يحدث، إذ لن ننسى أن هؤلاء أنفسهم عملوا على تعزيز ميليشياتهم وقواهم العسكرية ومخزون سلاحهم. وبعد خروج الاحتلال السوري، افتعلوا الحروب لسرقة ثورة 14 آذار وتابعوا بالاغتيالات وباستخدام مؤسسات الدولة والتسلل لوضع اليد على كل مقومات البلد للاستحصال على أكثرية جعلتهم الآمر الناهي عند كل الاستحقاقات، ملوحين دائماً بعصا الفراغ والضياع في حال عدم الانصياع”.

وتحدثت شدياق عن “إمكان استخدام مؤسسات الدولة لاستعادة السلطة وزمام الأمور من خلالها والضغط بكل الوسائل لرفع الحصانات كافة”، داعية إلى “الإصرار على اتخاذ الإجراءات الحازمة من خلال برلمان منبثق من إرادة الشعب ومن خلاله”.

وأشارت إلى أن “اللبنانيين بمعظمهم يطلقون اليوم الصرخة نفسها، ويطالبون بوقف سرقة المال العام ومحاسبة اللصوص وسوقهم إلى السجن. أما آن وقت المحاسبة والمساءلة؟ أما آن وقت إنهاء الإفلات من العقاب؟ فليتحمل كل مرتكب وزر أفعاله ولنفتح صفحة جديدة للبنان. بعدها، قد يصبح بإمكاننا دفن أمواتنا وعيش الحداد الفعلي على ضحايانا والانطلاق لإعادة بناء الوطن”.

وجددت التأكيد أن “القوات مصرة على المحافظة على جذورها وهويتها وثباتها في هذه الأرض، ولن تستسلم، وهنا ستبقى”.

وختمت: “نحن كقوات لبنانية قوتنا من قوة هؤلاء الناس المتجذرين بالأرض. وكلما كانت جذورههم أكبر وأعمق، كنا أقوى. إن الهدف الأسمى سيبقى دائما عدم إخلاء الساحة لهم: لنا السعي للإنماء ضمن معايير الشفافية، ولهم الإمعان في الفساد. لنا استراتيجيات مكافحة الفساد والإصلاح وتحديث الدولة والحوكمة، ولهم تعطيل الدستور. لنا العمل على إصدار مراسيم القوانين التنفيذية والخطط العملية، ولهم العنف والتهديد والترهيب. لنا الانفتاح على الآخر السيادي والعمل على المكشوف بعيدا عن الحسابات التي بعضها من فوق الطاولة وبعضها الآخر تحت الطاولة، ولهم حقدهم. وفي النهاية، لدينا الأمل بأن لبنان سينتصر على كل التحديات. إن إعادة بناء هذا الوطن الذي يرفض أن يموت، ويروى كل يوم بدماء شهدائه الأبرار”، مؤكدة أن “القوات اللبنانية كانت مع أهلها وستبقى”، وقالت: “حتى فريق GROUND-0 آمن بأن لا بد لهذا الليل الطويل أن ينجلي”.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى