تكنولوجيا

طوفان الأقصى.. كيف سرق إيلون ماسك الضوء من “فيس بوك”؟

فى عالم وسائل الإعلام الاجتماعية سريع الخطى، حيث تتكشف المعلومات في الوقت الحقيقي، يظهر اتجاه غريب في أوقات الأزمات والحوادث والكوارث والحروب، حيث تأخذ منصة X ” تويتر سابقا” المملوكة لرجل الأعمال الأغنى إيلون ماسك، زمام المبادرة على منافستها فيسبوك، وفي حين أن رهان المنصتين كثافة التحديث وتداول الحتوى المُنشأ من خلال المستخدمين، يبدو أن “إكس” تتقدم عندما يتصارع العالم مع الشكوك.

السنوات الأخيرة أثبتت الظاهرة، ومع عملية “طوفان الأقصى” ترسخت الحقيقة بوضوح، إذ كانت “X” صاحبة النصيب الأكبر في تناول الأحداث، سواء من خلال مشاركة الصور والفيديوهات والتغريدات أو من خلال محاولة الوصول للمعلومات، وذلك مقارنة بـ”فيس بوك”؛ لا سيما مع ما يفرضه من قيود مشددة، وبعضها منحاز لجانب إسرائيل.
بنية الخوارزمية
خوارزميات فيسبوك المصممة لتخصيص المحتوى وفق تفضيلات المستخدم، تصبح عن غير قصد حجر عثرة فى أوقات الأزمات، ورغم أنها تستهدف تقديم تجربة مخصصة، فالواقع أنها تُصفى المعلومات المهمة التي لا تتوافق مع استهلاك المحتوى المعتاد للفرد، هذا التحيز تجاه المشاركة والاتصالات الشخصية يعيق النشر السريع للتحديثات المهمة، وهو الفضاء الذي تتفوق فيه خلاصات تويتر غير المفلترة والتسلسل الزمني.

وتأخذ الخوارزمية في الاعتبار مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك اهتمامات المستخدمين، وأنواع المحتوى الذي أعجبهم وشاركوه في الماضي، والعلاقات التي تربطهم بالمستخدمين الآخرين، وقد تعرضت خوارزمية فيسبوك لانتقادات في ضوء تقييد الوصول إلى أنواع معينة من المحتوى، مثل المقالات الإخبارية والمشاركات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والسياسية، ما دفع المستخدمين للتحول إلى تويتر، حيث يشعرون بأنه يمكنهم الحصول على رؤية أكثر دقة وغير متحيزة للأخبار.
قوة الهاشتاج
ظهر استخدام تويتر المبتكر لعلامات التصنيف “الهشتاج” ليُمثّل تغييرا مهما في قواعد اللعبة، ففي أوقات الأزمات يجد المستخدمون العزاء وتماسك المعلومات عبر الوسوم الشائعة. تلك الآلية تسمح بتتبع التحديثات والحسابات المباشرة والبيانات الرسمية بسهولة، وهي وظيفة يكافح فيسبوك لتقليدها، ويعمل الهاشتاج الآن باعتباره لغة عالمية، تسهم فى توحيد المستخدمين عالميا، ما يعزز الشعور بالتجربة المشتركة والمتجاوزة للحدود الجغرافية.

فيما تعمل ثقافة “إعادة التغريد” عبر تويتر على تضخيم الرسائل المهمة، وتضمن انتشار المعلومات الحيوية عالميًا، وتعرض “المواضيع الشائعة” ما يناقشه العالم في أية لحظة، وهو ما يعزز الشعور بالتضامن العالمي، أما على الجانب الأخر يميل “فيسبوك” إلى أولوية المحتوى الفردى، رغم سماحه بالمشاركة، ما يحد من فرص الوصول العالمي أو تحقيق التجربة المجتمعية.
حضور النخبة
مما لا شك فيه أن وجود النخبة على “تويتر” يزيد جاذبية المنصة أثناء الأزمات، إذ يستخدمها المشاهير والسياسيون وقادة الفكر لمشاركة وجهات نظرهم مع الجمهور مباشرة، وتتيح الطبيعة المفتوحة للمحادثات التفاعل مع هذه الشخصيات، ما يخلق إحساسًا فريدًا بالاتصال والخبرة المشتركة، ورغم أن فيسبوك يستضيف حصته من الشخصيات البارزة، إلا أنه يفتقر إلى السرعة وسهولة الوصول المتحققة لدى غريمه.

قيود الريتش
أحد الأسباب الرئيسية وراء هيمنة تويتر أثناء الأزمات يكمن في طبيعة “الريتش”. في الوقت الذى يفرض فيه “فيس بوك” قيودا على وصول المحتوى، إذ لا تتجاوز نسبة الانتشار 10% من متابعى الحسابات بحسب بعض الدراسات، فإن “ريتش” تويتر أكبر كثيرا من ذلك، ما يضمن وصول الأخبار العاجلة إلى جمهور عالمي في ثوانٍ، خاصة أن “فيسبوك” من خلال نهجه الخوارزمي يميل لعرض المحتوى في ضوء أولوية المشاركات وحجم التفاعل واهتمام المستخدمين، وهذا الاختلاف في النهج يمنح “تويتر” ميزة كبرى عندما تكون كل ثانية مهمة.

الوصول المباشر
أثناء الأزمات، تصبح القدرة على التعامل بشكل مباشر مع أصحاب النفوذ والشخصيات العامة وحتى السلطات، أمرًا بالغ الأهمية، تشجع منصة تويتر المحادثات المفتوحة، ما يسمح للمستخدمين بالإشارة إلى الشخصيات المؤثرة وإعادة تغريدها والرد عليها، ويُعزز خط الاتصال المباشر شعور المستخدمين بالفورية وحيوية الاتصال، وهو الأمر الذي يكافح “فيسبوك” لتكراره، مع القيود الواقعة عليه بسبب ببنيته المغلقة على الأصدقاء.

الطبيعة المجهولة
ثقافة تويتر المتمثلة في السماح للمستخدمين بالعمل تحت أسماء مستعارة، أو بشكل مجهول، توفر مساحة تحريرية لمشاركة المعلومات، وفي أوقات الأزمات يمكن أن يكون ذلك ذا قيمة خاصة، إذ يشعر الأفراد بميل أكبر لمشاركة تجاربهم المباشرة أو الصور والتحديثات دون خوف من التداعيات الشخصية، او المخاطر الأمنية، في حين أن تركيز “فيسبوك” على هوية الاسم الحقيقي قد يمنع بعض المستخدمين من مشاركة المعلومات الحساسة بشكل علني.

تحيز الخوارزمية
خلال الأحداث الأخيرة ومع فرحة الكثيرين بعملية طوفان الأقصى، ومشاركتهم للعديد من الصور والفيديوهات للآسري الإسرائيليين أو لمظاهر الإحتفال فى فلسطين، ظهر تحيز الخوارزمية بشكل كبير خاصة مع تقييد العديد من الحسابات وإزالة الكثير من الصور المتعلقة بعملية طوفان الأقصى، وهو الأمر الذى لم يحدث على منصة تويتر، مما دفع الكثيرين للتوجه لمنصة إيلون ماسك لمشاركة الصور والفيديوهات أو حتى للوصول إلى محتوى جديد غير موجود على فيس بوك.

لكن هذا الأمر ليس بجديد على فيس بوك، ففي 2021 أيضا ظهر تحيز المنصة بشكل كبير ضد المحتوى المناصر للقضية الفلسطينية، والمندد بعدوان الاحتلال الغاشم، بل قامت بحذف مئات الصفحات الناقلة لأحداث فلسطين إضافة إلى تقييد وصول المحتوى المناصر للقضية، فضلا عن الحجب الكامل لكثير من المستخدمين الداعمين للشعب الفلسطيني.

وهو ما دفع فيس بوك بوك في النهاية لإصدار بيان اعتذرت فيه بالنهاية وقالت إن ماحدث كان خطأ تقنيا متعلقا بـ”خوارزميات مراجعة المحتوى” على الموقع، وأن ما حدث من حظر لبعض القصص اليومية والمنشورات وكذلك الصور وصور المسجد الأقصى كانت عبارة عن خطأ تقني وفني، وأنها ستعمل على إصلاحه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى