عربي ودولي

تجدد الاشتباكات بين العشائر العربية و”قسد” في ريف دير الزور

تجددت الاشتباكات اليوم الإثنين في ريف دير الزور، شمال شرقي سوريا، بين مقاتلي العشائر العربية من جهة وقوات سوريا الديموقراطية (قسد) من جهة ثانية، في تطور يمثل انتكاسة للجهود التي قادتها القوات الأميركية لفرض التهدئة في المنطقة، ولمنع تنظيم “داعش” والقوات السورية وحلفائها من استثمار التوتر لتعزيز نفوذهم هناك.

وبعد هدوء نسبي استمرّ لأكثر من أسبوعين منذ إعلان “قسد” انتهاء جولة الاقتتال السابقة التي أعقبت اعتقالها قادة مجلس ديرالزور العسكري التابع لها، بدأت قوات العشائر صباح الاثنين هجوماً هو الأوسع على بلدة ذيبان وبعض القرى المحيطة بها بريف دير الزور، وترافق بدء الهجوم مع نشر رسالة صوتية للشيخ إبراهيم جدعان الهفل شيخ قبيلة العكيدات أعلن فيها بدء ما سماه “جيش العشائر” معركة جديدة ضد “قسد” في البلدة. وكان الشيخ الهفل قد أعلن في الأيام الماضية عن تشكيل قيادة عسكرية لقوات العشائر، من أجل الاستمرار في مواجهة “قسد” في دير الزور، نافياً ما أشيع عن مغادرته الأراضي السورية أو فراره إلى مناطق سيطرة الجيش السوري.

ورغم استقدام “قسد” تعزيزات عسكرية من “القوات الخاصة” (كوماندوس) إلى ريف دير الزور الشرقي، وحشدها جزءاً من قواتها في بلدة جديد عكيدات على ضفة نهر الفرات الشرقية، في إشارة إلى أنها كانت تملك معلومات حول إمكان حدوث تصعيد في المنطقة، تمكّن مقاتلو العشائر من التقدم مسيطرين على عشر نقاط ومقار عسكرية من أصل 14 نقطة لقوات “قسد” كانت تتمركز في بلدة ذيبان، في حين لا تزال الاشتباكات متواصلة. وقد تحدثت مصادر ميدانية موالية للعشائر عن سيطرة قوات الأخيرة على قرية الطيانة القريبة.

واتّساقاً مع الدعاية الإعلامية لـ”قسد” حول وجود تنسيق سوري- إيراني- تركي داعم لتحرك العشائر في الجولة السابقة، كشفت وسائل إعلام موالية لـ”قسد” عن مساندة قوات حكومية للعشائر في هجومها الجديد.

ونقلت “نورث برس” عن مصادر عسكرية إن مسلحين موالين للقوات الحكومية، تسللوا في ساعات الفجر إلى الضفة الشرقية للنهر، وهاجموا مواقع لـ”قسد” في بلدة ذيبان، وذلك عقب هدوء استمر لنحو أسبوعين في المنطقة الشرقية من سوريا.

وأفاد شهود عيان إن قوات حكومية في بلدتي القورية والميادين، أطلقت النار من أسلحة رشاشة وقذائف آر بي جي، باتجاه بلدتي الطيانة وذيبان، لمؤازرة المسلحين.
وقال سكان محليون في بلدة ذيبان إنهم سمعوا أصوات انفجارات هزت البلدة، وأصوات قذائف ورصاص في أحياء اللطوة والطعمات والرملية.

وإثر التطور الأمني الأخير، فرض مجلس هجين العسكري التابع لقوات سوريا الديموقراطية، حظراً تاماً للتجوال على بلدة ذيبان والبلدات المجاورة،”حرصاً على نجاح عملنا ومهامنا العسكرية في ملاحقة المطلوبين والمخربين”.

كذلك فرضت قوات سوريا الديموقراطية حظراً للتجوال في بلدات الصبحة، والدحلة، وأبريهة، والبصيرة، عقب التحركات التي نفذتها قوات العشائر، وسيّرت دوريات عسكرية في القرى نفسها بعد أن أمهلت المدنيين دقائق للعودة إلى منازلهم.
وأُعلن عبر مكبرات الصوت في مساجد القرى المذكورة أن القناصين سيستهدفون أي شخص يخالف حظر التجوال.
ونشر ناشطون من أبناء دير الزور عبر “إكس” أن “قسد” أعلنت عبر مكبّرات الصوت في المساجد حظر تجوال شاملاً في قرية الطيانة شرق دير الزور.

وفي 28 آب (أغسطس) الماضي، نشبت مواجهات مسلحة في أرياف دير الزور على خلفية اعتقال “قسد” قائد المجلس العسكري أحمد الخبيل (الملقب بـ”أبو خولة”)، ما أسفر عن تحالف عشائر من المنطقة مع مقاتلي المجلس، وبدأت اشتباكات عسكرية وُصفت بـ”العنيفة” في بعض قرى دير الزور خرجت عن سيطرة “قسد” بالكامل، ثم عاودت “قسد” احتواء التوتر فيها.

وانتهت العمليات العسكرية في قرى من ريف دير الزور الشمالي والشرقي، في 9 من أيلول الجاري، بعد نحو أسبوعين من المواجهات المسلحة، بحسب ما أعلنته “قسد” عبر موقعها الرسمي.

وتتهم “قسد” الهفل وقوات العشائر، بأنهم يتلقون تمويلًا ودعمًا من النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتمركزة على الضفة الغربية لنهر الفرات، بينما تطالب عشائر المنطقة بتعزيز المكون العربي في “الإدارة الذاتية” التي تهيمن عليها كوادر من “حزب العمال الكردستاني” (PKK)، على حساب العرب من أبناء المنطقة.

وسبق أن تعهد قائد “قسد” مظلوم عبدي، عقب انتهاء المواجهات، بتلبية مطالب العشائر العربية شرق سوريا وإصلاح الأخطاء التي قال إنها ارتكبت في إدارة المنطقة سعيًا لنزع فتيل التوترات بعد أيام من القتال شهدته دير الزور.

وعن كيفية إصلاح “العيوب”، تعهد عبدي بإعادة هيكلة كل من المجلس المدني التابع للإدارة الذاتية والذي يحكم المحافظة، إلى جانب مجلس دير الزور العسكري، التابع لـ”قسد”، لجعلهما أكثر “تمثيلًا لجميع العشائر والمكونات في دير الزور”.

وفي أحدث حوار أجراه عبدي مع مجلة “المجلة” كشف عن تنسيق إيراني وحكومي واضح ضد مناطق الإدارة الذاتية لشمال سوريا، وأضاف إن تركيا أيضاً دخلت على هذا الخط وبدأت دعم فصائل المعارضة الموالية لها “باسم العشائر”.

وكانت مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية حذّرت من أن الاشتباكات بين “قسد” والعشائر “تهدّد استراتيجية واشنطن في سوريا”، موضحةً أن “اندلاع العنف العربي – الكردي يهدّد بالإخلال بالتوازن الدقيق الذي أبقى تنظيم داعش وغيره من خصوم الولايات المتحدة في مأزق”. واعتبرت أن “الانتفاضة العربية، رغم أنها هُزمت على ما يبدو، إلا أن تأثيرها سيكون كبيراً”، مرجّحةً أن “تدفع التجربة المشتركة في القتال ضدّ عدو مشترك، العشائر في دير الزور، والتي لديها تاريخ سابق من النزاعات، إلى وضع خلافاتها جانباً للتركيز على الهدف المشترك المتمثّل في الانتقام، ما يوفّر وقوداً كافياً لتمرّد طويل الأمد”.

ورأت «المجلة» أن «على الولايات المتحدة، رغم التحدّيات العديدة التي تواجهها في أماكن أخرى، أن تكرّس تركيزاً كافياً لسوريا والمنطقة، لضمان عدم ظهور انقسامات مماثلة بين قسد والفصائل العربية الأخرى المتحالفة معها، محذّرةً من أن «الفشل في ذلك سيخلق مساحة للخصوم لتقويض مكاسب واشنطن التي حقّقتها بشقّ الأنفس».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى