الصحف

مطار بيروت إلى الواجهة مجدداً وصالون الشرف تحت المجهر

يبدو ان الكلام عن صفقات أو فضائح بات من الامور الطبيعية في زمن الفراغ والتهاوي، اذ كل يوم معلومات عن “صفقة” ما او “مافيا” ما، حتى ان لغة الإخبارات امام النيابات العامة باتت من المسائل الروتينية.

هذه المرة، العين مجددا على مطار بيروت الدولي. ففي الآونة الاخيرة كثرت الاخبار حوله، من امنه وسلامته الى امور الصيانة وقدرة الكادر البشري على الاستمرارفي العمل، مما يهدد مسألة تشغيل هذا المرفق الحيوي برمته. وبالامس، تحدث عضو “تكتل الاعتدال الوطني” النائب وليد البعريني عن صالون الشرف في مطار بيروت، قائلا: “ما يحصل في صالون الشرف غير مقبول وسأقدّم إخبارا للنيابة العامة”.

وما عزز “الشبهات” تصريح آخر للنائب فريد البستاني، بعد يومين من كلام البعريني، حول الموضوع نفسه، اذ اعتبر البستاني ان “خدمات صالون الشرف في مطار بيروت باهظة الثمن وكناية عن عملية نصب وابتزاز”. فما الذي يجري فعلا؟

يشرح البعريني لـ”النهار” ان “ثمة غياب رقابة تامة على كيفية صرف المداخيل العامة، اي المداخيل التي تأتي من صالون الشرف والتي يفترض ان تدخل الى الخزينة العامة للدولة، بشكل منظم”.

صفقات ونصب

منذ ما يقارب العام، بدأت تتكشف للبعريني معطيات عن ان ثمة “سرقات” تحوم في هذا المجال، ولهذه الغاية باشر جمع ملفه الذي سيذهب به الاسبوع المقبل الى النيابة العامة على شكل إخبار، بغية تبيان الخيط الاسود من الخيط الابيض، كما انه سيوجه سؤالا الى الحكومة عن الموضوع نفسه. يقول: “نريد ان نعرف بالفعل ما اذا كان هناك سرقات وصفقات. هذا دور القضاء. نحن جمعنا المعطيات وحتى الشكوك التي لدينا، وعلى القضاء ان يقول كلمته، لانه يبدو ان مفهوم السرقات يكبر في زمن الفراغ واللامسؤولية وانعدام الرقابة”.

عبر منصة “اكس”، سأل البعريني: “بأيّ منطق تتقاسم الدّولة رسم استعمال الصالون مناصفةً بينها وبين شركة “تاكسي” تعمل على نقل الرّاكب من الصالون إلى الطّائرة لمسافة لا تزيد عن 500 متر، مقابل 100 دولار أميركي، وتحصل الدّولة على 100 دولار مقابل استعمال صالون الشّرف؟”.

ولفت الى أنّ “هناك رائحة صفقة خلف هذا الموضوع يجب كشف تفاصيلها والمستفيدين منها”، مطالبًا رئيس لجنة الأشغال النيابية النّائب سجيع عطية بفتح هذا الملف، ومباشرة التحقيق فيه.

واذ رفض البعريني تسمية الاطراف او الشركات، تاركا المجال امام القضاء ليقوم بدوره، أكد لـ”النهار” ان “ثمة خللا فاضحا في هذا العمل، الامر الذي جعلنا نتحدث عن رائحة صفقات. ان الشخص الواحد يدفع 250 دولاراً، واذا كانا شخصين يدفعان 150 دولاراً أي أن الرحلة بأكملها كلّفت ٣٠٠ دولار. نحن نريد ان ندخل اموالا، لاسيما في هذه الفترة الاقتصادية والمالية الحرجة، وفي الاساس، من يستعمل صالون الشرف عليه ان يدفع، وباستطاعته اصلا ان يدفع، وإلا لَما استعمله، انما الموضوع الذي اثيره هو بالتحديد طريقة استفادة الخزينة العامة من هذه الاموال، وما اذا كانت بالفعل تستفيد من هذه الاموال، ام ان المبالغ تذهب في اتجاه آخر. هذا ما اريد ان اعرفه. ولهذا السبب، سنسلك مسار القضاء ليقول كلمته الفصل”.

ويضيف: “يبدو اننا نعيش في زمن انحلال الضمائر، وفي بلد خالٍ من الرقابة والقانون. لا رادع ولا محاسبة، مما يجعل الامور فالتة”.

وفي السياق نفسه، برز كلام لرئيس لجنة الاقتصاد الوطني والصناعة والتجارة والتخطيط النائب فريد البستاني. الذي قال: “خدمات صالون الشرف في مطار بيروت الدولي باهظة الثمن وكناية عن عملية نصب وابتزاز”.

وسأل: “من هي الشركة المشغّلة، وما هي شروط العقد ولماذا لا يتم لجم طمعها؟”، وناشد ايضا رئيس لجنة الاشغال والاعضاء متابعة الملف وفتح تحقيق.

شركتان وايصالات مفقودة؟

وفيما تكتم النائبان عن تسمية الشركات، فان من المعلوم ان هناك شركتين مرخص لهما: “شركة طيران الشرق الاوسط للخدمات الارضية” و”الشركة اللبنانية للنقل الجوي” اللتان تسددان للخزينة المبالغ المفروضة قانونا عند استعمال صالون الشرف.

وقبل عام تحديدا، اصدر وزير المال يوسف الخليل قرارا يتعلق بطريقة استيفاء بدل استعمال صالون الشرف، بعدما كان الرسم 500 الف ليرة لبنانية. وفي هذا القرار اعتُمد رسم 100 دولار للخزينة العامة، عند استعماله. وبعد رفع المبلغ المتوجب وتحديد الآلية، يفترض ان تقدم الشركات المعنية ايصالات عند كل استعمال لصالون الشرف. وهنا اصل المشكلة.

اذ وفق معلومات “النهار” ان هناك ايصالات لا تقدَّم، بمعنى انها قد تكون غير مطابقة لعدد المرات التي تمّ فيها فتح صالون الشرف، او بالاحرى صالونات الشرف، اذ ثمة 4 أو 5 صالونات تفتح عادة في مطار بيروت الدولي. وعندما تتقدم هاتان الشركتان بطلب فتح صالون الشرف تتم الموافقة عليه من رئيس المطار. وبعد الاستعمال، هل يتم تقديم الايصالات الصحيحة ام ثمة ايصالات مفقودة؟ بمعنى ان هناك مبالغ لا تدخل الى الخزينة ولا تسجل في خانة واردات الدولة. ربما هذا ما دفع البعريني الى القول: “الرقابة مفقودة”. وهو تحدث ايضا عن شركات تاكسي تأخذ الركاب من صالون الشرف الى الطائرات، وطرح اكثر من علامة استفهام حول عمل هذه الشركات والجهات المستفيدة وراءها والاموال التي تحصّل نتيجة هذا العمل والتي تبقى بعيدة عن دفاتر الخزينة العامة وصناديقها.

“النهار” حاولت مرارا، وعلى مدى ايام، الاتصال باحدى الشركتين المكلفتين الخدمات في صالون الشرف، والتي يحق لها اصلا فتح الصالون، لكن من دون جدوى.

اما على صعيد ادارة المطار، فقد اكدت معلومات “النهار” ان “لا شركات تاكسي تنقل الركاب من صالون الشرف الى الطائرات، وان ثمة قرارا واضحا منذ الـ2001 يحدد الشركات التي يحق لها فتح صالون الشرف والآلية وطريقة احتساب المبالغ، اي ان المطار يعمل وفق قرار تنظيم آلية فتح صالون الشرف لقاء بدل، وبالتالي فان شركة الخدمات الأرضية هي التي تتولى استقبال الشخصيات وايصالها من الصالون الى الطائرة وليست شركات تاكسي”.

… الآن، القضية باتت امام القضاء، فليقل كلمته، لان حجم ما يجري تناقله عن مطار بيروت الدولي بات اكبر بكثير من إدراجه في خانة “معلومات” او “صفقات” … “الشبكة” تكبر ولا بد من كلمة فاصلة وحقيقية … لان حجم الانهيارات لم يعد يحتمل… ام ان البلد برمته “طار”، فهل نتحدث عن مطاره؟!

المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى