التطمينات الخارجية تحت الاختبار
كتب عمر حبنجر وداود رمال في “الأنباء الكويتية”:
الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على وعده بالتشاور الدائم مع رئيس الجمهورية ميشال عون على صعيد تشكيل الحكومة، وقد تصدق السياسة المرنة للرئيس المكلف في إيصال التشكيلة الجديدة إلى مجلس النواب بالسرعة التي يتوخاها، إذا كانت المشكلة داخلية وحسب او حتى شخصية، بين الرئيسين عون وسعد الحريري فقط، أما اذا كانت جزءا من المشكلة الإقليمية الكبرى والدولية الأكبر، فعلى الدنيا السلام.
وهنا تصبح «التطمينات الخارجية»، التي تحدث عنها ميقاتي في خطاب ما بعد التكليف، قيد الاختبار، فيما مؤشرات التأليف لم تنسحب على اجواء التكليف، فالتيار العوني غير مشارك، وقد جدد رفضه الثقة بالحكومة وبرنامجها، بلسان ينضح حلاوة ودهاء.
هذا، وعلمت «الأنباء» ان اجتماع العمل الثاني الذي عقد بين عون وميقاتي أمس تخلله «تقديم ميقاتي الى عون لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية على المكونات الطائفية من دون اسماء ومؤلفة من 24 وزيرا».
وقالت مصادر مطلعة على اللقاء ان «الرئيسين سيعقدان اليوم الخميس اجتماع عمل ثالث للتوسع بالنقاش الذي لم ينته بعد، إذ ان رئيس الجمهورية أبدى ملاحظاته على تصور الرئيس المكلف على ان يتوسع بالملاحظات بعد درسها بما يتناسب والتوجهات المتفق عليها بينهما وهي حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين».
وأوضحت المصادر «ان الموضوع لا يقتصر على حقيبة بل التوزيع العام للحقائب الذي مازال محط أخذ ورد. وحقيبة الداخلية قد تكون العنوان الابرز لكن كل عملية التوزيع مازالت قيد البحث، لأن التغيير في أي حقيبة طائفيا ينسحب على كل الحقائب».
ويشكل موعد الرابع من آب مصدر أرق للقيمين على تشكيل الحكومة، ومثله مصير مؤتمر باريس لدعم لبنان المفترض ان يتمثل في حكومة فاعلة، وقد يكون للتطلعات الإصلاحية واللافسادية، زاوية في هذا الخضم، لكن ليس بالقدر الذي يتمناه شعب لبنان المعلق على جدار الأزمات.
في السياق ذاته، فإن التعفف الذي أبداه التيار الحر عن المشاركة في التشكيلة الحكومية طرح تساؤلات عما استجد حتى ينفض جبران باسيل يده من الحكومة واستتباعاتها، وهل حقا سيترك لميقاتي حرية التصرف؟
مصادر بعبدا أشارت إلى ما يشبه اطمئنان الفريق الرئاسي إلى أداء الرئيس المكلف، إذ بعد الاستشارات في مجلس النواب توجه ميقاتي إلى القصر الجمهوري وعرض مع الرئيس عون للنتائج، ثم قدم له تصورا لتشكيلة من 24 وزيرا، وزع فيها الحقائب من دون التطرق إلى الأسماء.
بيد أن النقطة الخلافية التي تلوح في الأفق تتناول توزيع الوزارات السيادية الأربع: الدفاع والداخلية والمالية والخارجية، وتحديدا الداخلية التي يصر عليها الرئيس عون وفريقه، بمعزل عن النفي والإنكار، تطلعا إلى دور هذه الوزارة في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو ما يمانع به ميقاتي ومن خلفه نادي رؤساء الحكومة السابقين الذين لا يأمنون على الانتخابات في ظل وزارة داخلية تحت مظلة التيار الحر، قياسا على ما فعل التيار في الوزارات التي بقبضته، وخاصة وزارة الطاقة، المتسببة بنحو 40 مليار دولار من الديون على الدولة، فضلا عن ان مثل هذا التغيير في موضوع الداخلية ممكن فقط في حالة المداورة الشاملة في الوزارات، فكيف للتيار ان يتمسك بوزارة الطاقة المنهوبة كل هذه السنوات، وإصرار ثنائي أمل وحزب الله على وزارة المال، ولا يجوز لنادي رؤساء الحكومة التمسك بوزارة الداخلية؟ كما يصر الرئيس عون على تسمية الوزيرين المسيحيين للحقائب السيادية، وقد ابلغ المعنيين انه لن يعطي لنجيب ما لم يعطه لسعد.
مصادر التيار الحر توقعت تشكيل الحكومة خلال ايام اذا واصل ميقاتي الأخذ والعطاء، اما اذا كان ينوي الاستمرار من حيث توقف الحريري، فقد يكون امام الموقف نفسه مجددا.
بعض الجهات السياسية تخشى ان يكون وراء تعفف باسيل المستجد خطوة ما للرد على التفاهم الذي تم على تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة من دون علمه المسبق، وربما من دون موافقته، عبر إفشال كل طروحات تشكيل الحكومة، بدليل رفضه تسمية ميقاتي ورفضه المشاركة بحكومته، وعدم التعهد بمنحه الثقة أمام مجلس النواب.