مقالات

هل يريد نظام الأسد عودة اللاجئين السوريين؟

كتب الدكتور أحمد أويصال:

بعد تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع نظام الأسد واستئناف مشاركة سوريا في اجتماعات جامعة الدول العربية، ارتفعت آمال حل الأزمة السورية. لكن المقابلة التلفزيونية الأخيرة التي أجراها بشار الأسد على قناة «سكاي نيوز عربية» أثارت التساؤل عما إذا كان نظام الأسد جاهزًا للحل الشامل، وخاصة ما يرتبط بمسألة عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا. هذه المسألة هي السبب الرئيس الذي يقف وراء تخفيف دول مثل الأردن وتركيا لموقفها من نظام الأسد. ولكن هل يريد الأسد وحلفاؤه حقاً عودة السوريين إلى ديارهم؟

بادئ ذي بدء، المشرفون على النظام السوري، بالتحديد إيران وروسيا، لا يسعون إلى إنهاء الأزمة السورية، لأن روسيا منشغلة بالحرب الأوكرانية، وتحاول إيران ترسيخ وجودها في المجتمع والاقتصاد والسياسة السورية. لا يملك أي منهما القدرة على تمويل إعادة إعمار سوريا حتى لو تم حل المأزق السوري. ولأن إيران تستخدم الوضع الحالي أيضًا لزيادة زخم مشروعها في المنطقة، إما عن طريق دفع بعض سُنّة سوريا لاعتناق التشيع بالصبغة الإيرانية، أو جلب الشيعة من أفغانستان أو باكستان وتوطينهم في سوريا، وبالتالي إيران ليس لديها مصلحة في عودة اللاجئين السوريين السُنّة حول العالم إلى بلدهم.

لا يشعر نظام الأسد بضغط حقيقي من الخارج، ولا يُظهر أي نية جادة لإعادة اللاجئين السوريين. ستكون تركيا والأردن ولبنان، حيث يتركز اللاجئون السوريون، سعداء للغاية برؤية عودة السوريين إلى سوريا. كما أن دول الخليج العربي قلقة من إنتاج وتصدير المخدرات التي تسبب الإدمان من سوريا. ولأن النظام لم يغير الكثير من أفعاله بعد التطبيع، نلاحظ تراجع الحماس لعودة نظام الأسد إلى الحضن العربي.

إن سوء سلوك نظام الأسد مثل الاعتقالات غير القانونية والتعذيب والاغتصاب والحبس والإعدام لا يزال يخلق عقبات أمام عودة مواطنيه. عاد بعض اللاجئين السوريين إلى سوريا من الأردن في عام 2021، لكنهم أخطأوا وتعرضوا لنفس الانتهاكات القديمة التي ذكرها التقرير ذائع الصيت لمنظمة»هيومن رايتس ووتش». وصادر النظام في الماضي أملاك العديد من الهاربين والمعتقلين والمحكومين، بما في ذلك منازلهم وأراضيهم وسياراتهم في سوريا.

يمكن للمرء أن يتساءل لماذا إذن تعلن الحكومة السورية بشكل دوري العفو العام ودعوة السوريين للعودة إلى الوطن؟

تُستخدم حالات العفو هذه كوسيلة دعائية للإيحاء بأن الأوضاع في البلاد طبيعية وان النظام يمكن الوثوق به، لكن تلك الدعوات لم تقنع السوريين بالخارج.

كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية بعنوان «أن تذهب إلى حتفك» نُشر عام 2021 أن 66 سوريًا، من بينهم 13 طفلاً، عادوا إلى سوريا من بلدان المهجر، بعد دعوات مختلفة للعفو صدرت من نظام الأسد، جميعهم تعرضوا للاعتقال والتعذيب والاغتصاب والإعدام.

تحاول تركيا إعادة توطين مليون لاجئ سوري في شمال سوريا بالتعاون مع قطر، من خلال بناء المنازل ودعم البنية التحتية الاقتصادية. لكن نظام الأسد رفض مشروع تركيا بإعادة اللاجئين السوريين إلى «المناطق الآمنة» على الحدود السورية، حيث زعم بيان وزير خارجيته أنه سيؤدي إلى تطهير عرقي.

لكنه لم يفسر كيف سيكون ذلك تطهيرًا عرقيًا.

من ناحية أخرى، فإن الميليشيات المدعومة من الخارج ومن المجتمعات الشيعية الأجنبية التي استقرت في المناطق السنية في سوريا ترهب أيضًا أي شخص يحاول العودة إلى مسقط رأسه.

إن مثل هذه الأعمال ترهب اللاجئين السوريين وتثنيهم عن العودة إلى سوريا.

من جهة أخرى، لا يملك نظام الأسد القدرة على استقبال اللاجئين السوريين بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا.

في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، اعترف بشار الأسد نفسه بفشله في رعاية السوريين وتوفير الخدمات لهم بقوله «خلال السنوات الماضية، عاد أقل من نصف مليون سوري بسبب الظروف الاقتصادية.

كيف يمكن للاجئين العودة بدون ماء وكهرباء ومدارس ورعاية صحية؟

« في الختام، فإن نظام الأسد لا يريد عودة اللاجئين السوريين وليس لديه القدرة على استقبالهم واستيعابهم ليعيشوا حياة كريمة في بلدهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى