إقتصاد

لماذا استدانة الرواتب من المركزيّ ومصادر دخل الخزينة مهملة؟!

بعد عملية الأخذ والرد في ملف رواتب القطاع العام، خرج وزير المالية يوسف الخليل من إجتماع ضمه الى حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في السرايا الحكومي أمس مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي ليعلن عن بذل كل الجهود ليتقاضى الموظفون رواتبهم كالمعتاد.

ولكن ماذا لو لم تفض هذه “الجهود” الى النتيجة المرجوة؟ فأيّ تأثير لدفع رواتب وأجور القطاع العام باللّيرة اللّبنانية؟ وما مصير الدولار في هذه الحالة؟

يقول رئيس دائرة الأبحاث والدراسات المالية والاقتصادية في بنك بيبلوس الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل لـ”المركزية” إنّ تسديد الرواتب بالليرة يعني عمليا ضخّ نحو 6 الى 7 تريليون ليرة لبنانية شهريا في السوق، فيما عمل مصرف لبنان من خلال منصة صيرفة، في الفترة الماضية، الى سحب جزء كبير من الكتلة النقدية بالليرة، واستطاع من خلال هذا الإجراء لجم المضاربة في سعر الصرف، وقلّص الهامش بين سعر الصرف في السوق الموازية وسعر صرف الدولار على منصة صيرفة”.

وأشار غبريل الى أنّ “ضخّ سيولة كهذه في السوق، قد لا يرفع تلقائيا سعر الصرف مباشرة، ولكن لا شيء محسوما لأنّ ذلك غير مقونن، ولا يخضع للرقابة وهو غير شفاف ويتحكّم به المضاربون وتجار الأزمات ومستغلو المحطات السياسية… لذلك يجب عدم اعطاء فرصة للمتربصين بالتلاعب في سوق الصرف”.

وعن المودعين الذين يعتبرون أن استمرار اعطاء الرواتب على منصة صيرفة يشكل مزيدا من الاستنزاف لودائعهم، أوضح غبريل أنّه، واذا ما راقبنا حجم التداول عبر صيرفة الذي بلغ في الأشهر السبعة الأولى من السنة 11 مليارا و 700 مليون دولار تقريبا، بينما تراجعت احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية مليارا و400 مليون دولار في الفترة نفسها، ما يدفعنا برأيه الى طرح السؤال عن الخيارات التي قد يتم اللجوء اليها وما اذا كانت ستترجم باستمرار استقرار سعر الصرف ودعم جزء كبير من العائلات في لبنان؟ أم اعطاء مجال للمضاربين بالتلاعب بسعر الصرف؟

يرى غبريل في السياق أن الخيارات لن تكون سهلة خصوصا أنّ أولويات المركزي هي الحفاظ على الاحتياطي بالعملات الأجنبية، اذ أن عدم توزيع المسؤوليات، وتحميل السلطة النقدية وحدها العبء، كما حصل منذ بداية الأزمة، حيث يحاول المركزي وحيدا سدّ الفراغات في ظلّ التشنجات السياسية التي أنتجت تعطيلا في المجلس النيابي الذي هو اليوم هيئة ناخبة والحكومة التي تحولت الى تصريف الاعمال منذ 15 شهرا وهي غير قادرة على اتخاذ قرارات، كلها عوامل تناقض مطلب صندوق النقد الذي طلب من السلطات التنفذية والتشريعية والنقدية في البلاد العمل سويا للبدء في تطبيق الاصلاحات.

ومن باب الاصلاحات المطلوبة يدخل غبريل في جوهر الأزمة وهي التقاعس في جباية الايرادات من قبل الدولة اذ أنّ الايرادات عندما تكون كافية فلا داعي للاقتراض من مصرف لبنان.

وهنا عرّج على أداء الحكومات المتعاقبة التي أهملت مصادر دخل الخزينة، ولجأت للاقتراض من مصرف لبنان وفرض رسوم وضرائب، وهو ما لحظه تماما مشروع موازنة 2023، حيث ناهز العجز الـ 19 في المئة من النفقات وترافق الأمر مع تحميل المكلف جبلا من الضرائب والرسوم.

وحدد غبريل بعض هذه المصادر: كوقف التهرب الضريبي، تفعيل الجباية، ضبط التهرب الجمركي والتهريب عبر الحدود في الاتجاهين، تطبيق القوانين، فرض ضريبة استثنائية على كلّ من احتكر وخزن وهرب السلع والمواد المستوردة المدعومة، فرض ضريبة استثنائية على المؤسسات التي سدّدت قروضها بالليرة اللبنانية أو عبر شيكات، الأملاك البحرية والنهرية…

وبالتالي يرى غبريل ضرورة اعادة فتح الدوائر المغلقة لأن اضراب الموظفين يضر بهم فالإيرادات التي تُدخلها الدوائر المغلقة مصدر أساسي لتمويل الخزينة. كلّ هذه الأمور تشكّل اشارات ايجابية كجزء من العملية الاصلاحية المطلوبة.

المصدر
المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى