الصحف

“مشهد مستفز”: مستشفيات تتقاضى بالدولار… والأمراض تتفاقم!

ليس من جواب وبلهجة تخلو من معاني الانسانية انه لا يمكن المعاينة او دخول المستشفى قبل تسديد مبلغ (٢٠٠) دولار اميركي للمباشرة في طبابة الوالد المريض الذي يئن من الوجع..

لم تنفع كل وسائل الاسترحام وكأن قلوب اداريي المستشفى جبلت من حجارة صوان..

مشهد مستفز عند ادارة احد المستشفيات، لكن برأي معظم المواطنين الذين اختبروا المستشفيات الخاصة في طرابلس والشمال، وكثير من المناطق، انه يتكرر يوميا، وتحصل اشكاليات بين اهالي المرضى وادارات المستشفيات، بحجة ان قدرات المؤسسات الاستشفائية منذ اندلاع الازمة المالية وانهيار الليرة اللبنانية باتت غير قادرة على الاستمرار، لا سيما اثر انخفاض السقوف المالية للمؤسسات الضامنة التي لم تعد كافية لتغطية نفقات الاستشفاء والطبابة.

وعلى هامش ازمة الاستشفاء، ان بعض المستشفيات لم توفر حتى التجارة بالدم، فاذا حصل تبرع بالدم لمريض، ولم يحتج اليه، تضاف كلفته الى فاتورة الاستشفاء بالرقم المالي المرتفع رغم عدم استعماله، وتحتفظ المستشفى به لتستفيد منه لدى مريض آخر، والحجة ان استيفاء ثمن الدم هو استيفاء للتحاليل والمختبر، والنتيجة ان بعض المستشفيات تخلت عن رسالتها الانسانية، لتنحصر في كونها مؤسسات تجارية ربحية هاجسها تجارة المرض والمرضى والدم…

لم يعد في البلاد ما يوحي بان رسالة الطب والاستشفاء هي رسالة الرحمة والانسانية. وحدهم الاثرياء يستطيعون الاستشفاء، اما الفقراء ومحدودو الدخل الذين لا يتجاوز راتبهم الخمسين او ستين دولارا فلهم الانين والاوجاع والضيم، ينتظرون من يحنو عليهم لينالوا الرعاية الصحية…

نصادف يوميا عشرات المرضى، يحتاجون الى عمليات، وامام هول المبالغ المالية وبالدولار، يئنون من الاوجاع وتتفاقم الامراض لديهم …

في بعض المستشفيات، الحد الادنى لابسط عملية جراحية، تتراوح بين ١٥٠٠ دولار الى ٢٠٠٠ دولار، والمريض الذي يحتاج الى عملية مصيره الموت المحتم ما لم يتوافر لديه المبلغ المطلوب، والمؤسسات الضامنة نفضت اياديها، فمن يداوي الفقير في لبنان الذي كان مقصدا للعرب الذين يفضلون الطبابة والاستشفاء في مستشفياته؟؟…

كثيرون في الشمال، تفاقمت امراضهم لعجزهم عن الطبابة او الدخول الى المستشفيات، ولارتفاع كلفة المعاينة، وغابت مكاتب ومؤسسات النواب التي كانت ترعى مئات المرضى وتسد نقصا وعجزا عن الدولة ومؤسساتها الضامنة، وترك الناس لقدرهم ومصيرهم في اشرس مرحلة قاتمة تمر على البلاد، باتت فيها الرحمة والانسانية عملة نادرة.

ويل للفقير اذا مرض واحتاج الى مستشفى، والى طبابة وادوية، فليس من رعاية دولة ولا احتضان له من مؤسسات ضامنة، وقصص المستشفيات مع المرضى احداث شبه يومية ولطالما تسمع الصراخ والعويل وتكسير بعض المستشفيات جراء الاشكاليات المالية…

برأي الناس، ان الدواء والاستشفاء شأن مقدس يفترض الا يمس به، لكن اركان الدولة بالغوا في رفع الدعم عن الدواء والغوا كل اشكال الغطاء المالي عن الاستشفاء، الامر الذي اعتبرته الاوساط كافة انه جزء اساسي من مؤامرة تمس حياة الناس وصحتهم، في غياب لوزارة الصحة التي عجزت عن اجتراح الحلول لازمة الاستشفاء والدواء.

المصدر
الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى