محلي

هل التحرك القطري تجاه طهران بداية إرساء لـ “مجموعة الخمس +1” وإن عن بُعد؟

لن يُصابَ الموفدُ الفرنسي جان – إيف لودريان الذي يصل إلى بيروت اليوم بـ «الدهشةِ»، وهو يرى بأمّ العين، بينما يستكمل مهمته «المستحيلة» في جولتها الثانية، كيف تحوّل ملف إدارة مرحلة ما بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 الجاري استحقاقاً يكاد أن يوازي في تعقيداته وربما يفوق بتأثيراته الشغور المتمادي في رئاسة الجمهورية منذ انقضاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر الماضي، بحسب “الراي الكويتية”،

فلودريان الذي يعود إلى بيروت بعد نحو شهر من جولته الأولى سيجد نفسه أمام أزمةٍ متفرّعة من «الأزمة الأم» التي يشكّلها الشغور الرئاسي، ولكن مدجَّجة بمخاطر أكبر في ارتداداتها المحتملة على مجمل الوضع اللبناني ولا سيما نقدياً ومعيشياً وربما أمنياً، ولا سيما بعدما باتت البلاد متعلقّة بـ «خيط رفيع» يفصلها عن التحلل الكامل الذي كان بدأ ينخر المؤسسات تباعاً ويُنْذر حالياً بـ «تفتيت» ما بقي من «صفائح رقيقة» قبل القعر… المميت.
وسيتسنّى للودريان الذي يدرك تماماً «الأعماق» التي من المرجّح أن تستقرّ فيها التايتنيك اللبنانية بحال استمرّ «الرقص فوق أشلاء» الدولة ومؤسساتها، أن يرصد النسخة الأحدث من تَقاذُف كرة الانهيار ومحاولات التبرؤ من «دم» الليرة عبر السعي إلى الحصول على «براءة اختراعٍ» جديدة لآلياتٍ تشرّع «إعدام» ما بقي من احتياطي في مصرف لبنان، وإلا لجأ نواب الحاكم الأربعة إلى استقالةٍ على طريقة «الجلوس على حافة النهر» أو على تلّة خشية أن تلفحهم «الغضبة» الداخلية – الأوروبية على سلامة والتي اتخذت طابع ملاحقات قضائية، وذلك بما يتيح لهم التهرّب من تحمُّل تبعاتِ ما سيكون وتَقاسُم المسؤولية بصيغة «تسيير المرفق العام» الأقرب إلى تصريف الأعمال عوض أن يكون النائب الأول (يتولى صلاحيات الحاكم بالوكالة) وسيم منصوري (الشيعي) منفرداً على «خط النار».

وأمهل النواب الأربعة للحاكم أمس، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والبلد ساعاتٍ يُرجّح أن تنتهي غداً كحد أقصى، فإما إقرار سلّة قوانين ضامنة تشكل «عُدّة شغل» لهم وبينها تشريع تمويل الدولة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي و«الكابيتال كونترول» وبتّ مصير «منصة صيرفة»، وإما استقالة جَماعية أعطى إشارتها رئيس البرلمان نبيه بري الذي نُقل عنه أن «فكرة التمديد التقني لسلامة أو حتى إعادة تعيينه أو تكليفه بتصريف الأعمال، كلها أفكار مستحيلة لا يمكن لأحد تحمّلها»، وأن «الأفضل استقالة النواب الأربعة وأن يتولوا تسيير المرفق لحين تعيين حاكم جديد ونواب جدد في مرحلة لاحقة».

وفيما كانت الحكومة تعقد أمس، أول جلساتها لمناقشة مشروع موازنة 2023 بكل آثاره المرتقبة على جيوب اللبنانيين، في ضوء الزيادات في الضرائب والرسوم على سلع وخدمات عدة ورفع دولار التحصيل إلى ما هو عليه وفق منصة «صيرفة» (85500 ليرة) عبر محاولة «توحيد سعر الصرف»، تقاطعت كل الأجواء المحيطة بزيارة لودريان لبيروت عند أنها لن تتيح أي اختراقٍ في المأزق الرئاسي «الباقي وسيتمدّد».

وتشير أوساطٌ سياسية إلى أنه بعد محادثات الموفد الفرنسي الموسعة في العاصمة اللبنانية في يونيو الماضي والتي كان فيها مستمعاً أكثر لمقاربة مختلف أطراف الأزمة لآفاقها وكيفية الخروج منها، ومستطلعاً فكرة حوارٍ حول الرئاسة و«أخواتها»، فإن الأفرقاء اللبنانيين هم مَن سيكونون هذه المرة في وضعية الاستماع لِما إذا كان في جعبة لودريان جديداً ينسجم مع خلاصات اجتماع «مجموعة الخمس» حول لبنان في الدوحة (في 17 الجاري) والذي رَسَمَ مساراً جديداً لآليات النفاذ من المأزق على قاعدةٍ ترتكز على «لبننةٍ» تراعي قواعد الدستور والانتخاب في البرلمان بعيداً من حوارات مسبقة قد تكون «على رأس الطائف» وتوازناته ومع تلويحٍ غير مسبوق بعقوباتٍ على مَن يمعنون في تعطيل الاستحقاق الرئاسي.

وفيما تستبعد الأوساط أن يكون أي طرح جديد تبلور في ضوء مناقشات وبيان «مجموعة الخمس» (تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) ما يجعل المسار الخارجي في مرحلة انتظارية كي يأخذ اللقاء الخماسي مداه ويصل السقف العالي الذي وضعه «لمَن يعنيهم الأمر» في الداخل والخارج ولا سيما فريق الممانعة بقيادة «حزب الله»، فإن الأوساط السياسية اعتبرت أن اندفاعة الحزب بوجه ما اعتبره «استقواء بالخارج واستجلاباً لعقوبات تجاه فريقنا يعقد الحل الرئاسي» يؤشر بوضوح إلى أن الحزب يتّجه لمزيد من التصلب خلف مرشحه «الوحيد» سليمان فرنجية رغم خسارته أفقه الخارجي الذي شكّلته الرافعة الفرنسية قبل رفْع شركاء باريس العرب والدوليين «بطاقة صفراء» بوجه ذهابها بعيداً في التفرّد بمبادراتٍ أفرطت في التسليم بحل على قاعدة موازين القوى المحلية وليس «قوة التوازن» ولو السلبي في البرلمان.

وكان لافتاً ذهاب رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد إلى مخاطبة خصوم الحزب بعدما رفضوا مراراً الحوار «الآن لن نقول لهم أي شي، فحين يريدون أن يحلوا مشكلة الاستحقاق الرئاسي نحن حاضرون ولا نقفل الباب، ومن الآن لن ندعوهم إلى حوار ولا إلى تفاهم».

«الخمس + واحد»!

في موازاة ذلك، استوقفت الأوساط نفسها زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي لطهران، حيث التقى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي أحمديان وعرض معه «علاقات التعاون الثنائي، وسبل تعزيزها وتطويرها، وعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك»، قبل أن يجتمع مع وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان ويسلمه رسالة خطية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني موجهة إلى الرئيس إبراهيم رئيسي، تتضمن دعوة لزيارة الدوحة.

وتساءلت الأوساط، هل محطة الخليفي، وهو رئيس الوفد القطري إلى اجتماعات «مجموعة الخمس»، هي بجانب منها في سياق بداية توسيع إطار المجموعة لتشمل «الزائد واحد» أي إيران وإن «عن بُعد»، مع ما سيعنيه ذلك من انطلاق مسار أكثر شمولية يتعيّن انتظار وقت قد لا يكون قصيراً لتبلور آفاقه وإمكانات توفير أرضية لممر آمن للبنان من أزمته المستعصية، رغم الانطباع الذي لم يتبدّل بأن جواب طهران أمس واليوم على كل مَن يراجعها في الشأن اللبناني «راجِعوا حزب الله».

في الأثناء، وفيما كان لافتاً لقاء ميقاتي على هامش أعمال المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة في روما، رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، فإنّ المخاوف لم تهدأ من المرحلة التي يدخلها لبنان ولا سيما ابتداءً من الأول من أغسطس كونها يمكن أن تُستثمر بأكثر من أداة وفي أكثر من اتجاه ضاغط في الملف الرئاسي.

المصدر
الراي الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى