الصحف

مهمة لودريان: بند وحيد التوافق على رئيس

يصل الموفد الشخصي الرئاسي جان إيف لودريان، ومعه مهمة محددة، كشف عنها بيان الخارجية الفرنسية، الذي تحدث عن ان زيارة لودريان الثانية تأتي «في اطار مهمة في التسهيل والوساطة، بهدف خلق الظروف المؤاتية للوصول الى حلّ توافقي لجميع الاطراف المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية». ومع هذه العودة يتحرك ملف الرئاسة في إطار النقاش مع زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي وفق لما أكدت عليه مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» مستبعدة أن تكون هناك مبادرة جاهزة طالما أن اللقاء الخماسي لم يطلق مبادرة محددة و ترك الأمر بيد الأفرقاء في الداخل.

وفي المعلومات ان مهمة لودريان المنسقة مع «المجموعة الخماسية» وخاصة مع المملكة العربية السعودية تنقل الى المسؤولين ورؤساء الكتل، لا سيما الرئيسين نبيه بري وميقاتي الاجواء الدولية والعربية، حول ضرورة انهاء الشغور بالملف الرئاسي اللبناني، وشخصيات اخرى ذات صلة.

وحسب المصادر الفرنسية المطلعة على المهمة، فإن «الحل التوافقي»، يعني التنازل لمصلحة مرشح ثالث، يمكن الاتفاق عليه. وبالتالي فإن المهمة لا ترتبط بتسوية تتضمن حكومة ووزراء وادارة، بل تقتصر على توفير التوافق حول شخصية رئيس ينتخب بالاتفاق ويكون خطوة ضرورية لاعادة تفعيل عمل سائر المؤسسات. وحسب المعلومات فإن لودريان سينقل للمسؤولين الذين سيلتقيهم ان الوقت لا يعمل لمصلحة البلد، الذي تحرص فرنسا على عدم تركه وحيداً، بدفع قوي من الرئيس ايمانويل ماكرون.

الى ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية أن انتخاب رئيس الجمهورية مرتبط بالمفاوضات السرية التي تجري في سلطنة عمان بين الأميركيين والإيرانيين، وهي لا تزال في بداياتها لأن النقاط الخلافية بين الفريقين كبيرة ومعقدة، ومن الصعب التكهّن بإمكانية التوصّل إلى حل في وقت قريب، وهو ما يدفع القوى الحليفة لإيران إلى التصلّب بمواقفها وورفض “حزب الله” لكل الأسماء المطروحة وتمسّكه بدعم فرنجية.

من جهة ثانية، قلّلت المصادر من قدرة لودريان على خرق الستاتيكو الحاصل، لكنها لم تستبعد حصول خرق ما على جبهة حارة حريك – ميرنا الشالوحي بعد اعادة فتح قنوات الحوار بين رئيس “التيار” النائب جبران باسيل وحزب الله الذي من شانه أن يحرّك المياه الراكدة سياسياً.

باريس جدّية: من جهة أخرى، اشارت “الجمهورية” الى ان اللافت في هذا السياق، تأكيد مصادر ديبلوماسية فرنسية على انّ مهمّة لودريان صعبة ودقيقة بالنظر إلى التعقيدات الكبرى في الداخل اللبناني، الّا انّها استغربت استباق زيارته العاصمة اللبنانية، بإشاعة سلبيات تفشّل هذه الزيارة قبل حصولها. وتحفّظت المصادر عمّا يمكن ان يطرحه الموفد الرئاسي من افكار ومشاريع حلول أمام القادة اللبنانيين، الّا انّها قالت لـ”الجمهورية”، “السيد لودريان يتحرّك وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، التي لا تزال قائمة، ومدعومة من دول الخماسية، وهو مكلّف ببلورة افكار من شأنها أن تساعد اللبنانيين في تحقيق انفراج في ازمتهم الرئاسية. بالتأكيد هو لا يحمل عصا سحرية، بل افكاراً مشجعة على الخروج من المأزق”.

على انّ اللافت للانتباه ما كشفته مصادر سياسية متابعة للحراكات الخارجية، بأنّ لودريان التي اشارت معلومات الى انّه سيصل الى بيروت اليوم، “لا يتحرّك على خط أحادي فرنسي، بل على أساس ما تقرّر في اجتماع الخماسية في الدوحة، في هذا الاجتماع اعتبر الفرنسيون انّ مخرج الأزمة الرئاسية في لبنان ممكن من خلال الطرح الفرنسي القائم على معادلة “رئيس جمهورية مقابل رئيس حكومة”، الاّ انّ هذا الطرح لم يعبر داخل الخماسية، التي يبدو انّ الرأي الغالب فيها هو الذهاب إلى خيار آخر غير سليمان فرنجية وجهاد ازعور، باعتبار انّ اياً منهما لم يحصل على الأكثرية النيابية المؤهلّة للفوز، خصوصاً في جلسة مجلس النواب الاخيرة، والأرجحية هنا لقائد الجيش العماد جوزف عون، وبالتالي فإنّ حراك لودريان المتجدّد في لبنان قد يصبّ في هذا الاتجاه”. السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة: إذاكان طرح “الخيار الثالث” هو جوهر زيارة لودريان، فهل سيتمكن من تمريره؟

مصادر معنية بالملف الرئاسي اكّدت لـ”الجمهورية” انّه “كما انّ المعادلة الفرنسية قد وجدت باريس صعوبة في تسويقها داخلياً وخارجياً، فهذه الصعوبة تنسحب بدورها على طرح الذهاب إلى خيار ثالث. فقد يجد طرح “الخيار الثالث” من يؤيّده في الداخل اللبناني، على اعتبار انّه المخرج الأمثل لأزمة رئاسية صارت بلا أفق، لكن ذلك ليس كافياً لترجمته، حيث انّ في مقابله جبهة اعتراض عريضة عليه، تمتد من “التيار الوطني الحر”، الذي جاهر علناً برفض المعادلة الفرنسية التي توخّت وصول سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وكذلك رفض وصول قائد الجيش الى الرئاسة، بالإضافة إلى ثنائي حركة “أمل” وحزب الله” اللذين اكّدا انّ التزامهما بفرنجية نهائي ولا تراجع عن دعمه، وهو ما تمّ إبلاغه صراحة للموفد الفرنسي في زيارته السابقة. ما يعني انّ لودريان إن كان آتياً بطرح الذهاب الى “خيار آخر، فهو طرح ساقط سلفاً ومهمّته فاشلة حتماً”.

ولكن ماذا لو اقتصرت مهمّة لودريان على التحضير لحوار رئاسي بين الاطراف اللبنانيين، قالت المصادر: “الحوار من حيث المبدأ هو الطريق الأسلم لمعالجة كل نقاط الخلاف والتباينات، ولكن في حالتنا فإنّ الحوار لكي يكون مجدياً ومنتجاً ينبغي ان يتوفّر له بداية العنصر الأساس لعقده، وهو إرادة الذهاب الى الحوار، وهذا ليس متوفراً حتى الآن، ولا يبدو انّه سيتوفر، حيث أن لا احد في الداخل يريد الحوار الذي يوصل إلى توافق على رئيس، بل كل طرف يريد حوار الغالب والمغلوب الذي يصبّ في النهاية في ايصال مرشحه حصراً الى رئاسة الجمهورية”.

ظروف قاهرة: وفي موازاة الأجواء السلبية التي تنعى مهمّة لودريان الجديدة، تتعاظم المخاوف من تدحرج الوضع الداخلي نحو مصاعب اكبر. واللافت للانتباه في هذا السياق ما نُقل عن سفير احدى دول الخماسية قوله ما مفاده، انّ “الحل متاح في لبنان وفق ما اكّدت عليه اللجنة الخماسية، لجهة أن يمارس اللبنانيون دورهم في انتخاب رئيسهم وفق مندرجات الدستور اللبناني، حيث انّ الوقت لم يعد يعمل لصالح لبنان، الدول الصديقة تشكّل عاملاً مساعداً للبنانيين في تجاوز أزمتهم، فقد ضاع الكثير من الوقت، ومع الأسف أضاع اللبنانيون الكثير من الفرص، والفرصة المتاحة حالياً امتحان جدّي للبنانيين، اللجنة الخماسية حدّدت الإطار الذي ينبغي ان يتوافق من خلاله اللبنانيون على إنجاز استحقاقهم الدستوري في اقرب وقت ممكن، فلبنان بلغت أزمته مستوى عالياً من الاستعصاء، والمراوحة في الاستعصاء لا ينتج عنها سوى مزيد من الاستعصاء الذي يُخشى في اي لحظة ان ينحدر الى خلق ظروف قاهرة قد يشهدها لبنان، يصعب معها اي حل، حتى لا اقول يستحيل أي حل”.

فلتان غير مسبوق: المخاوف التي عبّر عنها السفير العربي المذكور، تقاطعت مع قراءة شديدة التشاؤم للواقع اللبناني، عرضها مرجع سياسي لـ”الجمهورية” بقوله، انّ “أفق الحل الرئاسي مسدود بالكامل في الداخل، ولا نعوّل على أي حراك خارجي، ولهذا الانسداد تداعياته الحتمية، أخشى اننا نتخبّط اليوم في مرحلة انتقالية الى ما هو أعظم واسوأ، الدولة غير موجودة، وسلطاتها معدومة، وهذا يفتح الباب واسعاً على فلتان غير مسبوق على كل المستويات”.

وأعرب المرجع عن تخوّفه الكبير من الشائعات والترويجات التي بدأت تضخّها بعض الغرف السوداء في الايام الأخيرة، وتنذر بتوترات وارباكات سياسية ومصاعب اقتصادية وانهيارات نقدية مريعة، وقال: “في زمن القحط السياسي، يجب ان نتوقع كلّ شيء، أخشى اننا ذاهبون الى المجهول، الله يعين الناس”.

المصدر
الانباء الكترونية الجمهورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى