مقالات

اجتماع الدوحة: التنسيق الخماسي بوصلة لودريان

لم تعكس المعطيات المتوافرة لدى الافرقاء السياسيين حيال ما يمكن ان يخلص اليه اجتماع اللجنة الخماسية لدول “اللقاء الخماسي” في الدوحة اليوم من نتائج وتوجهات واضحة وموحدة حيال الازمة الرئاسية في لبنان تختلف عن “اللانتائج” التي افضى اليها الاجتماع السابق للجنة في باريس. ومع ذلك بدا ان ثمة فوارق بين الاجتماع السابق والاجتماع الجديد يمكن معها، بحسب ما تكشف مصادر ديبلوماسية مطلعة ومعنية لـ”النهار”، توقع “بعض الوضوح الإضافي” في مسار هذه اللجنة وما تعكسه من أجواء تتصل بمواقف دولها حيال الازمة اللبنانية الراهنة. فاجتماع اللجنة الجديد يأتي بناء على تحريك قطري، وهو امر يستبعد الا يفضي الى نتائج نظرا الى الديبلوماسية الاستباقية التي تتبعها قطر في التنسيق مع اطراف “الخماسي” تمهيدا لتوحيد الموقف اقله من الاطار العام الذي بلغته الازمة بما يوجب إعادة وضع اطار مبدئي تنسق عبره الدول الخمس توجهاتها وخطواتها للدفع نحو حث اللبنانيين على وضع حد للازمة بمساعدة الدول الخمس. وهذا يعني بحسب المصادر ان التنسيق بين الدول الخمس حول المقاربة اللازمة للتعامل مع الازمة لا يعني أي خوض في أسماء المرشحين ولا في الانخراط في ما يتوجب على الافرقاء اللبنانيين القيام به، على ما يحلو لبعض الافرقاء السياسيين ومعظم الاعلام في لبنان ان يتداوله في اطار توظيف داخلي ودعائي عبر الصراع السياسي والرئاسي الجاري. ولكن المصادر المعنية نفسها لمحت على نحو لافت الى ان الدور الفرنسي “السابق” قد يكون من الصعب استمراره كما كان بعد الاجتماع الخماسي الجديد الذي سيشارك فيه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والذي سيحظى حتما بتشجيع اللجنة على مهمته في لبنان، لكن بعد الاطلاع على طبيعة الاتجاهات التي سيحملها، كما سيطلع بدوره على نظرة الدول المشاركة الى الدور الممكن القيام به للدفع بتوازنات ديبلوماسية وسياسية تساعد على الحل ولا تعقد الازمة. ولذا سيكون مهما ترقب الخطوات التالية للموفد الفرنسي الذي سينقل الى الاليزيه نتائج لقاءاته في الرياض ومن ثم في اجتماع الدوحة التي ستكون بمثابة بوصلة لمهمته قبل القيام بخطوته اللاحقة نحو بيروت. ولم يفت المصادر الديبلوماسية المعنية ان تتجنب اسباغ التوقعات المضخمة على ما يلي اجتماع الدوحة اذ لم تشأ استباق الاطار التنسيقي الذي سيفضي اليه ولكنها رأت ان مسالك الحل لنهاية الازمة الرئاسية لا تزال تبدو حتى الان محفوفة بالتعقيدات المحلية والخارجية.

وعشيّة اجتماع ممثلي «لقاء باريس الخماسي» في ثاني اجتماع له بعد تشكيله في السادس من شباط الماضي في الدوحة، بدعوةٍ من الجانب القطري، توجّه السفير السعودي وليد البخاري أمس من بيروت الى الدوحة للمشاركة في اللقاء الى جانب المستشار في الديوان الملكي الوزير نزار العلولا الذي يترأس الوفد السعودي.

وفي معلومات “الجمهورية” ان الاجتماع المنتظَر سيضمّ أيضاً السفيرة الاميركية في بيروت دوروتي شيا الى جانب مسؤولين من وزارة الخارجية الاميركية والسفيرة الفرنسية آن غريو، الى جانب الموفد الرئاسي الخاص الى لبنان الوزير السابق جان ايف لودريان، لكن أي مصدر في السفارتين الاميركية والفرنسية لم يعلن رسمياً عن توجههما إلى الدوحة.

وقبل ساعات على اللقاء المنتظَر غابت المواقف الرسمية، ولم تنشر أيّ من وسائل الاعلام القطرية او اي دولة أخرى من أطراف المجموعة الخماسية أيّ خَبر عن الاجتماع سوى ما نُشِر عن انّ لودريان سيغادر الدوحة بعد اللقاء عائداً الى بلاده للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قبل ان يزور لبنان مجدداً في موعدٍ رَجّحته أوساط مهتمة ما بين 24 و27.

وفي غياب المعلومات بقيت السيناريوهات الخاصة بحصيلة مهمّته مَدار مجموعة من التكهنات غير المَبنية على أي معطيات ثابثة، ولذلك ما زالت الأوساط تتداوَل بما كان مطروحاً قبل «لقاء الدوحة الخماسي». وإن لم يؤدّ اللقاء الى مبادرة جديدة في شكلها ومضمونها وما يمكن ان تتناوله، فإنّ الحديث سيبقى عند مشروع طاولة الحوار التي سيدعو إليها لودريان ومكان انعقادها في ساحة النجمة ام في عين التينة او على ارض فرنسية في قصر الصنوبر ومن يترأسها لودريان او بري ؟

وعلمت «الجمهورية» انّ المجتمعين في قطر ستتجاذبهم وجهات نظر متضاربة حيال الاستحقاق الرئاسي، ما سيحول من دون خروجهم بموقف موحد. فالموقف السعودي ما زال مُحايداً فيما الجانب الفرنسي يتمسّك بمبادرته القائمة على معادلة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ونواف سلام رئيساً للحكومة مع احتمال القبول بتعديل اسم الاخير، فيما الحانبان الاميركي والقطري يميلان الى قائد الجيش جوزف عون، امّا الموقف المصري فهو في وَضعِ انتظار غير مهمل للموقف السعودي من جهة وللموقفين الاميركي والقطري من جهة ثانية، الأمر الذي سيمنع المجتمعين من التوصّل الى اتفاق، ما سيَدفعهم لِتَرك الامر لحوار بين الافرقاء اللبنانيين سيعمل لودريان على ترتيب انعقاده عند زيارته الثانية لبيروت بعد اجتماع الدوحة مباشرة او بعد تعريج الى باريس.

وعشيّة اجتماع الدوحة، كان لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تغريدة لافتة عبر تويتر، قال فيها: «على فكرة، أيّ تدخّل خارجي مرحّب به ليساعدنا، ومرفوض اذا اراد فَرض علينا خيارات لمصلحته؛ وأيّ حوار مرغوب اذا كانت النتيجة سريعة، ومَرذول اذا كان لإضاعة الوقت ولم يكن مربوطاً بأجندة واضحة وبزمنٍ محدّد والأهمّ بجَلسة انتخاب نهايته مهما كانت نتيجته… اذا نجح، الجلسة تجسّد التفاهم، واذا فشل، فديموقراطية التصويت تحسم الخلاف».

من جهته، تطرق رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، في كلمة له ضمن لقاء تخلّله عشاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إلى موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية، فقال: «تداولتُ مع صاحب الغبطة طويلاً في موضوع الإنتخابات الرئاسية، المسألة لا حَلّين لها وإنما حل واحد. وبكل صراحة «ما يعَزّبو قَلبُن»، وليتوقفوا عن الإنتظار والاستجارة بفرنسا والذهاب إلى قطر والقاهرة والعودة بعدها إلى لبنان. لهذه المسألة حل واحد بسيط طبيعي منطقي دستوري، وهو أن يقوم النواب في مجلس النواب بانتخاب رئيس».

المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى