مقالات

عون وسلامة في الإقامة الجبريّة!؟

مسؤولان، عسكريّ وماليّ، ممنوعان بحكم الأمر الواقع من السفر خارج لبنان. فمنذ إحالة رئيس الأركان أمين العرم إلى التقاعد في 24 كانون الأول 2022 لم يتمكّن قائد الجيش العماد جوزف عون من تلبية أيّ دعوة إلى الخارج أو السفر لأسباب خاصّة لأنّ رئيس الأركان هو الضابط المولج تولّي مهامّ “القائد” في حال غيابه.

في الواقع عدم تعيين رئيس أركان آنذاك، على أهميّة هذا الأمر وتأثيره المباشر على تقييد حركة قائد الجيش في ظلّ أخطر أزمة يمرّ بها الداخل اللبناني، شكّل الخطوة الأولى باتّجاه تمنّع حكومة نجيب ميقاتي عن إقرار أيّ تعيينات حتى الآن.
هكذا أُحيل المدير العامّ للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم إلى التقاعد قي 2 آذار من دون تعيين بديل عنه بالأصالة، فيما تفصل أسابيع قليلة عن نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظلّ معلومات مؤكّدة عن عدم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.

رُصدِت آخر رحلات العماد عون إلى قطر بالتزامن مع إقامة مباريات المونديال التي وُجّهت دعوة شخصية له ولعائلته لحضورها، لكنّها كانت فرصة أيضاً للقاء عدّة مسؤولين قطريّين في ظلّ دَفع الدوحة باتّجاه خيار انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.

يُفسِّر النداء الأخير للعماد عون جزءاً من الواقع المُربِك لقيادة الجيش، إذ هدفت دعوته إلى تعيين رئيس أركان إلى “تحريره” من واقع الإقامة الجبرية المفروضة عليه منذ كانون الأول الماضي إلى جانب وقوفه بوجه احتمال تسلّم الضابط الأعلى رتبة مهامّ قائد الجيش في حال إحالة عون إلى التقاعد في 10 كانون الثاني المقبل من دون وجود حكومة تقرّ التعيينات اللازمة إذا تمّ انتخاب رئيس للجمهورية.

لكنّ الإقامة الجبرية المؤقّتة المفروضة على قائد الجيش لا تقارَن بشيء مع الإقامة الجبرية “المفتوحة” التي تُحاصِر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي قد تبقيه “موقوفاً” على الأراضي اللبنانية لسنوات طويلة. فالحاكم ممنوع من السفر بموجب قرار قضائي دولي تُرجم من خلال إدراج اسمه على النشرة الحمراء للإنتربول بعد مذكّرتَيْ توقيف بحقّه صدرتا تباعاً في أيار الماضي عن الادّعاء الفرنسي ثمّ الألماني.
التحرّك الحكومي الوحيد الذي رُصِد بعد تصنيف سلامة “مطلوباً” للعدالة الدولية بموجب مذكّرات توقيف هي جلسة مجلس الوزراء في 26 أيار التي شملت مقرّراتها “تكليف وزير المال رفع تقرير دقيق يبيّن تداعيات الملاحقات الجارية خارج لبنان بحقّ حاكم مصرف لبنان على أدائه لمهامّه وانعكاس ذلك على أداء مصرف لبنان، وبالتزامن تكليف وزير العدل تقديم الرأي القانوني المناسب بشأن كيفية التعامل مع هذه المسألة من منظور قانوني”.
وفق معلومات “أساس” لم يقُم وزير المال يوسف خليل حتى الآن بـ “الفَرض الدقيق” الذي طُلِب منه والكفيل، إذا أُعِدّ بحيادية تامّة، بالتسبّب بخضّة ماليّة كبيرة بالنظر إلى النتائج الكارثية لمعادلة استمرار سلامة في إدارة دفّة السياسة الماليّة للدولة اللبنانية حتى الأيام الأخيرة لولايته. وما تجدر الإشارة إليه أنّ التقرير مطلوبٌ من موظّف سابق في مصرف لبنان، ما يزال يدين بالولاء الكامل لسلامة، وعُيّن لاحقاً وزيراً للملفّ بتوافق بين الحاكم والرئيس نبيه برّي.
أمّا لناحية وزير العدل هنري خوري فقد أدلى برأيه صراحة داخل مجلس الوزراء لناحية ضرورة إقالة سلامة، وتجاوب فوراً مع ما طُلِب منه، إذ أرسل كتاباً يفيد بما ينصّ عليه قانون النقد والتسليف لجهة وجود نائب الحاكم الأول الذي ينوب عن الحاكم في حال توقيفه.

تقاطع الوزير خوري في جلسة 26 أيار مع موقف نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي سبق أن أرسل كتاباً إلى الحكومة قبل الجلسة فنّد من خلاله “خطورة الشبهات والاتّهامات الموجّهة إلى سلامة وارتداداتها السلبية على السياسة النقدية والقطاع المصرفي، وعلى مصداقية الحكومة والمولجين بعملية الإصلاح والتفاوض مع المؤسّسات الدولية”، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر “يضع الحكومة برمّتها في دائرة المساءلة مع احتمال توقّف بنوك المراسلة عن التعامل مع مصرف لبنان”.

شدّد الشامي أيضاً على أنّ “الاجتهادات القانونية تعطي حكومة تصريف الأعمال صلاحية تنحية سلامة أو إقالته تحت عنوان العجلة والضرورة القصوى واستمرارية المرفق العامّ في ظلّ ادّعاء واضح من النائب العامّ التمييزي على سلامة وإصدار مذكّرة حجز على ممتلكاته في الخارج”.

وفق الكتاب الذي اطّلع عليه “أساس” استند الشامي إلى المادّة 19 من قانون النقد والتسليف التي تتحدّث عن “الخطأ الفادح في تسيير الأعمال”، وهو ما يشرّع استخدام مجلس الوزراء صلاحيّاته.

المصدر
ملاك عقيل - اساس ميديا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى