مقالات

الجيش تحت مجهر التطورات: انتخاب عون تقاطع اقليمي!

ثلاثة مواقف، سلطت الضوء مجدداً على الجيش اللبناني في موازاة حالة المراوحة السياسية التي تعيشها البلاد على طريق انتخاب رئيس للجمهورية.

الموقف الأول يتمثل باصرار الادارة الأميركية على دعم الجيش والتنسيق معه وهو ما تتقاطع عليه دول عديدة عربية وغربية.

الموقف الثاني يتظهّر بضغوط يمارسها اعضاء الكونغرس الاميركي على الادارة الأميركية لتخفيض نسبة المساعدات المقدمة للجيش ووصفه بأنه يتكامل مع حزب الله خصوصاً بالنظر الى التنسيق بينهما في موضوع الجنوب.

أمّا الموقف الثالث فيتجلى بما اعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن الأميركيين ربما يفضلون العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية.

تأتي هذه المواقف بالتزامن مع انسداد أفق الاستحقاق الرئاسي، ومع طروحات داخلية وخارجية تؤشر إلى وجوب الذهاب الى خيار التسوية والاتفاق على قائد الجيش وانتخابه.

التصويب على الجيش
في الموازاة، برزت، في اليومين الماضيين، تسريبات تصوّب على الجيش باعتبار أنه يتكامل مع حزب الله وأن الحزب يتعاون مع ضباط في المؤسسة العسكرية لاستخدام البنى التحتية العسكرية في المطار والقوات البحرية ليستفيد منها أمنياً وعسكرياً، ولكن اللافت ان هذه التسريبات أكدت ان ما يجري ليس بعلم قائد الجيش جوزيف عون.

يمكن للساحة اللبنانية ان تضج اكثر بمثل هذه الأخبار والمداولات في المرحلة المقبلة، وطيلة استمرار الشغور والخلاف بين الأفرقاء على انتخاب رئيس للجمهورية، وسط تضارب المعطيات والتقديرات ازاء مواقف كل القوى السياسية من ترشيح قائد الجيش وانتخابه.
أساس التضارب يبقى في ما يتلقفه او يستشفه البعض من الثنائي الشيعي. ويعتبر البعض أن رئيس مجلس النواب هو من أكثر المعترضين على ذلك ويضع مسألة تعديل الدستور كشرط أول لانتخابه. فيما آخرون يعتبرون ان حزب الله لا يضع فيتو على قائد الجيش ولكنه لا يزال عند ترشيح فرنجية، وغير مستعد حتى الآن للبحث بخيار آخر.

محاولة استدراج باسيل
جزء مما قاله بري للمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، يوضح خلفيات تمريرات رئيس المجلس لصالح قائد الجيش؛ اذ أكد بري للودريان أن الثنائي الشيعي يعمل على التفاهم مع باسيل والتقاطع معه في سبيل ايصال فرنجية. يعني هذا الكلام ضمناً قناعة بري بأن باسيل وبحال خُيّر بين قائد الجيش وفرنجية سيختار الأخير. يحاول بري استدراج باسيل بالضغط عليه، من خلال تسليف قائد الجيش مرسوم عمداء الـ ٩٤، والترقيات العسكرية الاخرى، بالاضافة الى البحث في تعيينات المجلس العسكري.

انتخاب قائد الجيش يعني حكما حصول تقاطع ضمني بين الثنائي الشيعي والقوات اللبنانية، خصوصاً ان سمير جعجع كان قد اعلن مسبقاً موافقته على السير به، فيما باسيل أعلن بوضوح أنه يرفض انتخابه. يطرح ذلك سؤالاً مشروعاً عما اذا كان الثنائي مستعداً للذهاب الى التقاطع مع جعجع على حساب باسيل، اي تقوية الأول على الثاني؛ وفق هذا الحساب يجب وضع كل هذه التكتيكات والمواقف في خانة الضغط على باسيل لاستدراجه في سبيل السير بخيار فرنجية. رسالة بري واضحة: “الأميركيون لا يعرقلون الانتخابات ويتعاطون مع من يتم انتخابه، ولكن بالنسبة إليهم هم يفضلون قائد الجيش.” يحاول بري تحذير باسيل من ان استمرار الفراغ واطالة أمده سيؤدي الى الذهاب نحو انتخاب جوزيف عون.

انتظار طويل للحظة تقاطع

يبقى أن خيار عون هو ابعد من الساحة الداخلية ومن مواقف القوى او حتى موقف حزب الله. مثل هذه التسوية لا بد ان تحصل بناء على اتفاق اقليمي كبير، قد يحدد مساراته الاتفاق الايراني الأميركي، على وقع تحريك المفاوضات بين الجانبين، سواءً بما يتعلق بالملف النووي، أو بالعمل في سبيل اطلاق سراح رهائن. كل ذلك يبقى مؤجلاً الى فترة سيكون فيها الانتظار طويلاً، لأن لبنان لا يحتل أولوية على كل جداول أعمال القوى الدولية. لكن لحظة انتخاب رئيس للجمهورية، قد تكون مشابهة تماماً للحظة تقاطع داخلية وخارجية بين قوى متناقضة أدت الى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وفيها تسقط كل العوامل الأخرى.

المصدر
منير الربيع - المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى