محلي

وزير المهجرين في دمشق: مهمة تثير “الشفقة” إلا إن تعهد بإعادة اعمارها؟!

في عز الاهتمام بالمهمة التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي في لبنان الوزير السابق جان ايف لودريان، وعلى وقع تنامي الازمات الداخلية أعلن اليوم عن توجه وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى العاصمة السورية دمشق، للبحث مع عدد من المسؤولين المعنيين بملف النازحين السوريين وبرامج اعادتهم الى بلادهم ، وفق خطة سبق له ان أعدها مع فريقه الحزبي من الحزب الديمقراطي اللبناني والتحضير للزيارة الرسمية التي سيقوم بها وفد وزاري تستعد حكومة تصريف الأعمال لتشكيله في وقت قريب.

لم تشأ المراجع المعنية بملف النازحين السوريين التعليق عبر “المركزية” على الزيارة، فهي لم تحمل اي مفاجأة وقد سبق الاعلان عنها اكثر من مرة منذ فترة غير قصيرة بعدا ادخلها أكثر من طرف حكومي وحزبي ممانع في البازار السياسي بعدما تفاقمت الخلافات من حولها. ولكنها ولاعطاء الزيارة حجمها الطبيعي فقد ربطتها بالتكتيك السياسي الذي يعتمده رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مواجهته المفتوحة مع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار وفريقه السياسي من التيار الوطني الحر كرد فعل على موقفه من آلية العمل التي اعتمدها ميقاتي في إدارة شؤون الحكومة منذ نهاية عهد الرئيس العماد ميشال عون على اكثر من مستوى.

وعليه قالت المصادر السياسية والوزارية التي واكبت تلك المرحلة بتفاصيلها المملة، ان ما يجري على هذا المستوى والمستجدات التي طرأت على آلية العمل في معالجة الازمة يثير الشفقة والاسى لمجرد وضع هذا الملف بيد وزير المهجرين غير المعني أصلا بكل ما يتعلق به. وردت وقائع ما يجري الى “المصالحة” المفاجئة التي لجأ اليها ميقاتي مع شرف الدين بعد قطيعة استمرت لأشهر عدة عزل خلالها الأول وزيره نهائيا وحرمه من المشاركة لفترة في اعمال اللجان الوزارية على وقع حملات اعلامية شرسة تجاوز فيها شرف الدين – بلغة لم يعهدها احد من قبل – كل أشكال العلاقات الطبيعية واللياقة والإحترام الواجب قيامهما بين أي وزير ورئيس حكومته بعدما جند لها عشرات المؤتمرات الصحافية والاطلالات الاعلامية بما حملته من اتهامات غير مسبوقة.

وتضيف المصادر ان ما انتهت اليه المصالحة بين الرجلين، وضعت كل هذه المواقف وما رافقها من توتر جانبا وكأنها لم تكن، وكل ذلك بهدف ضمان ميقاتي النصاب القانوني لجلسات الحكومة في مواجهة المقاطعين عموما قبل الافادة من هذه العودة في المواجهة المفتوحة مع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار المكلف بملف النازحين كجهة مسؤولة عن كل أشكال العلاقات الواجب قيامها بين جهاز حكومي والمنظمات الاممية والاقليمية الدولية التي تتعاطى بملف النازحين بمختلف وجوهه المادية والمعنوية كما على مستوى السياسات العامة الواجب اعتمادها في سبيل التخفيف من آثار النزوح على البنى التحتية ومختلف وجوه حياة اللبنانيين وتحديدا المجتمعات المضيفة لهم وخصوصا انها كانت وما زالت بمعظمها تعيش اسوأ الظروف الاجتماعية وهو ما تسبب بفوارق لا يمكن ان يتحملها اي مجتمع مضيف.

لم تكن هذه الخلفيات بوجهيها السياسي والحكومي السبب في قراءة مهمة شرف الدين الجديدة – القديمة فقد سبق له ان توصل ومعه فريق من الحزب اللبناني الديمقراطي أن وضع خطة لاعادة النازحين بالتنسيق والتعاون مع مسؤولين من النظام السوري ولم تنل اي رعاية رسمية لبنانية عندما كان الملف في مكان آخر . وما زاد من التعقيدات المحيطة بالملف تكليف ميقاتي وزير الخارجية عبد الله بو حبيب مهمة ترؤس الوفد اللبناني الى مؤتمر بروكسيل السابع الذي خصص لمستقبل سوريا والنازحين في دول الجوار والعالم فابعد الإثنين حجار وشرف الدين عنه لاسباب ما زالت مجهولة ردها البعض إلى اسباب منعت ميقاتي من التوجه الى بروكسيل دون اي تفسير لها. والأسوأ ان بوحبيب شارك في المؤتمر في ظروف صعبة فهو كان بمواقفه التي اتخذها في مؤتمرات عدة عقدت في أوروبا كما في بيروت تجاه بعض الحكومات الاوروبية وهو بات على خلاف كبير مع عدد من سفرائهم وهو ما انعكس على شكل ومضمون مشاركته في المؤتمر عدا عن المواجهات التي اضطر الى خوضها مع كبار المسؤولين وأبرزهم الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد جوزف بوريل ونظرائه من وزراء دول اوروبية أخرى بطريقة لم يكن احد قادر على اخفاء تردداتها الخطيرة في لبنان كما في اروقة المؤتمر .

عند هذه المؤشرات توقفت المراجع المعنية عند زيارة شرف الدين الى دمشق وسألت سلفا عما يمكن القيام به في هذا الملف الذي تم ربط اي خطوة ايجابية يمكن تحقيقها بشأنه بالحل السياسي البعيد وبولادة الدستور الجديد المتعثر في سوريا كما بالنسبة الى اعادة الاعمار. والى هذه المعطيات فإن النظام السوري الذي عاد الى “الحضن العربي” في ظروف ما زالت ملتبسة على الكثير من الأوساط السياسية الديبلوماسية اللبنانية والعربية والدولية، لم يعد يعطي الاهمية كما في السابق لملف عودة النازحين في ظل المعالجات الجارية لدعم النظام وترميم علاقاته بالدول العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربي توازيا مع علاقاته المميزة بإيران.

وعليه لا يخفى على احد، ان النظام السوري يبحث بكل جدية عما يمكن ان يؤدي الى اعادة الاعمار وإحياء المؤسسات الحكومية التي انهارت بفعل ما تركته الحرب المستمرة من تدمير وتهجير غير من ديمغرافية الدولة ومناطقها منذ اثنتي عشرة سنة قبل التفكير بمجرد اعادة النازحين من دون ان يتجاهل احد ما يطالب به لقاء الحرب التي اعلنها على مصنعي وتجار المخدرات ومصدريها إلى دول العالم. وكل ذلك يجري على وقع غض النظر عن عمليات العبور اليومية على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا على خلفية استيفاء الدولارات الفريش من العابرين وتسهيل نقل الباقي مما يتقاضاه النازحون من مبالغ مالية من مؤسسات الأمم المتحدة تضخ في السوق الداخلية.

على هذه الخلفيات وبناء لمعطيات أخرى لا مجال للتوسع فيها تنتهي المصادر لتصف مهمة شرف الدين في سوريا بالدعائية التي يمكن ان توفر الدعم الخارجي للنظام وتبييض صفحته في تعاطيه مع ملايين السوريين المهجرين الذين باتوا خارج أراضيهم إلا في حال كان يمتلك مشروعا لاعادة إعمار سوريا وهو ما ليس بعلم لا رئيس الحكومة ولا اي فريق لبناني آخر كما على مستوى المنطقة والعالم.

المصدر
المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى