مقالات

الرئاسة أمام محطتين!


وسط الأجواء التي سجّلتها الساعات الأخيرة المتمثلة بلقاء القمّة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والبيان المشترك الذي صدر إثرَ اللقاء، كما زيارة وزير الخارجية السعودي الى إيران ناقلاً دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الإيراني لزيارة السعودية، فإنَّ كلّ هذه التطورات تؤشر بوضوح الى أنَّ ما بعد 14حزيران ليس كما قبله، وخاصةً بالنسبة للبنان لأنَّ أسهم الحوار والتفاهم بدأت تتقدم على أسلوب الغلبة والتحدي الذي رافقَ الجلسة الـ 12 لانتخاب رئيس الجمهورية والتي خلصت إلى النتائج المعروفة، وبالتالي عدم قدرة أيّ فريق سياسي على إيصال مرشحه لسدة الرئاسة.

في ظلّ المعطيات الأخيرة، فإنَّ الحوار الحقيقي الذي جدد الدعوة إليه أمس رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط يبقى السبيل الوحيد للوصول الى توافق داخلي يؤسس لمسار إصلاحي يؤول إلى الاستقرار العام، وإطلاق مسيرة التعافي والتنمية المستدامة، معتبراً أنه من غير الجائز هدر الوقت بطروحات تحرف الأنظار عن الحاجة الملحة لوقف تآكل المؤسسات ومعالجة الأزمات المعيشية والصحية والإنسانية التي تواجه الوطن وأبنائه.

وفي المواقف من قمة ماكرون وبن سلمان وزيارة وزير الخارجية السعودي الى إيران وانعكاس هذه التطورات على لبنان، اعتبر مسؤول التواصل والإعلام في حزب القوات اللّبنانية شارل جبور أن لبنان كان جزءاً من النقاش بين ماكرون وبن سلمان، وهذا ما عكسه البيان الذي صدر عن الرئاسة الفرنسية عقب اللقاء الذي تضمن إشارةً واضحة بضرورة الإنهاء السريع للفراغ في سدة الرئاسة بما يشكل من عقبة أمام عودة الأمان والاستقرار للبلد.

جبّور وفي حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية رأى أن مجرد أن يبحث الإتفاق السعودي الايراني وانعكاسه الاقليمي كمدخل للاستقرار في لبنان يجب أن يؤدي إلى رئيس لا غالب فيه ولا مغلوب، ويجب أن يرسي توازناً وليس غلبة لفريق على آخر، مضيفاً أنَّ “باريس وبعد تجربة دامت لأشهر، باتَ من الواضح أنها تراجعت عن مبادرتها، وهي أمام واقع جديد”.

واعتبرَ جبّور أنَّ “من الواضح بعد ما أُقفلت المساعي الداخلية نتيجة إصرار فريق الممانعة على رفض الجلسات المفتوحة حتى انتخاب الرئيس، نجد أنَّ هناك تقاربا سعوديا – إيرانيا يقابله دفع أميركي- فرنسي سيؤدي حتماً الى إنهاء الشغور الرئاسي، وبذلك تكون فرنسا قد تراجعت عن مواقفها السابقة، وإيران هي إحدى الدول المعنية، وفي هذه الحالة نكون فعلاً قد دخلنا في مرحلة إنهاء الشغور من الباب الخارجي، لأن ما حصل في قمة باريس وضع الاستحقاق الرئاسي أمام محطتين: التقدّم من قبل فريقنا على فريق الممانعة بعدما أظهر أنه عاجز عن إيصال مرشحه للرئاسة، والاعتراف أن الجلسة الأخيرة كانت مفصلية بدليل عدم تغييب لبنان عن القمة الفرنسية وزيارة وزير الخارجية السعودي الى إيران”.

وختم جبّور لافتاً إلى أنَّ كل هذا الحراك لا بد أن يؤدي باتجاه رئاسة لا غالب فيها ولا مغلوب، مذكراً بشرط حزب الله، إمّا مرشحي أو الفراغ، أمّا الآن فسيضطر الأخير إلى التراجع لأن إيران ستطلب منه ذلك، وبالتالي فإنَّ كل هذه التطورات ستؤدي حتماً الى عودة الدخول القطري والدور المصري والسعودي – الإيراني من جهة والسعودي – الفرنسي من جهةٍ أخرى، فنكون أمام نتيجة فحواها ان تطلب إيران من حزب الله التراجع عن شروطه، لأن مشروع الغلبة ترفضه السعودية، وعند ذلك لا يستطيع حزب الله ان يقول لإيران انه مستمر بشروطه”.

إذاً، الملف اللّبناني حاضر دولياً، بانتظار بلورة المستجدّات على الساحة الإقليمية، لتُساعد في إنتاج تسوية الاستحقاق الرئاسي، والمضي برئيسٍ جديد ينتشلُ لبنان من أزماته ويعيدُ الأمل في مستقبلٍ أفضل لأبنائه

المصدر
الانباء الكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى