الحلبي “يرفع العشرة”: سلامة والحكومة واليونيسف يطيحون بالامتحانات
لم يكن يكفي الأساتذة بمختلف مسمياتهم (ثانوي، ابتدائي، مهني، وجامعي)، عدم شملهم بالتعويضات التي أقرتها الحكومة لموظفي القطاع العام، عن شهر حزيران. ولا عدم توافر اعتمادات مالية لصرف تعويضات عن شهر أيار. ولا عدم تمكن وزير التربية عباس الحلبي من تأمين تمويل الحوافز الدولارية عن شهر نيسان.. لم يكن يكفيهم كل ذلك، ليأتي قرار حاكم مصرف لبنان بصرف رواتب الموظفين العموميين على سعر صيرفة المعمول به أي 86,300 ليرة لبنانية، وليس على سعر 60 ألف ليرة مثل الأشهر الفائتة.
مقاطعة الامتحانات
توافرت كل معطيات الإطاحة بالامتحانات الرسمية، لا سيما بعد القرار الغريب المتعلق بصيرفة، تقول مصادر مطلعة في وزارة التربية. كأن هناك جهات سياسية تريد تحريك الشارع من خلال إقفال جميع الإدارات، وليس دفع الأساتذة إلى الشارع وعدم المشاركة في الامتحانات الرسمية.
حاول وزير التربية تمرير العام الدراسي، أو ما تبقى منه، بالفرض والقوة، بعدما فشلت محاولاته لتأمين الأموال لدعم الأساتذة. نجحت الضغوط في إعادة إطلاق التعليم في الشهر الأخير من العام الدراسي. لكن يبدو أن الوزير بات قريباً من “رفع العشرة” والاستسلام، بما يتعلق بعدم تمكنه من إجراء الامتحانات الرسمية.
عاد الأساتذة إلى التعليم رغم يقينهم بعدم حصولهم على غير الوعود، لكن قرار رياض سلامة حول صيرفة فجر غضبهم من جديد. ووفق مصادر “المدن” تتجه روابط المعلمين إلى إعلان العصيان ومقاطعة الامتحانات الرسمية.
عدم تعليم السوريين
وتضيف المصادر، عقدت رابطة التعليم الأساسي يوم أمس اجتماعاً ساخناً، تخلله خلافات عميقة حول الواقع المزري الذي يعيشه الأساتذة. وكادت الرابطة تنفجر لولا التوصل إلى قرارات تصعيدية، تمثلت بالدعوة إلى مقاطعة الامتحانات، ووقف جميع الأعمال الإدارية، وعدم إصدار نتائج امتحانات النهائية، ووقف إعطاء الإفادات، ووقف فوري لتعليم طلاب فترة بعد الظهر، أي الطلاب السوريين. وذلك للضغط على منظمة اليونيسف. إذ تبين أن اليونيسف دعمت صناديق المدارس التي يتعلم فيها الطلاب السوريون بمبالغ تزيد عن عشرين ألف دولار، فيما لم تدعم صناديق المدارس التي لا يوجد فيها تعليم بعد الظهر.
لم يصدر أي بيان رسمي عن رابطة التعليم الأساسي، في انتظار تنسيق الخطوات مع باقي الروابط، تقول مصادر مطلعة على مداولات الهيئات الإدارية لروابط المعلمين (ثانوي ومهني وتعليم أساسي). وأكدت المصادر أن هناك بياناً سيصدر مساء اليوم، سيعلن فيه الخطوات التصعيدية المتمثلة بمقاطعة الامتحانات الرسمية، ووقف الأعمال الإدارية لمنع إصدار نتائج الامتحانات النهائية. هذا فضلاً عن عقد اجتماعات مع رابطة موظفي الإدارة وروابط المتقاعدين، لاتخاذ مواقف موحدة لإعلان العصيان في الشارع.
لا تمويل للمهني
فورة الأساتذة تتزامن مع عدم توفر أموال الامتحانات الرسمية من منظمة اليونيسف بعد. نظرياً وافقت اليونيسف، وستدفع في نهاية المطاف، لكن ليس كل المبلغ الذي رفعته وزارة التربية. فهي لا تمول الامتحانات الرسمية للتعليم المهني. ما دفع الوزارة إلى رفع كلفة ميزانية الامتحانات في محاولة لدفع تعويضات للتعليم المهني. هذا فضلاً عن قيام وزارة التربية بإعادة احتساب التعويضات من جديد، لتوزيع البدلات على المشاركين في أعمال الامتحانات. ما أدى إلى مشاكل في هذا الشأن.
أما تفاقم الأمور، فكان بسبب عدم تلقي المتعاقدين بدلات الإنتاجية وتعويضات بدل النقل. فهناك ثغرة قانونية حالت منذ العام الفائت دون تلقي بدل النقل. وهذه الإشكالية أكثر عمقاً في التعليم المهني، الذي يقوم على هيئات تعليمية بغالبيتها من المتعاقدين. فهم لم يتلقوا بدل أتعابهم منذ بداية العام. ولم يحصلوا على بدل إنتاجية عن شهري آذار ونيسان ولم يتلقوا إلا جزء بسيط من متأخرات بدل الإنتاجية (البعض قبض عشرين دولاراً عوضاً عن مئة دولار حددتها الوزارة). وإضافة إلى ذلك، لم يتلقوا تعويضات بدل نقل، ورفضت اليونيسف تمويل الميزانية التي رفعتها مديرية التعليم المهني، لدفع تعويضات للمشاركين في أعمال الامتحانات الرسمية.
زوبعة بفنجان الروابط
تعقدت الأمور وباتت الامتحانات الرسمية مهددة. لكن ذلك لا يعني أن “التسخين” الحالي لا يعدو إلا كونه ضغوطاً مؤقتة لصرف الرواتب على سعر ستين ألف ليرة للدولار، وممارسة ضغوط على اليونيسف بما يتعلق بتمويل الامتحانات.
ويقول الأساتذة المعارضون للروابط إن كل ما يصدر عن الروابط “زوبعة في فنجان”. فالأساتذة فقدوا الثقة بالروابط وبكل ما يصدر عنها، وعادوا إلى التعليم على أمل الحصول على حفنة دولارات من الحوافز الموعودة (125 دولاراً بالشهر)، ليتبين أنها منتقصة وغير كاملة. ففي شهر آذار لم يعلم أكثر 15 بالمئة من الأساتذة الطلاب، أي أن الوزارة كانت بحاجة إلى تمويل حوافز لـ15 بالمئة من المعلمين، ولم تتمكن من دفع الحوافز كاملة. وها هي الوزارة عاجزة عن دفع حوافز شهر نيسان رغم أن عدد الممتنعين كان يفوق الخمسين بالمئة من الأساتذة. فكيف كانت ستدفع الوزارة الحوافز فيما لو عاد كل الأساتذة إلى التعليم؟ جل ما في الأمر أن الوزارة لا تملك إلا الوعود. وكشفت الوقائع زيف تلك الحوافز.
ويضيفون أن تلويح روابط المعلمين بالتصعيد أتى نتيجة الغليان الذي يعيشه الأساتذة، الذين رفضوا بغالبيتهم المشاركة بالامتحانات الرسمية. وبالتالي، استلحقت الروابط نفسها لإعلان مواقف تصعيدية بعد انتهاء العام الدراسي. وجل ما سيحصل أن الضغوط التي يمارسها موظفو القطاع العام قد تفضي إلى اعتماد سعر صيرفة بستين ألف ليرة من جديد. وتعود الروابط وترضخ، لتمرير الامتحانات الرسمية.