مقالات

نجار: على القضاء اللبناني أن يفصح عن توجهاته في ملف رياض سلامة

مازالت قضية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة تتصدر المشهد في لبنان بعد عاصفة الاتهامات التي طالته ووضعته في موقف لا يحسد عليه، فبعد مسيرة حافلة على رأس السلطة النقدية نال فيها أرفع الأوسمة كأفضل حاكم مركزي، بات متهما بقضايا فساد وتزوير وغسيل الأموال والاختلاس. وتطورت قضيته بعد أن صدرت بحقه مذكرة توقيف فرنسية ثم انضمت اليها ألمانيا، بعد أيام فقط من إصدار الانتربول نشرة حمراء بإدراجه على قائمة المطلوبين.

وفي لبنان أصدر القضاء اللبناني قرارا بمنع الحاكم المركزي من السفر وحجز جوازي سفره اللبناني والفرنسي بعد جلسة استجواب أمام المحامي العام التمييزي الذي استمع الى سلامة في ملف الادعاء الفرنسي ضده. في وقت شكلت قضيه سلامة إرباكا لدى المرجعيات السياسية والقضائية وتوزعت المواقف بين دعوة الحاكم الى التنحي والإقالة وتحذيرات من الإبقاء علية في موقعه.

فما هو مصير رياض سلامة بعد مذكرة التوقيف الدولية وقد أضحى شخصا مدعى عليه وملاحقا بتهم خطيرة جدا والتي ينفيها جملة وتفصيلا، ويطالب بمحاكمته في لبنان؟ وماذا عن الملفات القضائية في لبنان، وكيف سيتحمل القضاء اللبناني مسؤولياته في هذا الملف؟

أسئلة توجهنا بها الى وزير العدل الأسبق البروفيسور ابراهيم نجار الذي رأى في تصريح لـ الأنباء» أن هناك خطأ شائعا وهو خلط ومزج الملاحقات خارج لبنان بما هو حاصل داخل لبنان، وفي المبدأ القوانين الأجنبية هي قوانين نابعة من السيادة الوطنية الأجنبية ولا تسري مبدئيا في لبنان، وكذلك القوانين الجزائية اللبنانية هي عبارة عن ترجمة السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية ولا تتجاوزها الى الأراضي الأجنبية، وهذا ما يسمى بالمفعول الجغرافي على الأراضي اللبنانية للقوانين الجزائية.

وأشار نجار الى أن هناك بعض الاستثناءات، فمثلا قد يجوز للقضاء اللبناني أن يحاكم لبنانيا لجرم تم اقترافه خارج لبنان، لكن هذا يفترض أن القانون اللبناني يعاقب على هذا الجرم وهذا كله غير واضح ولا نعرف حتى الآن ما إذا كانت الجرائم المنسوبة الى رياض سلامة في الخارج هي جرائم يحاكم عليها حسب القانون اللبناني في لبنان. ونحن ليس لدينا أصول للملف في مضمونه وفي أساسه.

وتابع نجار: أن لبنان من حيث المبدأ لا يسلم رعاياه الى الخارج كما حصل بالنسبة للسيد كارلوس غصن الذي لم يسلمه الى السلطات اليابانية وتم إلزام غصن بإعطاء جوازات سفره الى السلطات القضائية اللبنانية ومنعه من السفر، وهذا ما حصل مع حاكم مصرف لبنان.

ويلفت نجار الى أن كل قضاء يجب أن يقول كل ما ينسبه الى حاكم مصرف لبنان، فمثلا صدرت قبل أيام مذكرة توقيف غيابية وعممت، وكل ما عرفناه أنه لم يتبلغ ولم نعلم شيئا في الأساس، لذلك كل هذه العملية تحتاج الى تنقية وتوضيح من القضاء الأجنبي.

وأكد نجار أن ملف حاكم المصرف المركزي يتميز بضبابية شديدة، وتحيط به هالة كثيفة من الاتهامات المنسوبة اليه، في حين أن الرأي العام يحتاج الى وقائع وإثباتات ودلائل وشواهد، وحتى الآن لم نعرف بماذا لبنان يتهم سلامة، وأنا أتمنى لو كانت مثلا النيابات العامة قد أظهرت أين يوجد تهريب أموال أو صفقات ناتجة عن سوء استعمال السلطة، كما أنا تواق أن أعرف أين ذهبت أموال المودعين، كما كلنا بحاجة أن نعرف كيف يمكن أن يكون حاكم مصرف خالف القوانين الإلزامية اللبنانية. وهذه كلها على القضاء اللبناني في مرحلة من المراحل أن يفصح عن توجهاته في ملف رياض سلامة.

وأكد نجار أنه طالما لم يصدر حكم بحق رياض سلامة نكون قد بقينا في مرحلة التحقيق ويبقى في منصبه مؤقتا.

ولفت نجار الى أن الحكومة هي السلطة التنفيذية ولا يحق لها التدخل بالسلطة القضائية ولا تعطيها أوامر، وعندما تنتهي السلطة القضائية عندها تتحمل السلطة التنفيذية مسؤولياتها، وهنا أتحدث بالقانون. إنما في السياسة فإن الشخص الوحيد الذي تحدث بشكل مسؤول هو وزير الداخلية وهو رجل قانون وقاض جزائي وقال «إنه اذا صدرت قرارات بتوقيف رياض سلامة نوقفه، ولكن حتى الآن لم يصدر قرار من هذا النوع، إنما أتمنى على سلامة التنحي»، وهذا تمنّ سياسي، إذا هذا هو الكلام الصح الذي يجب أن يقال، ومولوي هو الوحيد الذي يتكلم صح.

المصدر
الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى