15 نائباً “مربكون”: بين الدولة والدويلة!
تتسارع وتيرة الإتصالات بين القوى السياسيّة عشيّة الزيارة الرئاسيّة للبطريرك بشارة الراعي إلى كلٍ من إيطاليا وفرنسا. وتشخص الأنظار في الساعات المقبلة إلى التخريجة التي سيتم الإعلان بها عن «المولود الرئاسي» الجديد لتحالف الأحزاب المسيحيّة الثلاثة، بغية سحب البساط أو «المشروعيّة المسيحيّة – الرئاسيّة» من تحت شريكهم الرابع على طاولة «المسترئسين الأقوياء» في بكركي، أي سليمان فرنجية.
ورغم ترويج البعض لتقدمٍ في مسار التوافق العسير بين مكونات المعارضة، يسجّل تمايز بعض الكتل النيابيّة المعارضة عن هذا التوجّه، والبحث في إعادة تموضعها ومواقفها المستجدة، وذلك بما يضمن مصالحها ويبعدها عن الإنخراط مجدداً في لعبة الإصطفافات الطائفيّة.
وفي هذا السياق، بدا لافتاً غياب ما يقارب 15 نائباً من نواب معارضين وتغييريين ومستقلين عن مشاركة زملائهم التوقيع على بيان «إدانة» مناورة «حزب الله» العسكريّة في عرمتى، على غرار البيانات التي سبق وجمعتهم، ومنها مثلاً رفض 46 نائباً الإعتراف بالجلسات التشريعيّة وقانونيتها قبل انتخاب رئيسٍ للجمهورية.
ومع اعتبار 31 نائباً فقط، أن «حزب الله» أراد عبر هذه المناورة إفهام اللبنانيين والعرب والعالم ان سيادته تعلو سيادة الدولة اللبنانية وبأن لا سيادة للدولة على أرضها، وبأن لا قرار في لبنان يخالف ارادته وارادة المحور الاقليمي الذي يتنمي اليه»… فإن مروحة إعتبارات النواب الذين تجاهلوا حسم خياراتهم في وجه «حزب الله» تختلف بين نائبٍ وآخر.
وإذا كان امتناع نواب «17 تشرين» أي ملحم خلف، نجاة صليبا، بولا يعقوبيان، فراس حمدان، ابراهيم منيمنة، ياسين ياسين، الياس جراده، وحليمه القعقور، عن التوقيع، يشكل تماهياً مع مواقفهم الرافضة حسم خياراتهم السياسيّة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، لصالح التفرّغ لحلّ خلافاتهم الداخليّة، فقد بدا لافتاً غياب النائب نعمة افرام وزميله جميل عبود عن التوقيع على بيان يصوّب البوصلة في وجه «حزب الله»، كما فعل أيضاً النواب غسان سكاف، إيهاب مطر، ميشال الضاهر، عبد الرحمن البزري وشربل مسعد.
وقد تفاوتت الأسباب والأعذار التي دفعت هؤلاء إلى التمايز عن زملائهم في المعارضة، بين «ضيق الوقت» و»انعدام القدرة على التواصل بين الزملاء» و»رفض العودة مجدداً إلى الإصطفافات الحادة بين المعارضة والممانعة»، والسعي من خلال إعادة التموضع إلى التوفيق بين كلا الطرفين. فيما أيّد آخرون مضمون «البيان» من دون أن يتسنّى لهم التوقيع عليه وفق ما أوضح النائب بلال الحشيمي.
في الغضون، تشير أوساط نواب المعارضة إلى أنّ تحفّظ زملائهم من نواب «17 تشرين» على البيان، نابع من عدم تمسكهم بالمطالبة بتطبيق القرارات الدولية، لا سيما 1559 و1701، والتأكيد الجازم: «أن ما قام به «حزب الله» من استعراض عسكري ما هو الا مظهر من مظاهر الميليشيوية التي يمارسها منذ سنوات، ويناقض بالكامل مفهوم الدولة بكافة معاييرها»… واعتبار «ان حالة «حزب الله» الشاذة لم يعد لها مكان في الحياة السياسية اللبنانية وهي أصبحت منبوذة من غالبية الشعب اللبناني».
أما في الجهة المقابلة، فاعتبرت أوساط سياسيّة متابعة للحراك الداخلي، أن النواب الـ 31 الموقعين على البيان، أي 19 نائباً من تكتل «الجمهوريّة القوية»، و4 نواب من «الكتائب»، وتكتل «تجدد» 4 نواب، و3 من نواب «17 تشرين» وضاح الصادق، مارك ضو وميشال الدويهي، إلى جانب النائب المستقل جان طالوزيان، رسموا عبر هذا البيان المسار السياسي لمعارضة متماسكة قادرة على استعادة تأييد الرأي العام المعارض والثائر على الطبقة السياسيّة وخوض المواجهة السياسيّة من داخل المؤسسات وخارجها في المرحلة القادمة.