مقالات

صلاح عسيران: منح منظمة العمل المالي لبنان فترة سماح إضافية والتأخير في إعادة هيكلة المصارف يؤدّي الى استمرار الانحدار

بعد حالة الذعر الذي عاشها لبنان الاسبوع الماضي بسبب التحليلات والبيانات غير المبنية على وقائع بأنه قد يدرج لبنان على اللائحة الرمادية في قوائم منظمة العمل المالي Financial Action Task Force للدول غير المتعاونة كفاية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أمهل المعنيون في المنظمة لبنان سنة حتى معالجة الثغرات التي قد تضعه في مربّع الخطر.

وفيما أبدت منظمة العمل المالي ملاحظاتها الإيجابية عموما على عمل المصارف وهيئة التحقيق الخاصة في هذا المجال، أبلغت لبنان بضرورة التعجيل في معالجة الثغرات المتعلقة بالإجراءات القضائية.

والسؤال هل يستجيب لبنان باتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمام المعالجات المالية والنقدية

والمصرفية لتفادي وضع إسمه على اللائحة الرمادية؟

رئيس المجلس الوطني للإقتصاديين صلاح عسيران، اعتبر في حديث لجريدة «الشرق» أن منح منظمة العمل المالي لبنان فترة سماح لسنة لإتمام معالجات مالية ونقدية ومصرفية لتفادي وضع إسمه على اللائحة الرمادية هي بمثابة هدية للبنان.

وشرح قائلاً: إن منظمة العمل المالي وفي تقييمها للإقتصاد اللبناني التي كان لها الطابع السياسي في مقاربتها للثغرات التي تؤخذ في الإعتبار بأن لبنان يعاني من إنهيار مالي ويكافح للتوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مشيرا الى أن إدراج لبنان على القائمة الرمادية يخاطر بإلحاق الضرر بسمعة لبنان في وقت تشتد فيه الأزمات، وكأن البلد لا تكفيه الضربات التي يتلقاها.

وأبدى عسيران، قلقه من أن يضيع لبنان الرسمي هذه الفرصة إذا لم يسارع للإلتزام بالمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال متخوفا من أن نصل في نهاية المطاف ولبنان لم يقم بالإصلاحات الضرورية ويعالج الثغرات، ونعيش الذعرالذي عشناه في الأيام القليلة الماضية، ويعود الى دائرة الترجيح على القائمة الرمادية.

وأضاف، تكمن مخاوف تصنيف لبنان على القائمة الرمادية نتيجة لاعتباره بلدا غير ممتثل للمعايير الدولية فالممارسات القضائية غير مرضية، لذا يتعين على القضاء اللبناني تعزيز جهوده لتطوير القوانين والإجراءات التي تحاكي مصلحة لبنان ، القضاء اللبناني اليوم أمام اختبار جديد في مدى جدّية تعاطيه مع هذا الملف خصوصا أن جزءاً منه مسيس سائلاّ عن مدى استقلالية القضاء في لبنان يجيب من دون تردد: ليس لدينا قضاء مستقل .

وإذ أكد عسيران، أن هذه النقطة أساسية على لبنان التعجيل في معالجتها، لفت الى ان الإجراءات القضائية الحالية اعتبرتها منظمة العمل المالي بطيئة في حق المشتبهين في تبييض الأموال في لبنان والتزوير والفساد المالي، وتجهيل الفاعل، مضيفا: هناك إستحالة للمعالجات بغياب قضاء مستقل ، والمقصود هنا أن تكون السلطة القضائية مستقلة تماما عن السلطات التشريعية والتنفيذية أي أن تكون قادرة على إصدار الأحكام وفقا للقوانين وليس وفقا لأهواء هذا النافذ أو ذاك وقال : هناك أمر أكثر خطورة ربما هي المرة الأولى تمثل بمشروع التشكيلات القضائية التي لم تأخذ وقتا طويلا لتتحول الى انقسام سياسي أخذ أكثر من منحى، مؤكدا أن الحل يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمتع بصفة الإصلاح القضائي.

وفي إطار حديثه عن تنامي دولرة الإقتصاد في لبنان بعدما بات يقدر بنحو نصف إجمالي

الناتج المحلي ويهدد السياسة المالية في لبنان رأى أن إنخراط لبنان في عملية الإصلاحات الهيكلية الشاملة في حال التقدم بإبرام اتفاقية مع صندوق النقد الدولي سيشكل مدخلا لإصلاح ما يلزم إصلاحه من ناحية القوانين والتشريعات، لافتا الى ان تأمين الدولار النقدي الطازج الفريش في المصارف لزوم خطة اعادة هيكلة المصارف .

وأضاف في هذا السياق، أن إعادة هيكلة المصارف تنطلق من عملية تسوية أوضاع المصارف بدراسة وضع كل مصرف على حدة ومن ثم تنفيذ عملية الإنقاذ من خلال تصفية بعض البنوك إذا لزم الأمر ودمج بعضها الآخر واصلاح ميزانياتها، وعملية الهيكلة تاتي بعد أن تتفق المصارف مع الحكومة حول كيفية التعامل مع الودائع وخسائر مصرف لبنان والأهم من ذلك هو العمل على إعادة الثقة بالقطاع المصرفي ، كل ما سبق يعني أن عودة الدور الطبيعي للمصارف يخفف مخاطر تداول الكاش ويقلل كلفة الإقتصاد النقدي Cash

Economy .

أما التأخير في إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف برأيه، عمّق الأزمة المالية وعزّز مستويات الدولرة، ويؤدي اليوم الى استمرار الإنحدار نحو اقتصاد نقدي بالكامل الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه امام تسرب عمليات تبييض الأموال.

وقال عسيران: يوم اتفق الصندوق مع الحكومة اللبنانية على مستوى الموظفين خلال شهر

نيسان 2022 كانت الورقة الموقعة بين الطرفين تقتصر على نحو 8 نقاط هي:

– إقرار الكابيتال كونترول

– اعادة هيكلة المصارف

– تعديل قانون السرية المصرفية

– تقويم أكبر 14 مصرفا عبر شركة دولية مرموقة

– اعادة هيكلة المالية العامة والدين العام

– التدقيق في حسابات مصرف لبنان

– اقرار موازنة العام 2022

– توحيد أسعار الصرف

فبعد حوالى العام على التزام لبنان بالإصلاحات أخفق في تطبيقها مؤكدا أن التقاعس عن اتخاذ إجراءات مطلوبة من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها، وللأسف السلطة السياسية إستقالت منذ زمن من مسؤوليتها، مبديا خشيته من أن يؤدي طول الأزمة المالية والإقتصادية الى استنزاف ما تبقى من مؤسسات الدولة.

وبين مؤيد لإقالة رياض سلامة ورافض لها، يفضل عسيران أن يبتعد الحاكم في هذه المرحلة عن الهموم اليومية والتفرغ لمتابعة الملاحقات القضائية والدفاع عن نفسه ليثبت براءته، هو الذي قال: أنا بريء ، مشيرا الى ان من مصلحة لبنان تعليق عمله مؤقتا .

والأهم في الموضوع، أننا اكتشفنا بعد مذكرة الانتربول بحق سلامة ، أن حاكم مصرف لبنان يتمتع بمروحة صلاحيات واسعة جدا بموجب قانون النقد والتسليف بالإضافة الى صلاحياته القانونية يسجل قانون النقد والتسليف بعض الثغرات القاتلة للبنان مشددا على ضرورة اعادة النظر بها ومعالجتها متوقفا عند اقتراح القانون الذي تقدم به النائب سامي الجميّل يرمي الى جعل ولاية حاكم مصرف لبنان ونوابه قابلة للتجديد مرة واحدة فقط تطبيقا لمبدأ المداورة ولمنع التسلط في إدارة المصرف المركزي، خاتما حديثه: أن الحاكم بصلاحياته الحالية أقوى من رئيس الجمهورية ومجلس النواب والحكومة.

المصدر
ريتا شمعون - الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى