أمن وقضاء

خطورة على لبنان.. هذا ما ستؤدي اليه حرب سوريا على المخدرات

لم يكن لبنان عبر التاريخ بعيدا عن تجارة المخدرات بمختلف أنواعها، من التصنيع الى التصدير والإنتاج وحتى التعاطي، حتى غرق كثيرون في وحول هذا المستنقع القاتل. ولكن في السنوات الأخيرة بات لبنان يشهد على طفرة في تجارة الممنوعات من لبنان الى الخارج وبالعكس، حتى بتنا نسمع بشكل دوري عن احباط عمليات كبيرة من قبل الأجهزة الأمنية لمحاولات تهريب او ادخال مخدرات، بحيث لا يمكن لا ضبط السوق ولا الانتشار، حتى توسعت الازمة من إطارها المحلي الى الخارج، وخصوصا في السنتين الأخيرتين.

واليوم، نتحدث عن عصابات كبيرة ومافيات تنشط مؤخرا في تجارة المخدرات، وهو غالبا ما تشهده الدول خصوصا في فترة الاضطراب السياسي والتفلت الأمني على المنافذ غير الشرعية، وكأننا حقيقة امام شبكات عنقودية متفرعة. وما استجد مؤخرا سواء على المستوى المحلي او الإقليمي بما يرتبط بسوريا هو التعهد السوري بالتعاون مع الأردن بمواجهة تجارة المخدرات من ناحية، والخطة اللبنانية لمكافحة المخدرات المتواصلة منذ مدة من ناحية ثانية، والتي أسفرت عن عمليات نوعية استثنائية لقوى الامن في مكافحة المخدرات والقبض على التجار.

بلد للتصنيع
ولكن، على الرغم من هذه الصورة الإيجابية لما بات يُعرف بالحرب على المخدرات وضرب التجار في أوكارهم، الا انّها ستحمل معها خطورة غير متوقعة على لبنان، وهو ما كشفه رئيس الهيئة العربية لمكافحة المخدرات الدكتور محمد عثمان.

يشير عثمان أولا الى انّ ما لا يعرفه كثيرون انّ تجارة المخدرات زادت بشكل ملحوظ خلال فترة كورونا والحجر الصحي واقفال البلد، وهو ما ضاعف من عدد التجار واستسهال التجارة محليا وعبر الحدود البرية خصوصا. ويتابع عثمان: “أضف الى ذلك الاحداث الأمنية الأخيرة في البلد والازمة الاقتصادية ما بين اللبناني والدولار، وكل ذلك أدى الى تشكيل عوامل مساعدة ناشطة لترويج المخدرات والتجارات المختلفة من الاشكال غير المشروعة.. حتى أصبحنا للأسف امام واقع خطير جدا وهو انّ لبنان أصبح بلدا مصنعا للمخدرات وخصوصا الكبتاغون”.

خطورة كبيرة
وحتما ساهم الوضع الاقتصادي المتردي في جعل كُثر يعتمدون هذه التجارة كمصدر رزق لهم، وخصوصا اننا نتحدث عن أسرع عملية لإنتاج الأموال سواء على مستوى العصابات الكبيرة او التجار الصغار. فما هي الخطورة الأكبر التي قد نشهدها في المرحلة الحالية؟

يتخوف عثمان من هروب التجار الكبار من سوريا الى لبنان سواء الى المناطق الحدودية او الداخل، بعد حملة سوريا التي أعلنتها مؤخرا لمكافحة تجار المخدرات، ويقول: “للأسف السوق اللبناني جاهز لاستقطاب التجار وهناك تسهيلات بالأسعار ومعامل الصناعة. تبدل الوضع في سوريا اليوم، ووعدت سوريا في الاجتماع الخماسي بالقضاء على التهريب خصوصا لدول الخليج، وهذا ما رأينا ترجمته على الأرض، بعد الغارة الأردنية على أكبر تأخر مخدرات سوري – اسكوبار الذي قُتل بغارة مع عائلته- وهذا برهان كبير لتصفية التجار”.

إحباط عملية تهريب كمية ضخمة من المخدرات في المرفأ.. هذا ما حصل

ويتابع عثمان: “هذا الواقع سيؤدي بكبار التجار وأصحاب النفوذ منهم الى المجيء للبنان واستخدامه كمحطة عبور الى الخارج، وهذا أحد التداعيات السلبية للاجتماع الخماسي، والمطلوب في هذه المرحلة من القوى الأمنية ان تكون أكثر حرصا من ذي قبل لمواجهة هذا الواقع المستجد”.

حرب استباقية
وقبل يومين، أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، أنّ “الجهات اللبنانية تقوم بخطوات استباقية لمنع تهريب الكبتاغون من سوريا إلى لبنان”، مشيرا الى انّه “في ظل تعهّد سوريا بمكافحة الكبتاغون، نقوم بعمليات استباقية لمنع إنشاء المصانع في لبنان، والأجهزة الأمنية تقوم بجهد استخباري لمنع توسع صناعة المخدرات في لبنان”.

تخوف إذا تتنبه له القوى الأمنية بشكل كبير بعد التطورات الأخيرة، مع تأكيد مولوي انّ لبنان يحارب تهريب المخدرات على كل المرافق الحدودية، قائلا: “لن نسمح بأن نكون ممرًّا لتهريب المخدرات إلى الدول الشقيقة”، ومؤكدا انّه “لا غطاء سياسيا على مهرّبي المخدرات، والقوى الأمنية تقوم بواجبها لمنع دخول المخدرات إلى بلدنا”.

مشكلة عتاد
فهل تُعتبر الجهود الأمنية كافية في الحرب على المخدرات، يجيب عثمان: “القوى الأمنية تقوم بواجبها على أكمل وجه، ولكن المشكلة اليوم في العديد والعتاد، وافتقار معظم المناطق لمكاتب امنية لمكافحة المخدرات، فالتجار عددهم كبير والتجارة ناشطة من الداخل والخارج، لذا نحن بحاجة الى زيادة في عدد المكاتب ضمن المناطق”.

ويتابع: “نطالب الامنيين بزيادة عدد المكاتب لكي نتمكن سويا من مكافحة هذه الآفة التي لن يتم القضاء عليها الا بتضافر الجهود امنيا ومدنيا وبالعمل الاجتماعي. كما أشدد الطلب من وزير العدل هنري خوري أن يتم البحث في إمكانية ان يكون هناك مدعون عامون متخصصون فقط بقضايا المخدرات على غرار بقية الدول”.

دور
وعن دور مكتب مكافحة المخدرات في البلاد العربية ولبنان الذي يترأسه عثمان في محاربة المخدرات، فانّ الأدوار تنقسم ضمن مرحلتين: ما قبل التعاطي والتجارة وما بعدها. يقول عثمان: “التوعية أولا، ونقوم بذلك من خلال سلسلة من النشاطات في الجامعات إضافة الى محاضرات مخصصة للأهل، ومحاضرات خاصة للشابات. وقد تواصلنا مؤخرا مع وزارة التربية للحصول على موافقة للقيام بمحاضرات في المدارس”.

أمّا المرحلة الثانية فتتصل بعملية العلاج، وبحسب عثمان: “يتواصل معنا ذوو المدمنين ويطلبون مساعدة علاجية، ونحاول مساعدتهم بشتى الطرق المتوفرة لدينا، ونود الإشارة هنا الى التعاون مع الأردن ونوجه لهذا البلد كل التحية الذي يستقبل المرضى اللبنانيين من المدمنين ويعالجونهم على نفقة الدولة”.
ويضيف عثمان: “نؤسس أيضا فرقا تدريبة، ونحن موجودون في طرابلس اليوم، ولدينا مجموعة من الفرق في الجنوب وبيروت ونسعى الى الوصول للبقاع. وهذه الفرق تقوم بمهام التوعية ومتابعة أبرز القضايا المتعلقة بالمخدرات سواء من ناحية الاتجاراو التعاطي”.

الإدعاء على رئيس مكتب مكافحة المخدرات السابق بجرم “الإتجار بالمخدرات”

اذا، نحن أمام مافيات كبيرة تغرق اجيالا في مستنقع الممنوعات، وكذلك تسيء الى صورة لبنان وعلاقاته مع الدول، فعلى أمل أن يتخلص لبنان من هذه الآفة قريبا بتضافر جهود الجميع بدءا من التربية والسلوك في المنزل وصولا الى الضبط الأمني والتشدد في العقوبات.

المصدر
لبنان24

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى