مقالات

لا رئيس للبنان مفروضاً بالقوة

تبين أن السبب الرئيس الذي مازال يقف وراء تأخير جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية هو خوف رئيس مجلس النواب نبيه بري من وصول رئيس من الطرف الآخر ولا يتمتع بميثاقية وطنية كما يرى. وتشاطر بري في هذا الخوف قوى سياسية أساسية وممثلون لمكونات لبنانية وازنة. وهذه الميثاقية لا تعني فقط إمكانية وصول رئيس بأكثرية بسيطة ولا يحصل على أي صوت من المكون الشيعي، بل هناك خوف أيضا من أن يصل رئيس لا يتمتع بميثاقية مسيحية، خصوصا إذا ما بقيت أكبر كتلتين مسيحيتين (كتلة القوات اللبنانية وكتلة التيار الوطني الحر) على موقفهما من رفض التصويت لمرشح قوى الممانعة النائب السابق سليمان فرنجية.

لدى القوى المؤيدة لخط الممانعة شعور بالانتصار، وهي تتحدث عن عودة سورية للعب دور مؤثر على الساحة اللبنانية، وبعض المقربين من دمشق يجهدون لأخذ مواعيد لمرشحين أو لغير مرشحين مع مسؤولين سوريين لمناقشة ملفات مختلفة، منها موضوع الانتخابات الرئاسية، ومنها يتعلق بملف النازحين، من دون أن يطلب أي من المسؤولين السوريين زيارة لبنان لهذه الغايات.

أما القوى المعارضة التي تضم السياديين والتغييريين والوسطيين، فلا توافق على أي تنازلات تسمح بالتفريط بالسيادة، أو بإعادة تجربة عهد الرئيس ميشال عون الذي فرض بقوة التعطيل من محور الممانعة، وأدى عهده إلى ما أدى إليه من انهيار وخراب.

ومن هؤلاء الرافضين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي أعلن أن كتلة اللقاء الديموقراطي قد تصوت بورقة بيضاء إذا كان المرشح يشكل تحديا لأحد المكونات الرئيسية. والقوى المعارضة والمستقلون لديهم قناعة بأن مرشح قوى الممانعة لن يحصل على أكثرية 65 نائبا أو يزيد في أي دورة اقتراع.

لا يبدو أن التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن صفقة بين فرنسا والتيار الوطني الحر، حول تسليم رأس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لرئيس التيار النائب جبران باسيل، مقابل تأييد باسيل للنائب السابق سليمان فرنجية، واقعية. وهي فرضية ليس لها ما يؤكدها، برغم أن توقيت زيارة باسيل الى باريس أوحت بهذه الفرضية. والتيار استفاد إلى الحدود القصوى من مذكرة التوقيف الفرنسية التي استهدفت سلامة، بعد أن كان محاصرا، ويبحث عن مخرج ينقذه من التهمة التي تلازمه، وهي تسببه بالانهيار المالي من جراء الهدر في قطاع الكهرباء الذي يديره منذ أكثر من 13 عاما.

مجموعة الدول الخمس التي تنسق الجهود الدولية من أجل لبنان، متخوفة من انفراط العقد اللبناني إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، وقد تتأثر الحالة الأمنية أيضا. والمناورة العسكرية التي نفذها حزب الله في الجنوب كانت رسالة في غاية السلبية، وزادت من منسوب القلق.

تدفع غالبية القوى الحريصة على وحدة لبنان باتجاه انتخاب رئيس وسطي، ولديه قدرة على اتخاذ المبادرات وعلى الحديث مع كل المكونات اللبنانية، لأنها تشعر بخطر داهم على وحدة البلاد في ظل وضع اقتصادي ومعيشي سيئ، مترافق مع طروحات فيدرالية وتقسيمية غريبة.

المصدر
الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى