مقالات

زيلينسكي نجم قمّة جدّة

لم يعد بشار الأسد نجم القمة العربية في جدة. فبمجرد وصول فولوديمير زيلينسكي إلى الاجتماع العربي الأبرز، صارت القمة «عالمية» نظراً لما يمثله الرئيس الاوكراني من تكثيف للصراع الدولي الدائر، الذي لا يتردد بعض المحللين في وصفه بالحرب العالمية الثالثة.

في الحالتين، حضور الأسد واستضافة زيلينسكي كمتحدث أجنبي اول أمام القمة، كان للسعودية اليد الطولى فيهما. لم يكن الأسد ليعود إلى الجامعة في طريقه إلى جدة من دون رغبة وموافقة السعودية، ضمن رؤية تشمل عودة سوريا إلى حياتها الطبيعية برعاية عربية، وعلى قاعدة برنامج رسمت خطوطه بين جدة وعمان.

لم تكن الولايات المتحدة متحمسة للخطوة السعودية العربية تجاه النظام السوري، فجاءت دعوة الرئيس الاوكراني لمخاطبة القادة العرب رداً على التحفظات الأميركية والغربية واحتواءً لها واشارة إلى أنّ الخليج العربي بقيادة السعودية ومعه العالم العربي يحاول تثبيت رؤيته المستقلة والمبدئية لشؤونه وشؤون العالم انطلاقاً من المصلحة العربية العليا ومن دوره في التأثير الايجابي في مسار الخلافات الدولية.

سترحّب الولايات المتحدة بحضور زيلينسكي القمة العربية، لا بل طغت هذه الخطوة على مداولات قمة الدول السبع التي يحضرها الرئيس جو بايدن في هيروشيما. سيفهم المجتمعون في اليابان الرسالة من الحضور الاوكراني في جدة، وهي أنّ العالم يحتاج إلى كيلٍ بمكيالٍ واحد وليس بمكيالين، خصوصاً في ما يتعلق بالقضايا العربية وفي مقدمها قضية فلسطين. وسيضطر القادة في كل مكان إلى النظر بعين مختلفة إلى قيادة سعودية جديدة، جريئة في مبادراتها ومتوازنة في رؤيتها لعالم متوتر، يحتاج أكثر من أي وقت إلى جهد صادق وشفاف لمعالجة قضاياه.

لقد عاد الأسد إلى العرب ضمن خارطة طريق عربية واضحة، أبرز محطاتها إعادة شعبه إلى بلاده والانخراط في تسوية سياسية داخلية، وهذا من البديهيات التي لا تحتمل خطابات بهلوانية كالتي شهدنا بعضها في قمم سابقة وصف خلالها الأسد بعض القادة العرب بـ»أشباه الرجال». لقد انكشف عهد المزايدات، والجدول العملي المتاح لا يقبل بأقل من التزام علني بمقابلة العودة إلى العرب بعودة السوريين إلى سوريا، وهذا هو الامتحان الفعلي الذي سيخضع له النظام السوري بعد انتهاء القمة. وهو أهم بكثير من مجرد الجلوس في قصر المؤتمرات والتقاط الصور.

فالصورة التي غزت العالم وأبهرته، كانت لزيلينسكي أمام جمهور القادة العرب ووسط اندهاش وإعجاب يمتد من السعودية إلى اليابان، مروراً بموسكو وطهران وغيرهما.

المصدر
طوني فرنسيس - نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى