عربي ودولي

مخاوف أوروبية من تراجع الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا

يخشى حلفاء أوكرانيا الأوروبيون من تراجع الدعم العسكري الأميركي لكييف، مع اقتراب الهجوم المضاد ضد القوات الروسية، وذلك خلال فترة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عام 2024.

وفي هذا السياق أعرب مسؤولون أوروبيون كبار لصحيفة “فايننشيال تايمز” عن قلقهم بشأن “تدفق المساعدات على كييف العام القادم” مع دخول الولايات المتحدة المراحل الفاصلة من حسم السباق الانتخابي إلى البيت الأبيض.

ومنذ بداية الغزو الروسي في فبراير 2021، بقيت الولايات المتحدة “المصدر الرئيس للأسلحة” المقدمة لأوكرانيا، ولكن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن الأموال التي تمت الموافقة عليها مسبقاً “لا تزال كافية لدعم كييف لمدة 5 أشهر أخرى” لتغطي الهجوم المضاد الحاسم المخطط له خلال الأسابيع المقبلة.

ورغم ذلك، أظهر الحلفاء الأوروبيين مزيداً من الشكوك بشأن ما إذا كانت واشنطن ستقر حزمة مساعدتها الحالية، التي تبلغ قيمتها 48 مليار دولار، والتي أعلنتها العام الماضي، خصوصاً أنها تتطلب تصويتاً داخل الكونجرس خلال الخريف، وسط احتدام الجدل الحزبي بشأن الحرب.
“دعم أوكرانيا لا أكثر من عامين”
في هذا السياق، قال مسؤول أوروبي لـ”فاينانشال تايمز”، وهو واحد من أبرز 10 شخصيات في دول متحالفة مع أوكرانيا ، إنه “لا أحد يعرف على سبيل اليقين” ما مصير المرحلة المقبلة من الحرب، مضيفاً: “لا يمكننا المحافظة على نفس المستوى من المساعدات إلى الأبد”.

وأكد المسؤول الأوروبي الرفيع أن “معدل الدعم الحالي يمكن المحافظة عليه لعام أو ربما اثنين، ولكن ليس أكثر من ذلك”.
من جانبه، لم يعط الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي وصف الحرب في أوكرانيا بأنها تحمل “هزيمة استراتيجية لروسيا”، أي إشارة من قريب أو بعيد بشأن إذا ما كان يعتزم تقليص الدعم. ولكنه في طريق حملة إعادة انتخابه، سيواجه ربما الرئيس السابق دونالد ترمب، منافسه الجمهوري، والذي ينتقد دعم أميركا المفتوح للحرب.

وسيلتقي بايدن نظراءه في مجموعة السبع في هيروشيما، باليابان، الجمعة، في قمة تستمر 3 أيام، والتي يُنتظر أن تؤكد مجدداً على استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا، باعتباره أحد الأهداف الرئيسية للقمة.
في هذا الإطار قال مسؤول في البيت الأبيض لـ “فاينانشال تايمز” إن “الرئيس بايدن كان واضحا تماماً بشأن دعم أوكرانيا لأي مدة زمنية”، مضيفاً: “لا نزال نرى وحدة قوية من قبل حلفائنا من أجل دعم أوكرانيا.. ونتوقع أن نرى هذه الوحدة بتمامها في مجموعة السبع”.

موقف ترمب من الحرب الأوكرانية
على الجانب الآخر، امتنع ترمب عن الإفصاح عما إذا كان يريد أن تنتصر أوكرانيا في حربها ضد روسيا، خلال لقاء مباشر مع الناخبين في ولاية نيوهامشر، أذيع على ” سي إن إن”.

وفي حين ترمب أوروبا بزيادة مساهماتها، أشار إلى أنه سيرتب لعقد لقاء “يجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لإنهاء الصراع في أسرع وقت”.
وقال وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، الديمقراطي كريس مورفي، إن “ما قاله دونالد ترمب يؤثر بقوة على مدى الصعوبات التي نواجهها في مناقشة هذه القضية في الكونجرس”، مضيفا أن “موقف ترمب من تمويل أوكرانيا، سيكون له علاقة وطيدة بما يحدث إذا احتجنا إلى الموافقة مجدداً على الدعم”.
أشهر حاسمة لأوكرانيا
وقال بعض الحلفاء المتواصلين بانتظام مع واشنطن بشأن أوكرانيا لـ”فاسننشيال تايمز”، إن واشنطن ترى أن الأشهر الخمسة المقبلة ستكون “حاسمة” فيما يتعلق بمصير الصراع، كما ستمثل “آخر فرصة حقيقية أمام كييف” لتغيير الوضع على الأرض.

ومع إظهار استطلاع رأي تراجع الدعم الأميركي لكييف، قال بعض الحلفاء الأوروبيين للصحيفة، إن إدارة بايدن “تواجه ضغوطاً مكثفة لتظهر أن عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات، كان لها تأثير واضح على ساحة المعركة”.
وقال مسؤول أوروبي آخر إنه “من المهم أن تروج الولايات المتحدة لهذه الحرب باعتبارها معركة ناجحة على المستويين الخارجي والداخلي، لتثبت أن كل هذه المساعدات كانت ناجعة فيما يتعلق بتقدم أوكرانيا على الأرض”.

ووصف بعض المسؤولين، الجمعية العامة للأمم المتحدة وقمة قادة مجموعة العشرين، اللتين ستُعقدان تباعاً في أول سبتمبر المقبل، بأنهما “حدثين دبلوماسيين حاسمين”، حيث سيقع الطرفان “تحت مطرقة ضغوط هائلة” للجلوس إلى مائدة التفاوض.
وقال أحد المسؤولين لـ”فاينانشال تايمز”، مشترطاً عدم كشف هويته، إنه “إذا وصلنا إلى سبتمبر ولم تحقق أوكرانيا مكاسب كبيرة على الأرض، فإن الغرب سيواجه ضغوطاً دولية أكبر من أجل الجلوس على مائدة التفاوض”، مضيفاً أن “الأمر نفسه ينطبق على روسيا، إذا تركهم الهجوم المضاد في طريق تجرع الهزيمة”.
وقت التفاوض لكييف
ويأمل المسؤولون الغربيين في أن يحقق الهجوم الأوكراني المضاد “المدعوم بإمدادات غير مسبوقة من أسلحة الناتو”، مكاسب كبيرة قد تجبر بوتين على التفاوض على شروط السلام بشكل ما.

وفي السياق، يرى بعض المسؤولين في إدارة بايدن في ذلك “فرصة” لكييف لفتح باب المحادثات.

وقال مسؤول أوروبي آخر للصحيفة إن “الرسالة (إلى كييف) تتمثل في الأساس في أن هذا هو أفضل ما يمكنكم الحصول عليه”، في إشارة إلى حجم الدعم العسكري الغربي.
وأضاف أنه “ليس هناك مزيد من المرونة في ميزانية الولايات المتحدة للاستمرار في كتابة الشيكات، كما أن مصانع الأسلحة الأوروبية تعمل بكامل طاقتها”.

وقال مسؤولون في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة” أبدت دعماً كبيراً من كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، لأوكرانيا”، وإنه “لا يجب أن يكون هناك شك في المساعدات المستقبلية”. وأشاروا إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي (جمهوري)، والذي قال إنه يدعم تقديم المساعدات إلى أوكرانيا، وإنه “سيواصل دعمها”.
رغم ذلك، قال مكارثي في وقت سابق، إنه “لن يكون هناك شيك على بياض” لمساعدة أوكرانيا.

بين مساعدات أوروبا وأميركا
وقدمت كل من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة مساهمات كبيرة إلى أوكرانيا هذا الأسبوع، خلال زيارات مفاجئة قام بها زيلينسكي. ولكن الولايات المتحدة تلعب دوراً حيوياً في تحديد حجم ووتيرة المساهمات.
وبدأ الدبلوماسيون النظر في تأثير الجدول الزمني السياسي في الولايات المتحدة على توقيت القرارات بشأن أوكرانيا، خصوصاً بالنظر إلى أن واشنطن ستستضيف قمة الناتو في صيف 2024، قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية.

ولم ترجح تقديرات عسكرية أميركية أن تتمكن أوكرانيا من تحقيق “جميع أهدافها السياسية في ميدان القتال” خلال هذا العام، حتى إذا حققت مكاسب من خلال هجومها المضاد. وأقر مسؤولون أوكرانيون وأوروبيون بهذا الرأي.
وفي هذا السياق قال مسؤول أوروبي رفيع لـ”فاينانشال تايمز” إنه “يمكننا جميعاً أن نتفق على أننا نريد أن نكون في مكان مختلف العام القادم، في مكان أقرب إلى السلام، وأقرب إلى استعادة الاستقرار والسيادة الأوكرانية”.

المصدر
الشرق

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى