مفاوضات تجار السيارات المستعملة و”المالية”: رسم الاستهلاك المُهلِك
تعمّ الفوضى سوق السيارات المستعملة بعد جنون الدولار الجمركي، وضبابية الصورة التي يتم على أساسها تسعير الجمرك. ولعل ما حصل مع أحد تجّار السيارات المستعملة في الجنوب خير مثال على ذلك، فالرجل اشترى منذ حوالى الشهرين ونصف الشهر أربع سيارات وشحنها إلى لبنان، على أساس أن الدولار الجمركي للسيارات محدّد بـ8 آلاف ليرة، لكنه عندما خلّص معاملتها من المرفأ، ودفع المبالغ المتوجبة عليه، لم يعرف على أي أساس تم التسعير.
أرقام جمركية غير منطقية
لم يُكثر الشاب من الأسئلة لأنه يرغب بإنهاء معاملات سياراته وإخراجها من المرفأ. وأن المبالغ التي دفعها لا تتناسب مع موديلات السيارات وماركاتها. وهو ما يظهر بوضوح من خلال الأرقام التي قدّمها عبر مستند رسمي، بغض النظر عن سعر الدولار الجمركي المعتمد.
187 مليون ليرة “جمرك” على سيارة من نوع “هيونداي النترا” موديل العام 2016، ثمنها بالخارج لا يتجاوز الـ8 آلاف دولار، و213 مليون ليرة “جمرك” على سيارة “ميرسيديس A22 2019″، سعرها لا يزيد بالخارج عن 30 ألف دولار، و261 مليون ليرة على سيارة “ميرسيديس GLE 2016″، و232 مليون ليرة على سيارة سوبارو 2021.
تُظهر هذه الأرقام عدم منطقية تسعير الجمرك. وهو أمر تكرّس منذ أشهر قليلة في سوق السيارات المستعملة، حين أصبح الجمرك أحياناً يشكّل أكثر من 60 بالمئة من سعر السيارة، وهو أمر يُضر التاجر لأن نسبة البيع ستنقص، بينما تُضر الزبون لأن سعرها سيكون كبيراً بالليرة. وهذه نقطة أساسية، لأن رفع سعر دولار الجمرك لا يزيد سعر السيارة بالدولار بل يزيدها بالليرة. وطالما أن الدولار الجمركي أقل من سعر الدولار في السوق، فهذا يعني أن التاجر يربح أموالاً إضافية. ومن المعلوم أن هناك كلفة على “وقوف” السيارة بالمعارض، ناهيك عن انخفاض ثمنها كل زاد عمرها.
الحل بتخفيض رسم الاستهلاك
الأحد في السابع من أيار الجاري كشفت عن نية تجار السيارات المستعملة وقف الاستيراد بشكل كامل فور بدء تسعير الدولار الجمركي على أساس “صيرفة”. وهو ما بدأ في 12 أيار، لكن حسب معلومات “المدن”، فإن نقابة مستوردي السيارات المستعملة، وإن كانت أوقفت الاستيراد، إلا أنها لم تُصعّد وتعلن قرارها من خلال مؤتمر صحافي كما كان مقرراً، وذلك بسبب وجود مفاوضات بينها وبين وزارة المال، من أجل البحث في مسألة رسم الاستهلاك، والمفروض على كل سيارة مستعملة مستوردة، وقيمته تقريباً 45 بالمئة من ثمنها.
مفاوضات حول حلول “قانونية” ممكنة
إن المفاوضات مع وزارة المال تسير بشكل سريع، ويُفترض أن تكون الصورة أوضح الأسبوع المقبل، حيث يُتوقع أن تعقد النقابة اجتماعاً لتقييم الموقف والإعلان عنه. وتُشير المعلومات إلى أن الوزارة تبحث عن حل يُتيح لها أمرين، الأول هو إيجاد طريقة للمحافظة على القطاع من دون ضرب خزينة الدولة بالمقابل لصالح جيوب التجار حصراً، والثاني هو أن يكون الحل متاحاً لاتخاذه من قبل الوزارة من دون الحاجة إلى مجلس وزراء أو مجلس نيابي، لأن هذا الأمر سيكون صعباً بالفترة الراهنة.
منذ بدء احتساب الدولار الجمركي على أسعار جديدة كان يصدر جدول مخصص للسيارات المستعملة، فعندما كانت التسعيرة 15 ألف ليرة، كانت للسيارات 8 آلاف، وعندما صارت 45 ألفاً رُفعت للسيارات إلى 15 ألف ليرة، واليوم هي 86 ألف ليرة، حتى نهاية شهر أيار، حيث ستكون على أساس صيرفة بعد ذلك. ولا يوجد حتى اللحظة نية أو توجه لصدور جدول مخصص لجمرك السيارات، بانتظار ما ستخلص إليه المفاوضات بين النقابة ووزارة المال.