عربي ودولي

دورة إستثنائية لمجلس حقوق الإنسان: لحل أزمة السودان بكل الوسائل الممكنة

قال مفوض الامم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك خلال الدورة الاستثنائية السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الانسان حول النزاع الدائر في السودان وأثره على حقوق الانسان: “قبل أربع سنوات، أشعل شعب السودان منارة أمل للملايين في جميع أنحاء العالم. في 11 أبريل 2019، أنهت حركة الاحتجاجات الشعبية عقودًا من الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، وأطاحت بديكتاتورية عمر البشير التي امتدت لفترة طويلة. وتصدرت النساء والشباب هذه الاحتجاجات مطالبين بالحكم الرشيد وبعقد اجتماعي جديد بين الدولة والشعب، يقوم على الديمقراطية والحرية والعدالة ونصيب عادل من التنمية”.

اضاف: “اعقبت هذه الحركة الملهمة إصلاحات كبيرة. لكن الانتقال المأمول إلى الحكم المدني الكامل والديمقراطية تبدد مرة أخرى في أكتوبر 2021، عندما نفذ الجنرال البرهان والجنرال دقلو انقلابًا عسكريًا. واندلع القتال الشهر الماضي بين القوات بقيادة هذين الرجلين، مما أدى إلى وقوع هذا البلد الذي يعاني كثيرا في كارثة. ومنذ 15 نيسان/أبريل، قتل ما لا يقل عن 487 مدنيا، ولا سيما في الخرطوم والجنينة ونيالا والأبيض، لكن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير. وقد فر أكثر من 154,000 شخص من البلاد، ونزح ما يقدر بنحو 700,000 آخرين داخل حدود السودان. وأولئك الذين لا يزالون في المناطق المتأثرة بالصراع معرضون للخطر المستمر”.

وتابع: “وقعت في الخرطوم اشتباكات بين القوتين المسلحتين تخللها القصف والغارات الجوية في مناطق سكنية مكتظة بالسكان، ونتيجة لذلك يكافح ملايين الأشخاص الآن للحصول على الغذاء والوقود والنقود. وفي أجزاء من دارفور، ومنطقتي النيل الأزرق وكردفانوغرب دارفور، أثار العنف بين الجماعات العسكرية اشتباكات بين الأثنيات المختلفة وفي غرب دارفور تحديداً قُتل ما لا يقل عن 100 شخص، ونزح الآلاف، بسبب العنف القبلي بين ما يسمى بجماعتي العرب المتحالفة مع قوات الدعم السربع، والمساليت المتحالفة والقوات المسلحة السودانية”.

وقال: “تعرض النظام الصحي في البلاد لأضرار جسيمة، مع ما لا يقل عن 17 هجومًا مسلحاً على المرافق الصحية، والعديد منها احتلتها القوات العسكرية. الأشخاص الذين أصيبوا بجروح، والنساء أثناء الولادة، أو ببساطة المرضى بشدة ليس لديهم مكان يذهبون إليه. سنوات من جهود التنمية يتم القضاء عليها من خلال الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية والخدمات الأساسية للمياه والكهرباء والاتصالات. كما أدى النهب الواسع والمتزايد لمكاتب الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والشركات والممتلكات الخاصة إلى إعاقة العمليات الإنسانية التي أبقت ملايين الأشخاص على قيد الحياة وفي صحة جيدة”.

اضاف: “يتوقع برنامج الأغذية العالمي أنه إذا استمر الصراع، فإن 2.5 مليون شخص آخرين يمكن أن يعانوا من انعدام الأمن الغذائي الحاد في غضون 3 إلى 6 أشهر، ليصل المجموع إلى 19 مليون شخص – أي أكثر من نصف السكان. لقد، تم منع حوالي 50000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد من تلقي العلاج المنقذ للحياة، وفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية”.

وتابع: “أدين بشدة هذا العنف الوحشي، الذي داس فيه الجانبان القانون الإنساني الدولي، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب والحذر. شن الجيش السوداني هجمات في مناطق مأهولة بكثافة من المدنيين، بما في ذلك غارات جوية. وبحسب ما ورد، أصابت غارة جوية الأسبوع الماضي محيط مستشفى في منطقة شرق النيل بالخرطوم، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين. في غضون ذلك، يُزعم أن قوات الدعم السريع استولت على العديد من المباني في الخرطوم لاستخدامها كقواعد عملياتية، وطرد السكان وشن هجمات في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان”.

ولفت الى أن “هذه التكتيكات تعرض المدنيين لخطر شديد وتمنع الناس من الوصول إلى الإمدادات والمساعدة والحاجات الحيوية. وتلقينا أيضا عدة تقارير تزعم ارتكاب رجال يرتدون الزي الرسمي للعنف الجنسي، فضلا عن ادعاءات بحدوث عمليات قتل غير قانونية وحالات اختفاء قسري”.

وقال: “قبل ستة أشهر، زرت السودان في أول مهمة لي بصفتي مفوض الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. في تلك اللحظة المحورية في تاريخ البلاد، التي تزامنت والمحادثات الجارية لتشكيل الانتقال إلى حكومة مدنية ديمقراطية بالكامل، أعربت عن تضامني مع الشعب السوداني، وكنت بحاجة إلى إيصال رسالة قوية: يجب أن تكون المساءلة وحقوق الإنسان في صميم أي اتفاق مستقبلي”.

اضاف: “خلال تلك الزيارة التقيت باللواء البرهان واللواء دقلو. لقد حثثتهم، وجميع المشاركين في المحادثات، على التركيز على المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، وعلى الصالح المشترك”.

وتابع: “اليوم، لحقت أضرار جسيمة دمرت آمال الملايين من الناس وحقوقهم. ومن الضروري أن يلتزم الطرفان على وجه السرعة بعملية سياسية شاملة وبسلام تفاوضي. وينبغي استكمال المحادثات الجارية في جدة، التي تركز على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بالتزامات تضمن إرساء هدنة إنسانية، تمكن من إيصال المعونة المنقذة للحياة، والسماح بممرات آمنة للمدنيين في مناطق القتال، وحماية الإمدادات الإنسانية من النهب. ومن الأهمية بمكان أيضا، توسيع نطاق المناقشات لتشمل احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان”.

وقال: “حتى الآن، وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة، ولا سيما الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الأيقاد وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، لم يتفق قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على إنهاء أعمالهم العدائية”.

اضاف: “لقد أبهرتنا شجاعة ومرونة صمود شعب السودان ورغبته في التغيير وتمسكه بمبادئ العدالة والحرية. إنهم وبلدهم محوريان لمستقبل إفريقيا. في النقطة التي يندمج فيها النيل، الأزرق والأبيض، إلى نهر واحد مهيب، من المستحيل ألا نرى مدى عمق ترابط القارة، ومدى قوة مواردها في دفع النمو والسلام لملايين الناس”.

وتابع: “أدين استخدام العنف من جانب الأفراد الذين لا يراعون حياة الملايين من مواطنيهم وحقوقهم الأساسية. ويجب على جميع الأطراف حماية حقوق المدنيين والامتثال للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وإذا كان هناك درس واحد يمكن استخلاصه من هذه الأزمة المأساوية، فهو الحاجة الملحة إلى أن تستند جميع الترتيبات الانتقالية إلى الالتزامات الأساسية بالمساءلة وعدم التمييز والتشاركية – حتى يكون السلام مستداما ومستقرا، لأنه عادل”.

واردف: “لقد دعا مجلس حقوق الإنسان لهذه الدورة الاستثنائية إلى الإعراب عن اهتمامه العاجل بحقوق الشعب السوداني وحياته. وأغتنم هذه الفرصة لأحث جميع الدول ذات النفوذ في المنطقة على تشجيع حل هذه الأزمة بكل الوسائل الممكنة.

وختم: “أشيد بموظفينا – ولا سيما موظفينا الوطنيين، الذين تضرروا بشكل مباشر من القتال والنقص الحاد. وأعرب عن تضامني العميق والصادق مع شعب السودان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى