مقالات

الانتخابات البلدية بين إمكانات إجرائها ورفض الطعن

من اليوميات السياسية في لبنان أن البلاد باتت محكومة بمتغيّرات سريعة، إن كانت مالية أو سياسية أو اقتصادية، إذ بات من الثابت أن الاستحقاقات المهمّة تُرحَّل الى حين تنضج تسوياتها، بدل أن تجرى في مواعيدها الدستورية.

هذه هي حال الاستحقاق الرئاسي الذي طال انتظاره، ولا يزال، أكثر من ستة أشهر، وحال الاستحقاقات الانتخابية البلدية التي باتت بحكم المؤجلة.

وبين التمديد للمجالس الاختيارية والبلدية وإجراء الانتخابات لهذه المجالس، تراوح الخيارات في بلد أكثر من مأزوم. هكذا، بعدما قدّمت ثلاثة طعون بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، أمام المجلس الدستوري، وبعدما علق القانون، وبالتالي التمديد لهذه المجالس بات معلقاً حتى إشعار آخر، ما الخيارات المتاحة، والأهم ما الإمكانات الجدّية لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية؟

ثلاثة احتمالات
سياسياً، من الواضح أن السلطتين التنفيذية والتشريعية غير جاهزة لإجراء الانتخابات، أو بالأحرى لا ترغب فيها، وإلا لما كانت لجأت الى التمديد للبلديات، مرتين، على الرغم من الاستنزاف الحاصل والتعثر في أكثر من 10 في المئة من هذه البلديات، نتيجة تحوّل عدد لا يستهان منها الى بلديات منحلّة.

مالياً، لا تزال حجة عدم توافر الأموال موجودة. وبالتالي لم يسعَ مجلس النواب الى حلّ هذا النقص المالي، ولم تبادر الحكومة أصلاً الى وضع الآلية التي تتيح من خلالها توافر الأموال اللازمة. إذن الحجة المالية لا تزال قوية.

أما دستورياً، وبعد الطعن، أو الطعون التي قُدّمت، فإننا أمام ثلاثة احتمالات.

يشرح الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك أن “من الثابت أن المجلس الدستوري محكوم بمهل ليس باستطاعته تخطّيها. مجموع هذه المهل يبلغ شهراً واحداً في الحدّ الأقصى. وبالتالي، من المتوقع أن يصدر المجلس قراره النهائي نهاية هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل في الحد الأقصى”.

يفنّد مالك الاحتمالات المتاحة.

“الاحتمال الأول: إما أن يصدر المجلس الدستوري قراره برد الطعن، ويعود القانون المطعون فيه الى السريان، فتُعدّ المجالس البلدية والاختيارية ممدّداً لها، قانوناً، حتى نهاية أيار 2024، حدّاً أقصى.

الاحتمال الثاني: إما قبول الطعن شكلاً وأساساً، وبالتالي تقرير عدم دستورية قانون التمديد المطعون فيه، وبالتالي يُعدّ القانون التمديد باطلاً، ويجب على الحكومة فوراً المبادرة الى إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، دون أي تأخير.

الاحتمال الثالث المرجح: عدم اكتمال نصاب التئام المجلس الدستوري، المحدّد بثمانية أعضاء من أصل عشرة، أو عدم التمكن من تأمين الأكثرية اللازمة للبتّ بالطعن، أي أكثرية سبعة أعضاء من أصل عشرة. عندها يُعدّ المجلس الدستوري عاجزاً عن الفصل في المراجعات المقدّمة أمامه، وهذا سيؤثر سلباً على صورة المجلس واستقلاليته”.

ويؤكد مالك “أننا كدستوريين مصرون على ضرورة الفصل في المنازعات سلباً أو إيجاباً، وعدم الاستسلام للضغوط السياسية التي لن توفر جهداً إلا ستبذله لتعطيل رقابة المجلس الدستوري وشلّها”.

الخيار القانوني المتاح؟
معنى ذلك، أن ثمة خياراً قانونياً يمكن أن يشكل مخرجاً وهو عدم اكتمال نصاب المجلس الدستوري، فلا يكون المجلس بذلك رفض الطعن لما في القانون من تجاوزات عديدة لا يمكن إغفالها دستورياً وبسهولة، ولا يكون أحرج السلطة؟ فهل هذا هو الخيار الذي “يُطبخ”؟

يجيب مالك: “اليوم عندما نقول “خيار مرجّح”، فإننا نردّ هذا الكلام الى أن المجلس الدستوري سيكون محرجاً. فهو معروف الأهواء والانتماء من جهة، ومن جهة ثانية، لا يستطيع مخالفة الدستور. من هنا، قد يكون الحل عبر إفقاد النصاب. ولكن، في الوقت نفسه، يبقى إمكان البت بالطعن مرتفعاً، لجهة إبطال قانون التمديد، ولا سيما أنه تعتريه الكثير من الشوائب الدستورية، والواجب من خلالها، على المجلس الدستوري، أن يذهب باتجاه الطعن بالقانون. لا شك في أن القرار النهائي يعود له وقرار قبول الطعن من عدمه يعود له أيضاً”.

وبانتظار مهلة الشهر حدّاً أقصى، تبقى كل الإمكانات متاحة، فهل يتقدّم الخيار القانوني بإفقاد نصاب المجلس الدستوري على احتمال إجراء الانتخابات فوراً؟

المصدر
منال شعيا- النهار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى