مقالات

انتفاضة المودعين تحدّد الأهداف: السلطة والمصارف


كما هي حال المنطقة بصراعاتها وتحولاتها وتحركات اطرافها ودولها، كذلك حال لبنان المتقطع الأوصال في ما خص مؤسسات الدولة والمنشغلة قواه في حسابات، أقل ما يقال فيها، لا تتقاطع عند المصلحة الوطنية العليا.


ولئن كانت «انتفاضة المودعين» سجلت خطوة متقدمة، على طريق مهاجمة «أهداف محددة» ولو ادى الامر الى صدام مع القوى الامنية، عبر استهداف السلطة والمصارف في وقت واحد، فإن حركة البحث عن رئيس بقيت اسيرة الحوار الذي ينشده نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، الذي التقى نواباً في اللقاء الديمقراطي و«التغييريين» قبل ان يعلن من عين التينة ان الحوار هو السبيل الوحيد للخروج مما وصفه «بالفراغ القاتل» او تتقاطع او تتباعد مع حركة السفراء، لا سيما سفراء المجموعة الخماسية، الذين يواصلون اتصالاتهم على مستوى مختلفة: إما لايضاح مواقف دولهم من انجاز الاستحقاق، وإما للحث على تجاوز العقبات وإنهاء الخلو الرئاسي.


وتتحدث المصادر المعنية بالمسار الانتخابي عن تزايد الفجوة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، اذ في حين يعلن نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ان «أملنا زاد لانتخاب من اخترناه رئيساً، في اشارة الى النائب السابق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يتحرك النائب جبران باسيل للتطلي وراء موقف «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب الرافض لفرنجية، باعتباره مرشح حزب الله او «الثنائي الشيعي»، مكرراً معزوفات ممجوجة عن الميثاق والشراكة، مراهناً على عدم تأمين النصاب الدستوري لعقد جلسة نيابية تؤدي لانتخابه.
وفي الاطار، لا تخفي المصادر إياها المعلومات عن جهد دبلوماسي لعقد جلسة بعد منتصف حزيران او في الاسبوع الاول من تموز لانتخاب الرئيس، بعد ان تكون القمة العربية التي يمثل لبنان فيها الرئيس نجيب ميقاتي، ومن المتوقع ان يتضمن البيان الختامي دعوة ملحة لانهاء الفراغ الرئاسي واعادة الحياة الى مؤسسات الدولة اللبنانية.


ورأت مصادر سياسية مطلعة عبر لـ«اللواء» أن لا جديدا على صعيد الرئاسة والمبادرات الفردية تأخذ مداها دون أن يعني أنها قادرة على معالجة تعقيدات الملف. وقالت المصادر إنه على الصعيد المحلي يستكمل التواصل بين القوى السياسية إنما من دون إحراز تقدم فيما يتجه المبادرون إلى جوجلة النتيجة قبل أي خطوة جديدة.
وأوضحت أن المواقف السياسية التي عبر عنها رؤساء الكتل النيابية اظهرت انقساما في مقاربة هذا الملف ، لكن المساعي مستمرة ولم يعلن أحد إقفال الأبواب امامها بأنتظار تلاقيها مع مبادرة خارجية من العلم أنها غير جاهزة بعد.
وختمت ان عودة الحديث عن ارتفاع حظوظ قائد الجيش العماد حوزف عون في الاستحقاق الرئاسي ينتظر ترجمة والا يبقى في سياق تكرار تحليلات سابقة ليس الا.
وفي اطار رئاسي متصل، اعتبرت مصادر سياسية السقطة التي وقع فيها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية خلال مقابلته التلفزيونية الاخيرة، بخصوص تاييده وجود الثلث المعطل في اول حكومات العهد اذا انتخب رئيسا للجمهورية، ورؤيته لكيفية المداورة بتوزيع الحقائب،بانها زادت من تقلص تأييد عدد من النواب السنّة الذين كانوا يرغبون بتاييد انتخابه للرئاسة اولا، واثارت حفيظة القيادات السنيّة ثانيا والكتل المعترضين على انتخابه اساسا،باعتبار ان ما يحمله سلفا من رؤى وتصورات، لايعدو نسخة طبق الأصل عن توجهات فريق الممانعة الذي يتبنى ترشحه للرئاسة، ولا يبشر بتغييرات واعدة في الاداء السياسي وادارة السلطة.
وشددت المصادر على ان طرح فرنجية لشكل الحكومة الجديدة، لم يكن موفقا، بل زاد من تقلص نقاط تاييد انتخابه بعدما سقطت رهانات داعميه للرئاسة، وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالحصول على موقف سعودي داعم له، يقلب مواقف القوى السياسية الرافضة لانتخابه وتحديدا من المعارضة.
واشارت المصادر إلى ان اعتماد حكومات الثلث المعطل،لم تكن نموذجا ناجحا، لاعادة تكرار تطبيقه، بل كان مجرد واجهة يتلطى وراءها فريق الممانعة اوبعضه،للامساك بزمام القرار السياسي،او لتعطيله متى يشاء، وتعطيل انطلاقة الدولة اللبنانية وقراراتها.
وختمت المصادر بأن فرنجية اسقط صدقية، ما روج عنه من ضمانات للجانب الفرنسي لدى زيارته لباريس مؤخرا،في حال انتخابه رئيسا للجمهورية، لانه لايملك زمام التحكم بها وخصوصا مايتعلق بسلاح حزب الله،واعطى الاطراف السياسيين المعارضين حججا اضافية للاستقواء بها، والتمسك برفض انتخابه للرئاسة، وفتح الابواب امام احد المرشحين الرئاسيين المطروحة أسماؤهم، للتقدم اكثر من خطوة الى الامام في السباق الرئاسي.
بالمقابل أبدت مصادر سياسية خشيتها من ردات الفعل وتدهور الاوضاع، جراء العدوان الاسرائيلي الذي استهدف كوادر من الجهاد الاسلامي وابرياء في قطاع غزة، وإمكانية تمدد التصعيد الاسرائيلي، ليطال المناطق المحاذية لاسرائيل، وتحديدا جنوب لبنان، وما يمكن ان يجره من تداعيات ومخاطر، تنسحب على الداخل اللبناني، وتزيد من التصادم السياسي الداخلي حول ملف الانتخابات الرئاسية وتداعياته السلبية على الوضع اللبناني المتردي اساسا.


وتعزو المصادر مخاوفها من التصعيد والتازم المحتمل للعنوان الاسرائيلي الى جملة عوامل ابرزها، اختيار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، توقيتا حساسا جدا، يتزامن مع قرار الجامعة العربية بإعادة سوريا إليها مؤخرا، وثانيا حصول الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية لاول مرة بمعزل عن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية، اما لاختبار ردات الفعل الايرانية باعتبار الجهاد الاسلامي تلوذ بالفلك الايراني، ومدى مخاطرها، في حال استهداف المفاعلات النووية الايرانية لاحقا، ولارسال رسالة اعتراض للمملكة، مفادها رفض إسرائيل لمثل هذه الاتفاقات التي تعيق خطط إسرائيل للاستكمال تطبيع علاقاتها مع الدول العربية ولاسيما بالخليج العربي.
اما العامل الثالث والمهم، فهو شدشدة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بعدما ترهلت بفعل الاعتراضات والانقسام على التعديلات المقترحة على صلاحيات السلطة القضائية، وبداية تفسخ الحكومة الإسرائيلية، واعادة تجميع القوى السياسية وراء الحكومة المتطرفة، من خلال تكبير حجم المخاطر والتحديات التي تواجه إسرائيل، وهو ماكانت تلجأ اليه الحكومات الإسرائيلية للخروج من مأزقها الداخلية باستمرار.

المصدر
اللواء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى