إقتصاد

أستاذ الاقتصاد عجاقة: رفع الدولار الجمركي لزيادة مداخيل الدولة لن يؤدي النتيجة المطلوبة

وسط أزمة اقتصادية متفاقمة غابت عنها الحلول الشاملة، تلجأ الحكومة اللبنانية بين الحين والآخر إلى اعتماد إجراءات تتسبب بأعباء إضافية تقع على كاهل المواطن الذي يتحمل تبعات اتخاذها. فقد عمدت الحكومة مؤخرا إلى رفع الدولار الجمركي والضريبة على القيمة المضافة (TVA) الذي سيبدأ العمل به منتصف الشهر الحالي، وذلك بهدف تأمين ايرادات للدولة. لكن هذا الأمر أدى تلقائيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتضخمها، ومعه المزيد من فقدان القدرة الشرائية للمواطنين.

ففي أقل من سنة جرى تعديل الدولار الجمركي أربع مرات، فبعد أن اعتمد لسنوات على سعر 1507، جرى رفعه في ديسمبر الماضي إلى 15 ألف ليرة، وتباعا إلى 45 ألفا وبعدها إلى 60 ألفا واليوم إلى 90 ألفا. في وقت يتحرك فيه سعر صرف الدولار في السوق السوداء ما بين 94 و95، على أن يتم ربط الدولار الجمركي بسعر منصة صيرفة التي تبلغ 86500. وكل ذلك بهدف رفد الخزينة بالإيرادات لتأمين التمويل اللازم لزيادة رواتب الموظفين في القطاع العام والعسكريين والمعلمين.

وقد لاقى قرار رفع الدولار الجمركي اعتراضا في الأوساط الاقتصادية والشعبية. في وقت تعد فيه مسألة توحيد سعر الصرف أحد مطالب صندوق النقد الدولي الذي وقع لبنان معه اتفاقا مبدئيا قبل عام بهدف الحصول على ثلاثة مليارات دولار. فهل هذا يعني أن هناك محاولة من قبل الحكومة لتوحيد أسعار الصرف؟

في السياق، رأى استاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية د.جاسم عجاقة أن التجربة أثبتت أن رفع الدولار الجمركي لن يعطي النتيجة المطلوبة منه، أي زيادة مداخيل الدولة المالية بحكم التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، مؤكدا لـ «الأنباء» أن الهدف الظاهر من هكذا إجراء هو تأمين إيرادات اضافية لتمويل زيادة رواتب القطاع العام، أما الهدف الخفي فهو سحب الكتلة النقدية بالليرة. وبالتالي، كلما ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، سيرتفع معه السعر على منصة صيرفة.

وأشار د.عجاقة إلى أن الفواتير المترتبة على المواطنين من كهرباء واتصالات وعلى التجار من رسوم جمركية وضريبة على القيمة المضافة TVA كاش وبالليرة اللبنانية، تسهل معها عملية سحب الليرة من السوق وبكمية أكبر ومن دون أية إجراءات، وهذا الأمر يعني أن هناك محاولة لتقييد ارتفاع الدولار مقابل الليرة.

ورأى أنه كلما ارتفع سعر منصة صيرفة وبحكم أن الدفع كاش وبالعملة اللبنانية، فإن ما سيتم دفعه للقطاع العام من زيادات بالليرة ستسحب من السوق بواسطة هذه الآلية.

وأشار إلى أن التضخم في الأسعار ناتج عن رفع دولار الرسوم والضرائب وليس عن تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، مع الإشارة إلى أن الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة كنسبة مئوية لم تتغير بحكم أنها من صلاحيات المجلس النيابي.

واعتبر د.عجاقة أن مسألة توحيد أسعار الصرف تستند أولا على انسحاب مصرف لبنان من السوق السوداء للدولار كليا وتركه له، وعليه يصبح سعر منصة صيرفة مثل سعر دولار السوق المتداولة أي السوداء، فعندما انسحب المصرف من السوق منذ فترة وصل الدولار إلى 140 ألف ليرة، وبالتالي فإن هذه الطريقة خطيرة وعنيفة على الطبقة الفقيرة. وعلية فإن المطلوب آلية توحيد تدريجية بدعم من صندوق النقد الدولي، وهو ما يفرض إصلاحات.

وأكد ان كل الإجراءات التي تقدم عليها حكومة تصريف الأعمال هي إجراءات مجتزأة وحلول ترقيعية. وما نشهده اليوم هو تثبيت للوضع القائم وحالة من الستاتيسكو بانتظار الإصلاحات الموعودة، انما لا قدرة للحكومة على اتخاذ خطوات إصلاحية مهما كان نوعها لأنها رهينة القوى السياسية.

المصدر
الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى