محلي

لقاء روحي في راشيا

عقد في دار الفتوى في راشيا وبدعوة من مفتي راشيا الشيخ البروفيسور وفيق محمد حجازي في بلدة عزة -البيرة، اللقاء الروحي الاجتماعي الأول بعد انتخابه مفتيا لراشيا، بحضور قائمقام راشيا نبيل المصري، الإكساركوس الأب متري الحصان والإكاساركوس إدوارد شحادة والوفد الكنسي، عضو المجلس المذهبي الدرزي الشيخ أسعد سرحال ووفد من مشايخ طائفة الموحدين الدروز والعلماء.

وبعد الترحيب بالحضور، تحدث المفتي حجازي فأكد أن “دار الفتوى هي دار الوطن كله، وأن ما نقوم به هو لخدمة كل أبناء هذا القضاء، إيمانا منا بلزوم خدمة اللبنانيين والمقيمين في هذا القضاء، وتلبية تطلعات المواطنين في ما يسهم ببناء الوطن، فالمرجعيات الروحية بمكانتها الروحية، وقيمتها الدينية، ووظيفتها الرعوية، هي الموئل والمرجع للجميع، والحانية عليهم، والحريصة علي استقرار الوطن، وازدهار الحياة فيه، لا تدخل زواريب السياسة، بل الساسة يرجعون إليها عند اختلافهم، ويتشاورن معها فيما يرومونه للوطن، وبالتالي هي الراعية والحكم بين الإخوة، إن اختلفت وجهات أنظارهم السياسية، فاللقاء الروحي يعلو بروحانيته فوق الأنا، ويحلق بمراميه وآفاقه من أجل خدمة الإنسان، وذلك للتنسيق بيننا لخدمة أهلنا كل أهلنا، وبخاصة أننا نعيش في ظل أزمات معيشية اقتصادية وسياسية، تتطلب منا العمل الدؤوب والمتواصل فيما بيننا، وكل بمكانه كذلك، لمواجهة الأزمات المعيشية”.

أضاف: “فقضاء حوائج الناس ومساعدتهم، وجبر خواطرهم، وبلسمة جراحهم هو من لب الدين، وإحياء مهجة النفس الإنسانية والعمل على تحقيق سبل السعادة لها، لتحيا بكرامة وتعيش برغد وأمان وطمأنينة هو إحياء لها، والله تعالى يقول في القرآن الكريم: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ولأنه لا يمكن عقلا أن يستمر واقع الحال في هذا الوطن العزيز على ما هو عليه من استمرار في عملية التدهور واللامبالاة، وبخاصة أننا نعيش أزمة شغور رئاسي، سبقت بشغور قيمي، تجاه خدمة الناس، مما رتب انهيارا اقتصاديا ربما لم يمر على تاريخ لبنان مثيلا له، لذلك نطالب السلطة السياسية بسرعة انتخاب رئيس للجمهورية لينتظم عِقد السلطات بعد ذلك على مستوياتها، فليس مقبولا أن يكون لبنان في هذه الحالة، والتي للأسف تسبب الترهل السياسي واللامبالاة إلى هجرة العقول والادمغة والأسر من لبنان وبأعداد مضاعفة، وخاصة أن إحصائيات تحدثت عن هجرة في الطاقم الطبي وأن فوق الثلاثين بالمئة منهم ممن هاجرت من لبنان وفوق الأربعين بالمئة من الممرضين كذلك فضلا عن أعداد كبيرة من الأساتذة والمهندسين جراء الواقع المتعثر اقتصاديا وسياسيا كلها هاجرت من لبنان ولجأت إلى بلاد أخرى لتؤمن لقمة عيشها. وهذه الهجرة الناعمة واللجوء المخيف وعلى السلطة السياسية بدلا من تهجير المواطنين أن تهجر الكسل والتخاذل ليبقى لبنان متألقا ويبقى اللبنانيون فيه ليعمروه وينهضوا به من كبواته، وإن واجبنا أن نضاعف عملنا وجهدنا لخدمة أهلنا المقيمين كما المغتربين حتى نحافظ عليهم في وطنهم، فحب الوطن من الإيمان، وعلينا التنسيق في ما بيننا والتعاضد خدمة لمجتمعنا وأهلينا، عندنا القدرة على مواجهة التحديات التي تعصف بوطننا الحبيب لبنان، فدورنا جوهري وأساسي في هذا الوطن، بل وفي تصحيح بوصلة الطريق للساسة أيضا ليعملوا بمقتضى ما يستوجبه العمل الوطني، فإن تخلت السلطة السياسية عن القيام بواجبها تجاه الوطن، فلن نتخلى عن واجبنا، لأن ارتباطنا به ليس مرحليا بل تكامليا لأننا نؤمن بأن الغرس سينتج حصادا وثماره تستمر معنا إلى ما شاء الله تعالى”.

وختم: “ان علينا واجبا دينيا تجاه أهلنا وخاصة وأمام انتشار أوبئة خطيرة تهدد مجتمعنا شبابنا وفتياتنا، وهي لوثة انتشار المخدرات، والتي تتطلب منا دينيا أن نحذر رعايانا من هذه الجريمة القاتلة ومروجيها، بل والعمل على محاسبتهم قضائيا وتحذيرهم دينيا، فهذا قتل ممنهج لحملة مشعل الوطن في قابل الأيام وهذه الجريمة التي تنتشر في بيئتنا جراء الازمة المعيشية تتطلب منا العمل اللازم للقضاء على الأسباب الموجبة لها، ومن ثم للقضاء على وجودها تماما حماية لأبنائنا ومجتمعنا ومن ثم الوطن الحبيب لبنان”.

ثم تحدث الإكساركوس الحصان، مثمنا هذا اللقاء والعمل سوية من أجل خدمة اللبنانيين، شاكرا لدار الفتوى مبادرتها ودعوتها هذه “وهذا مصدر ثقة لنا كذلك”.

وتحدث عضو المجلس المذهبي الدرزي الشيخ أسعد سرحال مثمنا هذا اللقاء، واعتبر أن “راشيا بتنوعها الطائفي وتميزها المذهبي هي نموذج للوطن كله، والاجتماع هذا رسالة واضحة على أهمية المحافظة على هذا التنوع”. مضيفا: “نحن في هذه المنطقة عشنا وحدة الألام والأوجاع سويا على مدى عقود وقرون من الكفاح في سبيل العيش الكريم، ومرت ظروف كثيرة على هذا البلد المسكين من حروب وخيارات ونزاعات وبقينا في راشيا وجوارها بعيدين والحمدلله عن الانقسام والتشرذم وبقيت أحزاننا وأفراحنا مساحة للتواصل”.

وقال: “ان هذا الإرث الغني الذي ورثناه عن الآباء والأجداد نؤكد اليوم تمسكنا به واستمرارنا فيه بما أوتينا من عزم وقوة وإرادة نهجا قويما لا نحيد عنه، ونهج الصلاح والقيم والمبادئ الذي اتخذه شيوخنا وكبارنا مسلكا سوف نبقى عليه ما حيينا وسوف نربي أبناءنا وبناتنا عليه متحصنين بالعلم والوعي.

ثم تحدث القائمقام المصري، فاعتبر أن “انعقاد هذا اللقاء وهو الأول في المنطقة شيء متميز وله أهمية ووقع كبير، ودار الفتوى في راشيا بما تقوم به هو عنوان تميز وتألق وشيء تشكر عليه وتساند عليه لأنه عمل يصب في خدمة الوطن كله كذلك”.

وبعد مداولات ومشاركة من الحضور ختم اللقاء وحدد لقاء دوري شهري للمرجعيات الروحية يعقد في أول كل شهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى