سياسة

لا بديل للحريري: نحو إحياء حكومة دياب من البوابة السورية؟

في مقابل ندرة المواقف الداخلية التي تناولت اعتذار الرئيس سعد الحريري، طغت على مسلسل الأحداث ردات الفعل الدولية التي توالت منذ اللحظة الاولى للحدث. وإن تلاقت على عبارات ورسائل موحدة تتحدث عن الخوف من الآتي فقد شددت على حكومة كاملة الاوصاف الدستورية ليتسنى لها مواجهة الأزمات التي تناسلت وعمت مختلف القطاعات في البلاد مهددة بالانهيار الاقتصادي وتفكك المؤسسات الرسمية التي عجز البعض منها منذ اليوم عن تقديم الخدمات التي اوكلت اليها.

وبعيدا من مضمون المواقف الدولية التي تلاقت حول العديد من النقاط ولم يظهر اي خلاف كبير في العناوين الاستراتيجية يمكن الإشارة اليه، إلا ان الاوساط السياسية انقسمت حول تفسيرها. وإن كان الإجماع على تحميل المنظومة السياسية والحكومية مسؤولية الفشل في مواجهة الاستحقاقات التي واجهتها البلاد واضحا وصريحا، فانها تسمح بالتوسع قي قراءة أكثر من نقطة خلافية وابرزها التي قالت بان الحريري فقد كل سند له اقليما كان أم دوليا وعربيا سواء اسفت لفشله في عملية التأليف ام انها هي التي حرضت على الخطوة واستدرجته إليها ورمى الكرة في ملعب السلطة الفاشلة لتعقيد الأمور عند البحث عن الخليفة المفقود.

على هذه الخلفيات رأت اوساط سياسية عليمة عبر “المركزية” ان بعض المواقف الدولية بقيت غامضة لجهة رفض الخطوة الحريرية والتعبير عن الأسف من عدم انجاز التشكيلة الحكومية واعتبار أخرى أنها كانت خطوة طبيعية لا بد منها وان جاءت متأخرة كثيرا عند الإشارة الى فترة الضياع التي امتدت تسعة أشهر تقريبا والتي أفقدت البلاد فرصا متعددة للانقاذ.

فالحركة الديبلوماسية التي سبقت الإعتذار اوحت بممارسة أقصى الضغوط من اجل تشكيل حكومة قبل ان تصطدم بحجم الخلاف الذي تنامى بين رئيس الجمهورية والحريري فتعثرت عملية التأليف ليس بسبب الخلاف على بعض الحقائب الامنية والعدلية او من يسمي وزيرين مسيحيين، فقد اتهم الحريري بتجاوز كل التفاهمات السابقة التي تم التوصل إليها في نهاية مسلسل الإجتماعات التسعة عشرة في وقت أصر فيه الحريري بان رئيس الجمهورية لم يكن مستعدا للبحث في اي صيغة وان مجالات التعاون معه مقفلة الى النهاية.

ثمة من يعتقد ان الحراك الديبلوماسي لم يتناول الخلافات الحكومية بشكل تفصيلي بقدر ما شدد على الوجوه الانسانية والاجتماعية للازمة وكيفية التخفيف من آثارها الكارثية وترك الأمر للمسؤولين اللبنانيين في الملف الحكومي. وان حدد مهلا لذلك فإنه فشل في إجبار اي من أطراف الصراع على تغيير موقفه للتلاقي عند نقاط مشتركة. وما اقلق المراقبين ان الإصرار الدولي على مساعدة لبنان واللبنانيين الذي اريد له ان يكون من خارج المؤسسات الحكومية قد ادى الى فشل هذه الجهود قبل انطلاقها في مرحلتها الجديدة التي سعى خلفها الثلاثي الاميركي – الفرنسي – السعودي الجديد بعدما تمكنت الحكومة من محاصرة جهوده وفرض وجهة نظرها بعد اصرارها على اعتماد الآليات الحكومية وعلى الاقل إنشاء منصة وطنية لتوزيع المساعدات في وقت لا يمكن للمجتمع الدولي والعربي ان يثق بالمسؤولين اللبنانيين مخافة استخدام هذه المساعدات في زواريب المصالح الحزبية الداخلية وربما الطائفية عشية دخول البلاد مدار الإنتخابات النيابية بعد اشهر قليلة وفقدان اي إحصاءات موثوق بها حتى اليوم.

عند هذه الحدود توقفت المراجع الديبلوماسية امام سيل المواقف الدولية فلم تجد أنها كانت موحدة. فتزامنا مع عودة السفيرتين الأميركية والفرنسية من الرياض الى بيروت تبين ان الثلاثي الجديد لم يلتق على تفسير واحد لآليات المواجهة. فالمملكة العربية السعودية لم تبد التجاوب الكافي باشتراطها عدم وصول اي من المساعدات الى اهل الحكم الذين قبلوا بسيطرة حزب الله على الحكومة ومؤسساتها وقراراتها السياسية بمساندة واضحة من رئيس الجمهورية وحلفائه في مقابل عجز الفريق الآخر من امتلاك القدرة على التصرف باي منها.

وان تناولت المراجع الموقفين الروسي والمصري اللذين شكلا رأس حربة في تسهيل مهمة الحريري ودعمه، فانهما تراجعا بسرعة قياسية بعدما اصطدما بالعوائق عينها التي حالت دون إتمام المبادرة الجديدة التي قادها قداسة البابا فرنسيس وترجمها الثلاثي الجديد وهو ما ترجم بقرار اعتذار الحريري وفتح البلاد على الكثير من السيناريوهات المجهولة.

وبالرغم من الحديث المتنامي عن المبادرة الفرنسية فقد بات واضحا انه لم يعد هناك اي أمل باحيائها وكذلك مبادرة الرئيس نبيه بري التي نمت في كنفها فأركان السلطة ان نجحوا في تسمية البديل من الحريري في وقت قريب فانهم يتجهون الى استراتيجية جديدة تقود لبنان اكثر الى محور الممانعة باتجاه إحياء العلاقات مع النظام السوري بشكل جدي وصريح وجريء ولربما علينا ان ننسى النصيحة باللجوء الى صندوق النقد الدولي ففي الاستراتيجية الجديدة لا وجود له بحجة رفض الإذعان لشروطه وهو ما علينا ترقبه في الفترة القريبة.

وختاما يختم المراقبون بالقول ان أمام السلطة الحالية مهلة قصيرة للبحث عن البديل وان فشلت المحاولة فمشاريع احياء حكومة الرئيس حسان دياب قائمة على قدم وساق من البوابة السورية وربما الروسية فهل ستقفل باقي البوابات الى اجل غير مسمى وكيف سيكون عليه الوضع في المستقبل القريب ومن هو القادر على لجم الانهيارات المتتالية في أكثر من قطاع؟

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى