مقالات

وزير المال وماريان: لا نعرف رجا سلامة ولا “Forry”!

من دون أدنى شكّ تكتسب شهادة وزير المال يوسف خليل المؤجّلة أمام القضاة الأوروبيين يوم الجمعة المقبل أهمية استثنائية ربطاً بعدّة عوامل:

– هي المرّة الأولى التي تَمثل فيها شخصية تشغل منصباً وزارياً حالياً أمام محقّقين أجانب في قضية “سلامة Gate” بعدما كان حقّق المحامي العامّ المالي القاضي جان طنّوس مع الوزير خليل في 24 حزيران 2021 واطّلعت القاضية الفرنسية أود بوريسي على محضر التحقيق ليَصدر القرار بالاستماع مجدّداً لخليل كشاهد ربطاً بمفاتيح أساسية وردت في متن اعترافاته أمام طنّوس. هذه المرّة سيمثل خليل أمام الوفد القضائي الأوروبي المُوسّع ومن ضمنه الادّعاء الألماني. 

تَكوّنت شبه قناعة لدى الوفد الأجنبي أنّ وزير المال يتهرّب من المثول أمام القضاة الأوروبيين، خصوصاً أنّ التحجّج بعدم تبلّغه أصولاً لم يكن مُقنِعاً. فالمسار القانوني للتبليغ هو قاضي التحقيق أو مدّعي عام التمييز اللذان يصل إليهما طلب المساعدة القضائية، والتبليغ يتمّ عبر المساعدين القضائيين وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أو قوى الأمن الداخلي أو الشرطة القضائية police judiciaire التابعة لمدّعي عام التمييز. هنا تسقط كلّ أنواع الحصانات حتى لو كان المُستدعَى وزيراً أو نائباً أو أيّ سياسي.

التساؤلات حول دور وزير المال في عرقلة مسار اتّخاذ الدولة اللبنانية صفة الادّعاء الشخصي، عبر رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، في التحقيقين الفرنسي واللبناني حول حاكم مصرف لبنان. هو غموضٌ مقصود في شأن دور وزير المال بإعطاء الإذن لملاحقة سلامة أثّر، برأي مصادر قانونية، على تأجيل قرار محكمة الاستئناف الفرنسية المتعلّق برفع الحجز عن ممتلكات وعقارات سلامة في باريس أو الإبقاء عليه، وذلك حتى 23 أيار المقبل، وأثّر أيضاً في إثارة الجدل حول دور هيئة التشريع والاستشارات في القضية كمحصّلة لحقوق الدولة وصولاً إلى التشكيك بقانونية حضور اسكندر لجلسات التحقيق مع كلّ المُستدعين. 

لكن بعد تأخير دام أسابيع تقدّم خليل بكتابين في 18 نيسان يفيد فيهما بأنّه “قانوناً لا علاقة لوزارة المال بإبداء الرأي بشأن اتّخاذ الدولة اللبنانية صفة الادّعاء الشخصي في التحقيق الأوروبي واللبناني، وعلى هيئة القضايا في وزارة العدل القيام بما تراه مناسباً في هذا الخصوص”، وبأنّ وزارة المال “أخذت عِلماً بخصوص انضمام الدولة اللبنانية في الدعوى المُقامة من النيابة العامّة الاستئنافية في بيروت بحقّ الحاكم وشقيقه رجا وماريان الحويك وكلّ من يظهره التحقيق أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت”. عمليّاً، يُنتظر صدور القرار النهائي عن قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا في شأن الدفوع الشكلية المقدّمة من وكلاء رياض سلامة، مع العلم أنّ المحامي العام الاستئنافي القاضي رجا حاموش أبدى رأياً غير مُلزِم في الدفوع مقرّاً بعدم جواز ادّعاء الدولة اللبنانية ضدّ الحاكم، قبل الحصول على إذنٍ مسبقٍ من وزير المال. 

هكذا يكون وزير المال قد استجاب أخيراً للرأي القانوني الذي عادت وأصدرته القاضية اسكندر بعد اطّلاعها على كتابَيْ الوزير خليل بأنّ “الصلاحيّات المُعطاة لرئيسة هيئة القضايا والمنصوص عليها في تنظيم وزارة العدل، لا توجب عليها الحصول على إذن من وزير المال للادّعاء على حاكم مصرف لبنان”. 

إفادة وزير المال

لكنّ الأهمّ بنظر القضاء الأوروبي يبقى في ما يَعرِفه، وما فَعَله، وما لم يقُله وزير المال حتى الآن. تقول مصادر معنيّة بملفّ ملاحقة رياض سلامة إنّ “إفادة وزير المال، إذا سمحت له مرجعيّته السياسية والطائفية بالمثول أمام القضاة الأوروبيين، أساسية جداً في مسار التحقيقات”، مشيرة في هذا السياق إلى أن “لا حصانات هنا، حيث تتمّ مساءلة خليل عن مرحلة طويلة شَغل خلالها منصب مدير العمليات في مصرف لبنان، وهو ما حوّله إلى كنز معلومات، إذ تتضمّن صلاحيّاته الكبيرة الإشراف التنفيذي على بيع وشراء سندات الخزينة وشهادات الايداع وكلّ الأوراق المالية التي يصدرها البنك المركزي”. 

لفتت المصادر إلى أنّ سلامة “خلال التحقيق معه من قبل القاضي طنوس نفى بداية وجود عمولات يتقاضاها مصرف لبنان من المصارف والقطاع الخاص لقاء الخدمات المالية وخدمات الاستثمار التي يؤمّنها، ثمّ عاد وأكّد وجود “حساب عمولات” في مصرف لبنان، لكنّ مديرية العمليات لا صلاحية لها بالتصرّف بالأموال أو تحريك الحساب”. 

في هذا السياق، تفيد معلومات “أساس” أنّ نقطة التقاطع الأهمّ بين ما أدلت به مساعدة الحاكم ماريان حويك وإفادة الوزير خليل أمام القاضي طنوس هي عدم معرفتهما بوجود شركة “فوري” ولا بمالكها رجا سلامة ولا بالحسابات العائدة لرجا كمشغّل لحسابات رياض التي أُقفلت في “بنك الموارد” عام 2019، ولا بعمولة الـ 330 مليون دولار التي استفادت منها Forry.

الاتّهام الذي تتقاطع عنده شبهات معظم المحقّقين الأوروبيين، وفق مطّلعين، يقوم على أنّ عقد الوساطة بين “فوري” ومصرف لبنان هو عقد صوَري استُخدم لتحويل أموال مُختلَسة بقيمة 330 مليون دولار من المصرف إلى الخارج، وأنّ العمولات التي تقاضتها الشركة لا تترافق مع أيّ خدمة فعليّة قدّمتها “شركة رجا سلامة”، وهو ما يشكّل، برأي هؤلاء، جزءاً من حلقات غسل أموال وتبييض واستفادات مالية صبّت في جيب رياض ورجا وآنا كوزاكوفا وآخرين، وتداخلت حساباتها بشكل سافر ووقح بين حساب المصرف المركزي والحسابات الشخصية للمتّهمين بسرقة بنك الدولة والمال العامّ.

المصدر
ملاك عقيل- أساس ميديا

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى