مقالات

ملحم خلف ونجاة عون: 100 يوم من التسلح بالموقف

القرار الذي اتخذه النائبان #ملحم خلف و #نجاة عون قبل مئة يوم بالاعتصام داخل #مجلس النواب الى حين انتخاب رئيس للبلاد، لم يكن سهلاً في بلد لا تؤثّر فيه مجريات وأحداث كبيرة كمثل انفجار مرفأ #بيروت، وانهيار الوضع الاقتصادي، وقيام انتفاضة شعبية، وحروب داخلية عبثية، الى الفراغ الرئاسي وتعطل الحكومة، وإرجاء الاستحقاقات وغيرها.

أن يتخذ نائبان قراراً بتنفيذ اعتصام حضاري، في بلد تحكمه الميليشيات التي لا تقرب من الحضارة، أمر معقّد، ويأسر أصحابه قبل الآخرين، ولا يجد الصدى المناسب، أو التفاعل الكافي لدى مختلف الشرائح التي تناول جزء كبير منها الحراك بالسخرية والتصويب المهين.

كثيرون ينتقدون الخطوة، ويرون أنها مغامرة غير محسوبة النتائج، اذ إن ضررها، أو عبئها المفترض يقع على صاحبيها فقط، وهما صارا أسيرَي قرارهما.

لكن الخطوة يجب أن تخضع للتقويم بعد مرور مئة يوم عليها، ففيها الكثير من الايجابيات ويمكن ان تكون لها سلبياتها ايضا.

أن يقرر نائبان الدفع باتجاه انتخاب رئيس للبلاد، لَهُوَ تمسكٌ بالدستور الذي يُداس كل يوم، وهذا أمر يُقدَّران عليه إذا كان ثمة مَن يقيم وزناً بعد للدستور.

أن يلجأ رئيس مجلس النواب الى التضييق عليهما لهو أمر مشين، إذ إنهما يمارسان حقاً مشروعاً لا يجوز التعرّض له. بل كان الأحرى برئيس المجلس نبيه بري، المعروف بالتقاطه الفرص، أن يبادر الى لقائهما وتأييدهما، ودفعهما الى مزيد من الضغط لانتخاب رئيس، وتشجيعهما للتصويب على المعطّلين إلا اذا كان وفريقه يحسبان أنهما في عداد المعطلين، وليسا في الموقع المقابل كما يدّعيان.

ان عدم تضامن نواب #المعارضة، أو المعارضات، مع زميليهم في الاعتصام، لأمرٌ مبرر وغير مدان، اذ لا طاقة احتمال لدى كثيرين لهذا الأسر الطوعي، والذي طال أمده، بعيداً من عائلاتهم، وفي ظل عدم القدرة على تسيير أعمالهم، وما يؤخذ على هؤلاء ليس فيه وجه حق، اذ إن الخطوة غير جماعية، وغير منسقة وبالتالي فإن التصويب على المعارضين في غير محله.

ان ترك خلف وعون وحيدين، أو شبه وحيدين، لا يدينهما، بل يشكل إدانة صارخة لقوى المجتمع المدني، والنقابات، والجمعيات المهنية، التي تصدر البيان تلو الآخر، في مناسبة أو غير مناسبة، ويدين قوى الثورة التي طالبت بالتغيير، فإذ بها تلوذ بالصمت، خوفاً من نائبين تغييريين لا حول لهما ولا قوة.

كما ان ترك خلف وعون لمصيرهما من زملائهما النواب، الى اي كتلة انتموا، يفضح المجلس النيابي كله، إذ ليس فيه إلا قلة تتمتع بالاستقلال، وحرية القرار، وفي ما عدا ذلك، أعداد لا قيمة لها ما دامت لا تجرؤ على التمايز، أو على إعلان موقف مغاير لـ”بطاركة #السياسة”.

ان اتهام خلف وعون بحبّ الظهور الاعلامي، لا يقلل من الخطوة وأهميتها، إذ إن الإعلام شريك أساسي في كل المحطات، وثمة تنافس لدى كل القوى السياسية على الظهور الاعلامي، فلا يقتصر الأمر على النائبين المذكورين إذا افترضنا أن الأمر صحيح.

أما الإعلام فحدِّث ولا حرج، لأن معظمه على صورة البلد، بانقساماته، وانتماءاته، ومسايرته للسلطة، أياً يكن نوعها. فالاعلاميون الذين يدافعون عن حرية التعبير، لم ينصفوا التحرك في هذا الإطار، بل تناوله كثيرون بالانتقاد الحاد، تبعاً لأهواء الجهات التي ينتمي اليها هؤلاء. وحرية التعبير اذا كانت غير مصانة لدى نواب لهم حصانتهم، فكيف ستتوافر لمواطن أعزل؟

المصدر
غسان حجار - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى