سياسة

مئة يوم على اعتصامهما… خلف وعون يوجّهان كتابًا للنواب والشعب اللبناني

صدر عن النائبين ملحم خلف ونجاة عون:

أيام انقضت، وأيام تنقضي، والأفق لا يزال مسدوداً.

وكأنّ المسؤول مستسلم للقدر، وكأنّنا في عربة منزلقة بدون فرامل وبدون قيادة والشعب فيها مخيّر بين أن يصل الى موت محتّم أو يقفز الى المجهول.

ونحن كنوّاب نمثّل الأمة جمعاء، مؤتمنون على وكالة ليس لنا فيها سوى صلاحية إعلاء الصوت والتحذير.

فإدارة السلطة التشريعية في وادٍ، وكذلك السلطة الإجرائية، ونحن كصوت صارخ في برية من الصُمّ اللاهين عن قطيع شارد بين الذئاب.

وإنّ تشبّثنا بالبقاء في حرم المجلس النيابي ليس هوايةً أو ترفاً بل هو واجب دستوري يلزمنا كنوّاب استكمال هرمية السلطات منعاً للانحلال جرّاء الفوضى المتفاقمة.

وقد آثرنا أن نُضَحّي بحياتنا العادية في سبيل حق الشعب علينا، “وليس مَن طَلب الحق فأخطأه كمن طَلب الباطل فأدركه!”.

يقول الإسكندر: “إن أعظم شرف أن يقهر الملك رغبات نفسه قبل أن يقهر أعداءه”.

وها إننا ننقاد وراء رغبات سلطوية – شخصية – مادية – حزبية ضيقة – مذهبية – ويستعدي بعضنا بعضاً وكأننا في داحس والغبراء!

وانتخاب رئيس إنقاذي للجمهورية يتمّ داخل قبّة البرلمان – بحضورنا جميعاً – ودون مغادرة لحين نيل أحدهم الأصوات المطلوبة. وما دام ثمة أكثر مِن اسم مطروح للرئاسة مُعلن أو غير مُعلن، فهل يجب التوافق على اسم محدّد خارج المجلس لتصبح جلسة الانتخاب صورّية؟! أم علينا المثابرة على دورات انتخاب دون انقطاع حتى تقتنع الأكثرية بمن يستحق أن يكون رئيساً إنقاذياً، فتكون الدورات المتتالية مع فرز الأصوات بمثابة المهماز للحوار الحقيقي داخل المؤسسات في ضوء تقييم نتائج كل دورة، على أن يكون الاصطفاف لصالح الوحدة الوطنية، والمصلحة العامة في مباشرة الإصلاح بإنتخاب رئيس إنقاذي يكون في شخصه ومؤهلاته ومواصفاته مقدّمة للتغيير الإيجابي في الأسلوب والمقاربة…

نستذكر رجل الاستقلال رياض الصلح حين قال:
“قد بنينا دولة ولم نؤسّس وطناً”.
ونخشى إزاء سلوك غالبية الساسة اليوم أننا لم نبنِ ولم نؤسّس!

وكم يجرحنا ويؤلمنا أن نلمس لمس اليد أن دولاً ومرجعيات أجنبية، تجتمع خارج لبنان لبحث مسألة هي من صميم واجبات المجلس النيابي الدستورية، فيقيّمون، ويمتحنون، ويشترطون، ويخططون، ويقررّون، ويأمرون بمعزل عن إرادة شعبنا وممثليه، بما يشكل مسّاً مميتاً بكرامتنا الوطنية وشرفنا السيادي وعنفواننا الاستقلالي، ونحن غافلون، مستنكفون، مستقيلون من وكالتنا الشعبية!
وكم هو مخزٍ ومخجل فيما لو توافق الغرباء على اسم رئيس أن نتدافع للحضور الى المجلس والتسابق في وضع اسمه في صندوق لن يكون موئلاً للديموقراطية، بل رمس ندفن فيه عندها جدارتنا بوطن مستقلّ نتباهى بمكانته بين الأمم.
فإن كان يستحيل لأحد أن يركب ظهرك إلا إن كنتَ منحنياً فما بالنا، وعن مصلحة شخصية أو عن جهلٍ أو حقد، نستجلب الركّاب وقد ضاقت ظهورنا بهم وازدحمت.
وبدلاً من أن يكون لبنان الرسالة الديبلوماسية الراقية والذكيّة لحل أزمات مستعصية بين الدول والشعوب، أصبحنا نتوسّل وساطات الأقربين والأبعدين لتقريب وجهات نظر السياسيين اللبنانيين وخفض جدران الفصل الأخوي التي أقاموها في ما بينهم، وهم يمارسون سياسة النكاية في أبهى تجلياتها المخيفة، حتى صحّ فيهم: “إنهم كالطاعن نفسه ليقتل ردفه”.
وفيما الساسة يقومون بالتناحر والتطاعن والتقاتل، فثمة مخاطر وجودية تحيق بالوطن والشعب ليس أقلها: النزوح – اللجوء – الأوضاع الاقتصادية والنقدية والاجتماعية – فقدان هيبة الدولة – انهيار سلطة العدالة…
والشعب يئنّ ويصرخ ويستغيث ويستجير بالضمير، وبعضنا لا يشعر بأنه المنادى أو المُستجار به!

وإن كان اليأس تملّك فينا – أو يكاد – لناحية أن يستعيد بعض ممثلي الشعب الإرادة والإقدام والحسم ووضع الرؤية… فلم يبقَ لنا سوى أن نعود الى مصدر وجودنا في هذا المجلس، أي الشعب اللبناني، لنقول:

إذا قتلتنا الدولة فلن نثأر من الوطن! فالموت يأتي بدون مواعيد، أما حياة الوطن فهي موعد يحدده الشعب.

فإذا سكت الشعب فلا يظنّن أن ممثليه سوف يتكلمون!

وإذا تخاذل الشعب فلا يظنّن أن ممثليه سوف يبادرون!

وإذا نام الشعب والتهى فلا يظنّن أن ممثليه على صحوة بل هم نيام غافلون!

واعلموا أن الوطن هو المكان الوحيد الذي حين تغادره أقدامنا تبقى فيه قلوبنا!

فأنتم مصدر السلطات، فإذا وجدتموها صالحة فهنيئاً لنا ولكم بها، وإن وجدتموها فاسدةً فعليكم بالأكفّ والمعاول والزنود!

فلا يستقيم حكمٌ إلا باستقامة الحاكم، ولا يستقيم الحاكم إن لم يقومّه الشعب!
والسلام.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى