مقالات

أزمة السودان “تُخفّف” اندفاعة مصر تجاه لبنان!؟

تخطف التطورات الحاصلة في السودان الأضواء في الوطن العربي، فقد أتت مفاجِئة في توقيتها، وتُعتبر من الحروب الجديدة بعد أزمة «كورونا» والحرب الروسية – الأوكرانية، وربما تؤثّر على ملفات عديدة في الوطن العربي ومن ضمنها لبنان.

ما لبثت المنطقة أن تأمّلت خيراً بالإتفاق السعودي – الإيراني، حتى اندلعت حرب السودان، ولم تُكشف كامل خيوطها بعد: هل هي صراع داخلي على السلطة؟ أو حرب قد تطول ويدخل العالم مدار الحروب المتنقلة مثلما حصل في فترة الحرب «الباردة»؟ أم هي افتعلت للإضرار بالقاهرة التي تصبّ كل اهتمامها على معالجة أزمتها الإقتصادية؟

وتُمثّل السودان الحديقة الخلفية لمصر أكبر دولة عربية، وتحاول القاهرة مع الرياض تشكيل مظلّة عربية لإعادة بناء الوطن العربي إقتصادياً ووقف التمدّد والنفوذ الإيراني. أما لبنانياً، فيتأثر الوضع بأي تطوّر يحصل في الإقليم والعالم، وكيف الحال إذا كانت القاهرة معنية به؟

وتُشكّل مصر مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر وفرنسا دول «مجموعة الخمس» التي تجتمع من أجل مناقشة الأزمة اللبنانية عموماً والأزمة الرئاسية خصوصاً.

ومع اقتراب موعد انعقاد اللقاء الخماسي الذي يراهن عليه كثر لإيجاد حلّ للأزمة الرئاسية، تُطرح علامات استفهام بالنسبة إلى الحضور المصري بعد الإستنفار الحاصل من الجانب المصري لتطويق حرب السودان ومعالجتها، وأيضاً بالنسبة إلى بقية الدول العربية المشاركة خصوصاً وأنّ هذا النزاع العكسري لا يرحم.

وفي السياق، تكشف مصادر مطلعة على الموقف المصري لـ»نداء الوطن» عدم تأثير الأزمة السودانية على الوضع العام والموقف المصري المختص بلبنان، لافتةً إلى أن مصر من الدول الكبرى وتلعب دوراً إقليمياً وفي العالم العربي وتستطيع العمل على أكثر من ملف، لذلك فملف لبنان شيء والحرب السودانية شيء آخر مختلف تماماً.

وتؤكد المصادر وجود تفاهم مصري – سعودي ضمني بالنسبة إلى أزمة لبنان، وإن كانت القاهرة تبدو أكثر ليونة في الشكل، لكن في المضمون ثمة توافق.

وتشدّد القاهرة على لبنانية الإستحقاق الرئاسي، وعلى القوى السياسية والبرلمانية القيام باختيار الأنسب وانتخاب رئيس يُعيد لبنان إلى حضنه العربي ويرمّم الجسور التي انقطعت مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية، لأنّ الموقف السعودي أكثر من واضح وهو عدم مساعدة أي سلطة لبنانية لا تؤمن بالعمل العربي المشترك ومصبوغة بالفساد المالي والسياسي.

وكما يبدو، تشدّد القاهرة على احترام المبادئ والأفكار التي تطرحها المجموعة العربية في ما خصّ حلّ الأزمة، وهي تحاول التوفيق بين مواقف الدول الكبرى المعنية بالملف اللبناني، لكنها في المقابل لا تعمل على تسويق أي اسم رئاسي أو تضع «فيتو» على اي اسم، وكل ما يهمها هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبدأ مسيرة الإنقاذ والإصلاح ولا يُشكّل انتخابه إنتكاسة لإنطلاق مسيرة الحلّ.

تضع السعودية رؤية كبيرة للمنطقة العربية، فهي تؤكّد عدم تخليها عن أي دولة عربية وعلى رأسها لبنان، وهذا ما صرّح به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي تحدّث عن حلمه بأن يصبح الوطن العربي «أوروبا الجديدة»، وبالتالي لا مساومة عربية على ملف لبنان أو بيع البلد للإيرانيين مقابل اليمن.

ومن جهة ثانية، تكشف الخطوات السعودية تجاه النظام السوري، السعي الدائم لإعادة سوريا إلى الحضن العربي وانتزاعها من «فكّ» إيران، وبالتالي لن يكون لبنان بعيداً عن تلك التطورات الحاصلة في الوطن العربي والتي تؤسس لإستقرار، إذا لم تحصل أي مفاجآت تعكّر صفوه.

إذاً، لن تؤثّر الحرب المندلعة في السودان على موقف مصر والسعودية واندفاعتهما لحل أزمات المنطقة، لكن الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت لدراستها، خصوصاً وأن الأولوية الآن تتركّز على اليمن وسوريا والعراق ومن بعدها سيأتي ترتيب أوضاع لبنان.

المصدر
ألان سركيس - نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى