مقالات

التفاهم الإقليمي وصل أم لم يصل إلى لبنان؟

لا يبدو البيان الذي اصدره الاتحاد الاوروبي بمشاركة كل من #الولايات المتحدة وكندا و#بريطانيا واليابان في مناسبة مرور سنة على توقيع الاتفاق المبدئي مع #صندوق النقد الدولي من خلال الدعوة الى تجنيب #لبنان مخاطر اقتصادية كبيرة انه اخذ او سيأخذ حيزا في اولويات السياسيين الذين دعاهم البيان الى الارتقاء الى مستوى المسؤولية واجراء الاصلاحات المطلوبة او انه لن يقع كما تحذيرات دولية اخرى على غير اذان صماء. فالبيان وان جمع دولا مؤثرة وان لم يتصف بشمولية بيانات مجموعة الدعم الدولية الخاصة من اجل لبنان ، فان هذه الاخيرة كانت ولا تزال تتردد من دون صدى ايجابي ملموس. لن يشكل البيان اي ضغط من اجل ان يبحث المسؤولون في الداخل عن مخرج للبلد موضوع امامهم على الطاولة . فهم لا يشعرون بالضغط الخارجي الذي يفترض ان البيان يعبر عنه. كانت ثمة تجربة مرت قبل اسبوعين تقريبا بتمديد مجلس النواب ولاية المجالس البلدية والاختيارية على غير ما كانت تدفع الامم المتحدة وعدد من الدول الغربية . ولكن رد فعل بعض سفراء الدول التي كانت تضغط في هذا الاتجاه احتراما لاستحقاق يعيد بناء مؤسسات الدولة من تحت لم تتخط اطار بعض التغريدات المعربة عن الاسف لما اقدم عليه مجلس النواب باعتبار ان تأجيل الانتخابات البلدية ” يحرم اللبنانيين اسماع اصواتهم ومحاسبة المسؤولين كما قال على سبيل المثال سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان رالف طراف في تغريداته وتخوفه من ان يسرع هذا القرار ” في تحلل مؤسسات الدولة اللبنانية فيما ان الشعب اللبناني يستحق افضل من ذلك ” . وكان للسفير الالماني في لبنان اندرياس كيندل تغريدة في الاتجاه نفسه وكذلك لمنسقة الامم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا . وهذا كله لا يضع ضغطا كافيا على الداخل من اجل ردع المسؤولين الذين يحافظون على المستوى نفسه من السعي الى الاستمرار في الامساك بمواقعهم ومصالحهم باي ثمن حتى لو كان انهيار البلد او المزيد منه كذلك . لم يتغير ذلك منذ بدء الانهيار ولا يتغير الان حيث لا بشائر حتى الان من الداخل او من الخارج تظهر احتمال التوصل الى نقاط تلاق تؤدي الى حلول فيما ان الوضع الاقتصادي لا يحتل سوى هامشا ضئيلا في الكباش الشرس حول الاستحقاقات الدستورية المقبلة . وخلاصة ذلك ان المواقف الدولية لم تصبح ضاغطة على نحو كبير بحيث ترغم القوى السياسية على مراجعة مقارباتها او منطقها ، على رغم ان اللعبة السياسية في لبنان اقفلت من الداخل ما لم يتغير فيها شيء اساسي فعلا وباتت الانظار مركزة على الخارج في انتظار ما سيحمله التفاهم الاقليمي . ولكن حتى من ضمن ذلك ، فان الاستراتيجية المعتمدة لدى البعض هي في اتجاه اقناع الخارج بخيارات تعفي او يعتقد البعض انها قد تعفي القوى السياسية من الذهاب الى اصلاحات ضرورية يطمحون بقوة الى تجنبها على قاعدة الاعتقاد بامرين : احدهما ان تخفيف التوتر والانفتاح بين ايران والدول الخليجية سينعكس ايجابا على المنطقة ما قد يلغي ضرورة الذهاب الى الاتفاق مع الصندوق وليس فقط الذهاب الى اصلاحات . والاعتبار الاخر ان دخول الصين على خط ضمان التفاهم السعودي الايراني سيعزز نظرية الاتفاق شرقا الذي دعا اليها البعض تفاديا للذهاب الى التعاون مع الصندوق وتلبية شروطه القاسية او تفاديا للاستمرار في الاعتماد على الغرب.

ويعتبر البعض ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي موضوع على الرف ولا يزال صالحا على رغم الكثير من التعديلات التي قد تكون طرأت على الوضع في لبنان فيما يعرف اهل السلطة انه سيبقى موجودا وسيبقى صندوق النقد مستعدا لمساعدة لبنان . كما يعتقد هؤلاء ان الاتفاق مع الصندوق اضحى اداة للضغط او للمساومة من اجل تحصيل الموافقة الخارجية مما يريده الثنائي الشيعي سياسيا لا سيما على خلفية الرفض الذي اعلنه ” حزب الله ” للاتفاق مع الصندوق في مقابل وضعه مرشحا وحيدا على الطاولة ورفضه ان يكون هناك احد سواه باقفال الباب على الاخرين اكان قائد الجيش العماد جوزف عون او الوزير السابق جهاد ازعور باعتبار ان اسميهما وردا في المبادرة التي قدمها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، وذلك اقله حتى الان . فالمتغير الخارجي الوحيد الذي دخل على الخط هو الحوار السعودي الايراني والذي يعتبر كل فريق انه سيعمل لمصلحته . وكان اعلان وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان لدى وصوله الى مطار بيروت دعم ثلاثية ” الجيش والشعب والمقاومة ” دليلا بالنسبة الى البعض في اتجاه دعم منطق ان الاتفاق يعمل لمصلحة فريق ما دام يطمئن الحزب الى تمسك ايران به وعدم تخليها عنه وان سلاح الحزب وموقعه خارج الاتفاق السعودي الايراني ، في حين ان غالبية القراءات لا تذهب ابعد من تحليل الخطوات التكتيكية ليس الا. فلا احد يتوقع ان تعلن ايران تخليها عن اذرعتها والتنظيمات التي تدعمها وهي جوهر قوة نظامها راهنا والاوراق القوية المتروكة لاتفاقات او تفاهمات اخرى، ولكن الامور ليست في ظواهرها فحسب وفقا لمصادر ديبلوماسية . وتاليا يبقى السؤال الذي ينتظر كثر الاجابة عليه هو كيف سيصل التفاهم السعودي الايراني الى لبنان وهل وصل ام لم يصل بعد؟

المصدر
روزانا بومنصف - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى