سياسةمقالات

سليمان فرنجيّة رئيساً.. “عضّة كوساية”!

يحقّ لسليمان فرنجية أن يدّعي أنّه المرشّح الرئاسي الوحيد الذي أعلن مشروعه الرئاسي أمنيّاً وسياسياً واقتصادياً ودولياً، وسط تعدّد الأسماء المرشّحة الكبيرة والصغيرة الملتزمة الصمت، والمعتمدة على الصورة وربطة العنق وعمل السماسرة والوسطاء، من دون أن تعلن مشروعاً سياسياً واضحاً. كما من حقّ سليمان فرنجية علينا، اتّفقنا معه أم لم نتّفق، أن نعترف أنّه المرشّح الرئاسي الوحيد، لا بل القيادي المسيحي الوحيد، إذا استثنينا الصديق الدكتور فارس سعيد، الذي وقف على منبر بكركي أكثر من مرّة، معلناً إيمانه والتزامه باتفاق الطائف دستوراً ووثيقة تعايش وأمان للبنان، من دون زغل أو تردّد أو روابط لغوية من نوع إذا.. أو.. وسوف.. ولكن..

يخوض سليمان فرنجية معركته الرئاسية من دون إعلان رسمي بالمعنى التقليدي للإعلان في مثل هذا الحدث، مستنداً إلى ثلاث أدوات:

1- البطريركية المارونية منبراً للمعركة، وهي التي استضافته في خطابه الرئاسي الأول في 25 كانون الثاني 2023، ثمّ في خطابه الثاني في 18 نيسان 2023.

2- تنميط صورة المرشّح التوافقي من بوّابة المشروع السياسي الواضح وليس من بوّابة الخلفية السياسية. وهو القائل “كلّ من هو مطروح مرشّحاً وسطيّاً يملك خلفيّة سياسية”.

3- إبراز شخصية “الرجل صاحب الموقف”، الذي لا يتراجع عن موقفه الوطني، وليس الموقف المتداول عبر تراكم السنين وتسارع الأحداث.

هذا هو مشروعي فأين مشروعهم؟

ما بين الحوارَين المتلفزَين والإطلالتَين من منبر البطريركية المارونية، طرح المرشّح لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية مشروعه السياسي، مستنداً إلى تحديث وتفعيل هذا المشروع مع تقدّم ظروف المعركة ومتطلّباتها.

في الإطلالة الأولى من الصرح البطريركي في 25 كانون الثاني 2023 جاء مشروع فرنجية الرئاسي من خمس نقاط:

1- الالتزام باتفاق الطائف وتطبيقه بالكامل نصّاً وروحاً.

2- إطلاق حوار لإقرار استراتيجية دفاعية تعالج ملفّ سلاح حزب الله.

3- معالجة ملفّ النازحين السوريين مع الحكومة السورية.

4- إرساء أفضل العلاقات مع الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

5- إصلاح القضاء عبر محاربة تسييسه.

بالمقابل في الإطلالة الثانية من الصرح البطريركي في 18 نيسان 2023 أكّد فرنجية النقاط الخمس، مضيفاً إليها التزامه بالإصلاح الاقتصادي والنقدي عبر بوّابة صندوق النقد الدولي، موضحاً ما يجب إيضاحه في هذا المجال، وهو أنّ التزامه بذلك نهائي وإن عارضه حزب الله.

ملفّ قرداحي

بدا لافتاً تطرّق فرنجية في إطلالته البطريركية الثانية إلى قضية وزير الإعلام السابق جورج قرداحي عرضاً حين قال من بوّابة الإشارة إلى أنّه لا يتراجع عن مواقفه: “عندما قام جورج قرداحي بتصريح كان من السهل التخلّي عنه فأنا مرشّح رئاسي، لكن لم أفعل مع أنّي أحترم السعودية وأتمنّى أفضل العلاقات معها”.

أراد فرنجية من هذا التطرّق العارض إلى ملفّ قرداحي، أن يوصل رسالة مفادها أنّ موقفه من قرداحي ليس ضدّ المملكة، أو كرهاً بها، بل لسبب مبدئي هو أنّه لا يتخلّى عن أصدقائه.

يدرك فرنجية كما يدرك الكثير من الساسة والمتابعين، أنّ ملفّ جورج قرداحي يكاد يكون الملفّ الأصعب في تعبيد الطريق لعبور طريق قصر بعبدا. هو بمنزلة “عضّة الكوساية” التي تفصله عن كرسي الرئاسة الأولى. وهذا ما يجعل التناول العارض لملفّ قرداحي مرشّحاً أن يكون بنداً أساسياً في إطلالة فرنجية الرئاسية الثالثة كما هو متوقّع.

عندما سُئل فرنجية عن موقفه من قائد الجيش العماد جوزف عون المرشّح للرئاسة قال: “لم أرفض يوماً قائد الجيش، لكن أنا أُسأل عن مشروعي السياسي في حين لم يَسأل أحد قائد الجيش وكي أقبل باسم مرشّح يجب أن أعرف مشروعه”.

فرنجيّة: استعملوني…

يقول أحد المراقبين خارج الحدود إنّ على معارضي فرنجية التفكير بمنطق الهرَم المقلوب. في حال وصوله إلى الرئاسة سيبذل جهداً كبيراً للتأكيد لخصومه ومعارضيه عربياً وداخلياً أنّه سيكون رئيساً للجميع عادلاً يحكم وفق اتفاق الطائف، وأمّا في حال وصول أحد غيره فسيبذل هذا الآخر بعيداً عن اسمه جهداً للتأكيد للحزب أنّه لن يطعنه بظهره وإن كان هذا التأكيد سيحصل على حساب كون رئيس الجمهورية رئيساً لكلّ لبنان.

فرنجية المرشّح الرئاسي يتقدّم بمشروعه، وأيضاً بالضمانات التي يحملها بشخصه وتاريخه الذي يعيّره به معارضوه، وهو القائل: “أنا قادر أن آخذ من المقاومة ما لا يستطيعه أيّ مرشّح آخر، وكذلك من سوريا..”.

في إطلالته التلفزيونية أمس الأول الأربعاء قال مخاطباً الجميع في ما يتّصل بالنقاش الدائر بشأن اللاجئين السوريين: “استعملوني لحلّ هذا الملفّ، أنا قادر على محاورة الداخل والخارج”.

.. سليمان فرنجية هو بمنزلة الدواء الذي يُزعجنا تناوله، لكنّه قد يكون الحلّ المتوفّر لأمراضنا المستعصية.

المصدر
أساس ميديا

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى