إجتماعمقالات

مشكلة التعليم الحكومي أبعد بكثير من مجرّد طرح إلغاء شهادة البريفيه

حسمت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة هيام إسحق الجدل الحاصل أن “لا مشكلة في إنهاء منهج تلامذة البريفيه في المدارس الرسمية، فيما يواجه تلامذة الثانوي في القطاع الرسمي بعض الصعاب في بعض الثانويات في إتمام المنهج الدراسي الرسمي…”.

هذا تصريح على الصعيد الرسمي، يقابَل بكمّ من الأقاويل، على “ضبابية” المشهد في القطاع التربوي الرسمي عموماً، الذي يشبه مصيره سفينة التيتانيك، التي واجهت الغرق بعد ارتطامها بجبل جليد. يقابل هذا المشهد دعوة البعض الى إلغاء الشهادة المتوسطة دون الأخذ في الاعتبار البعد التشريعي للاقتراح والمصالح الضيقة للمحافظة عليها…

في التفاصيل، أكد مستشار رئيسة المركز التربوي لشؤون الإحصاء التربوي الدكتور ريمون بو نادر أنه “لا يمكن أن نصدر العدد النهائي للمرشحين لامتحانات البريفيه قبل انقضاء مهلة الترشيح، علماً بأنه سجّل في الأعوام الأربعة الماضية تقدم نحو 60 ألف مرشح للشهادة المتوسطة”.

عرض بو نادر بعض نتائج دراسة أعدها المركز لقياس نسب إنجاز المنهاج التعليمي لشهادتي البريفيه والثانوي في 156 مدرسة خاصة ورسمية وأخرى تابعة للأونروا، وهي عينة تمثيلية من محافظات عدة موزعة على مدارس تعليمية ذات منهج فرنسي وإنكليزي، مشيراً الى أن “نسب إتمام المنهج الدراسي لشهادة البريفيه توزعت بين 65% في الخاص، و52% في الرسمي و79% في مدارس الأونروا، مع الإشارة الى أن هذه النسب قد لا تعكس النسب النهائية لتحصيل المنهاج لأن الدراسة لحظت موادّ كاللغتين الفرنسية والانكليزية وهي لا تندرج ضمن الامتحانات الرسمية”.

توقف عند نتائج الدراسة حول قياس مدى إنجاز تلامذة البريفيه لمادة الرياضيات ليتبين أن القطاع الخاص حصّل بين 64% و65% من المادة فيما أنجز الرسمي فقط 50 في المئة من مجملها، فيما ترتفع الى 72 في المئة في تغطية برنامج مادة التاريخ في المدارس الخاصة، وتتراجع الى ما بين 58% و59% في الرسمي”.

توقف عند الواقع المقلق الذي كشفته الدراسة، عن النسبة المحدودة جداً لتحصيل المنهاج التعليمي لتلامذة الثانوي في المدارس الرسمية مقارنة مع تلامذة البكالوريا في الخاص، لينكشف أن نسبة تحصيل المنهاج التعليمي لمرشحي العلوم العامة في الرسمي لا تتعدّى 35 في المئة فيما ترتفع الى 51 في المئة في الخاص، وتنحصر نسبة إتمام منهاج مادة تعليم الرياضيات لمرشحي هذه الشهادة الى 62% في الخاص و30% في الرسمي”.

استمر بو نادر في عرضه نتائج الدراسة التي أظهرت أن “مرشحي تخصّص علوم الحياة والأرض في المرحلة الثانوية في الخاص أنهوا ما يزيد عن 55 في المئة من المنهاج الدراسي لهذه الشهادة فيما لا تتعدّى هذه النسبة 38 في المئة عند الرسمي، مع الإشارة الى أنه ظهر تباين فاضح في نسب تدريس منهاج مادة علوم الحياة بين الخاص الى ما فوق 64 في المئة والرسمي الى حوالي 30 في المئة”.

“أما تخصّص الاجتماع والاقتصاد”، وفقاً له، “فقد عكست الدراسة أن القطاع الخاص أنجز 55 في المئة من المنهاج الدراسي، فيما لم تتعدّ النسبة 36 في المئة في الرسمي، مع الاشارة الى أن نسبة إنجاز برنامج مادة الاجتماع في هذا التخصص وصلت في الخاص الى ما فوق 70 في المئة، وفي الرسمي ما بين 30% الى 32%، وفي مادة الاقتصاد الى 62% في الخاص و34% في الرسمي”.

ختاماً، لفت الى أن “هذه الدراسة لحظت المنهاج العام ولم تعتمد أي تقليص له، الذي في حال تبنّيه، سيؤدي حكماً الى ارتفاع ملحوظ في النسب المشار إليها”.
المتوسّطة وجدواها…

في المقابل، أشار رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي حسين جواد الى أنه “قبل مرحلة إعلان الإضراب، وفرنا الدراسة لـ45 يوماً مع تخصيص نمط تكثيفي بعد تعليق الإضراب أي من 6 آذار الى اليوم بنمط تكثيفي أضفنا إليه يوماً دراسياً على الأيام الأربعة التعليمية، إضافة الى الاستمرار في التعليم 15 يوماً خلال شهر نيسان و20 يوماً في شهر أيار لننتهي في الأسبوع الأول من حزيران الى 105 أيام دراسية من أصل 110 المقررة من الوزارة”.
يرفض كلياً أي طرح “بإلغاء الشهادة المتوسطة لأنها مرحلة أساسية في المحافظة على التعليم الاساسي الرسمي، إضافة الى أنها شرط تعليمي ضروري للحصول على وظيفة رسمية، إضافة الى أن تنظيم الامتحانات هو أمر في غاية الأهمية لغربلة المرشحين وفرصة لتفعيل حوافز المعلمين لتطوير أنفسهم والتباهي بنتائج تحصيل تلاميذهم إنصافاً للمدرسة الرسمية وتعزيزاً لدورها”.

هل يجب إلغاء البريفيه؟ يؤكد الباحث التربوي نعمة نعمة أن التمسّك بإجراء الامتحانات الرسمية لشهادة البريفيه له اسبابه وأبرزها أن بعض قوانين التوظيف الرسمي – المجمّد اليوم – ومنه للفئة الخامسة في الدولة تفرض حيازة المرشح لهذه الفئة لوظيفة حاجب مثلاً على الشهادة المتوسطة، إضافة الى أن الحائز هذه الشهادة يمكن أن يحصل على رتبة متواضعة عند التحاقه بالسلك العسكري”.

انتقل نعمة الى أن “قانون التعليم الإلزامي للصفّ السادس، الذي تم تعديله الى قانون جديد في عام 2010 لحظ آليّة تطبيقية في عام 2021 من خلال فرض إلزامية التعليم حتى الصف التاسع أي قبل بلوغه الـ16 عاماً”، مشيراً الى أن “هذا القانون لم يطبّق لأن طرح إلزامية التعليم لصف البريفيه يحد حتماً من دور التكميليات المهنية”.

عن أسباب تأخر إصدار إلزامية التعليم لصف البريفيه 10 أعوام قال: “أصدرت الحكومة الميقاتية، قبل أشهر قليلة من استقالتها قانوناً لإضافة مواد تعليم مهني الى التعليم العام مع وجود مشكلة لها أبعاد سياسية وانتخابية طرأت من خلال انتقال معلمي المهني الى التعليم الرسمي. لا بدّ من أن أشير الى أن أن المناهج الحديثة لم تلحظ هذا الطرح ما يقلص أي خطر لإقفال التكميليات”.

من الناحية المالية، اعتبر نعمة أن “الإبقاء على الامتحانات الرسمية لشهادة البريفيه مدخل أساسي لضمان المخصصات للجان الفاحصة، التي يرأسها المدير العام للتربية بالوكالة عماد الأشقر ومشاركة رؤساء المصالح، في إعداد الامتحانات لكل مادة، ووضع الباريم والتصحيح ومراقبة الامتحانات هي ضرورة ماسة للمشاركين فيها، مع العلم بأن تلامذة الرسمي يعانون من تعليم محدود متوفر لهم منذ 4 سنوات ووصولهم الى الشهادة المتوسطة يطرح مشكلة أساسية في واقع بنية التعليم الرسمي عموماً”.

المصدر
روزيت فاضل- النهار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى