مقالات

المصالحة الفلسطينية تتحقق باتفاق داخلي وحماس باقية من حصة إيران!

لم يمر مشهد زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى السعودية واستقباله من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من دون أن يخلّف آثارا على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وتحليل خلفياتها في ضوء الكلام عن إمكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية. وما رفع من منسوب التحليلات أنها تزامنت مع وجود رئيس حركة حماس خالد مشعل ورئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية في السعودية للغاية الدينية نفسها ويؤكد على ذلك أحد الفيديوهات المصورة التي أظهرت القياديَين في حماس وهما يرتديان الرداء الأبيض في المسجد الحرام في مكة.

وبعيدا من المكانة الفلسطينية في القرار السعودي، ربط محللون زيارة عباس ووجود قياديين كبيرين من حركة حماس في السعودية بإمكانية إعادة وصل خيط العلاقة بين حركتي فتح الحاكمة للضفة الغربية وحماس التي تسيطر على غزة منذ العام 2007 بعد انقطاعها على خلفية الإشتباكات الدامية التي وقعت آنذاك وأسفرت عن طرد حماس لفتح من القطاع الذي يقطنه حوالى مليونين ونصف فلسطيني. وعلى رغم توقيع الطرفين اتفاق مكة الذي رعته السعودية بهدف إنهاء الإقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، إضافة إلى المبادرات التي قامت بها كل من القاهرة والدوحة إلا أنها باءت جميعها بالفشل وبقيت السيطرة منقسمة بين فتح وحماس على الأراضي الفلسطينية .

إذا أي كلام اليوم عن محاولات لرأب الصدع بين حركتي فتح وحماس، وأي مشهد مماثل للذي تظهَّر للرئيس الفلسطيني وقياديين من حماس في مكة لا يشبه سواه، ولا تجوز مقاربته مع أي من كل المبادرات التي قامت بها السعودية ودول عربية أخرى لتحقيق المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية. وما يعزز هذا الكلام التغييرات والتحولات التي تشهدها المنطقة والمصالحات القائمة بين حكام دول عربية بعد الإتفاق السعودي-الإيراني برعاية صينية في بكين في آذار الماضي، حيث شهدت العلاقات بين المملكة وسوريا تحركا عقب تبادل وزيري خارجية البلدين الزيارة اخيرا.

إلا أن انطلاق صفارة المصالحات لا يعني مطلقا أن كل الطرق باتت معبّدة أمام أصحاب النوايا الحسنة لدخول مرحلة جديدة وسحب الملف الفلسطيني من عهدة إيران التي تتولى القبض عليه من خلال حركة حماس وحزب الله في لبنان. وهذا ما يشدد عليه رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان طوني نيسي، إذ يؤكد بأن ” شيئاً لم يسحب من يد إيران حتى الساعة. فالسعودية وقّعت الإتفاق مع إيران لتحقيق هدفين لا ثالث لهما: الإنسحاب من الحرب في اليمن وإيجاد مصالح لها هناك والهدف الثاني ، تحييد نفسها من أية إشكالية في حال حصول تطورات على صعيد الصراع العسكري القائم بين روسيا وأوكرانيا في المنطقة”.

وفي وقت يقرأ محللون زيارة عباس إلى السعودية بأنها تمهيد للمصالحة الفلسطينية طالما أن الفرصة مواتية في ظل الأجواء الإيجابية السائدة بعد توقيع الإتفاق السعودي-الإيراني، يؤكد نيسي عبر”المركزية” أن لا شيء أبعد مما ذكره على صعيد جدوى وتداعيات الإتفاق على المنطقة وبالتالي على المصالحة الفلسطينية، بدليل “أن سوريا لم تدعَ إلى القمة العربية والأكيد أنها لن تعود إلى الحضن العربي من دون حصول تسوية وتنفيذ الأسد للشروط التي وضعتها المملكة العربية السعودية”.

وفي ما خص الملف الفلسطيني يشير نيسي بأن فتح كانت ولا تزال حصة السعودية والجامعة العربية، والممثل الرسمي الوحيد لفلسطينيي الشتات ثم فلسطين الرسمية هو الرئيس محمود عباس. وفي هذا الإطار، يذكِّر بالموقف السني اللبناني الذي يعكس الموقف السعودي خلال حفل افتتاح سفارة فلسطين في لبنان حيث كان حاضرا وقد أوعز إليه أحدهم “هذا الحدث يثبت أن فتح هي الممثل الرسمي للفلسطينيين وبالتالي يبطل دور حماس التمثيلي للشعب الفلسطيني وهذا ما لا نريده. أما حماس فكانت وستبقى من حصة إيران وحزب الله وبالتالي لم ولن يتغير شيء”.

الواضح أن التحولات الحالية في المنطقة، تؤشر إلى تحولات مماثلة في السياسة السعودية على أكثر من اتجاه ومنها القضية الفلسطينية. وكل خطوة إلى الأمام في شأن الملف الفلسطيني وعودة حماس إلى حضن السلطة الفلسطينية سيسهل على المملكة إدارة الملف الفلسطيني. فهل يساهم الإتفاق السعودي- الإيراني في تخفيف حدة الإحتقان بين حركتي فتح وحماس؟

قبل عام وتحديدا في ذكرى رحيل ياسر عرفات، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس:”لا دولة فلسطينية مستقلة من دون قطاع غزة، ولا دولة في غزة من دون الضفة والقدس، ولن نقبل بأقل من دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967″. وهذا ما يؤكد أن لا دولة فلسطينية من دون تحقيق المصالحة الفلسطينية وهذا يتوقف على قرار القيادتين. ما عدا ذلك”تبقى فتح في عهدة السعودية، وحماس من حصة إيران” .

المصدر
المركزية - جوانا فرحات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى