مقالات

سلاح الموقف بمواجهة سلاح الفرض

زادت مؤشرات التوتر في مواقف مسؤولي ” #الحزب ” المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي. فقد ارتفع منسوب التهديد “المهذب” على السنة بعض القادة كتخيير اللبنانيين بين سليمان فرنجية في رئاسة الجمهورية او الفراغ، او كإسداء نصائح لرافضي املاءات “الثنائي الشيعي ” الرئاسية بقبول ما هو معروض عليهم اليوم قبل ان تضيع الفرصة فلا يعود المعروض اليوم ممكنا غدا ! هذه حقا مؤشرات على ان الرفض الواسع الذي يواجه املاءات “الثنائي” و معه باريس قد خلق معادلة ربما لن تكن في الحسبان: ان يكون ثمة رأي عام سياسي وشعبي له موقف مختلف في ما خص ترشيح فرنجية ، اكان على مستوى الأسلوب ، اوالتواطؤ الداخلي و الخارجي ، او كان بالنسبة الى الشخص نفسه و ما يرمز اليه سياسيا، ومعنويا.

من هنا يمكن فهم التناقض في المواقف الفرنسية بين ما تقوله “خلية الاليزيه ” وما تصرح به الناطقة باسم وزارة الخارجية ، إضافة الى التوتر المعاظم في اوساط “الثنائي ” وبعض المروجين للموقف وصولا الى بعض المتواطئين من خارج بيئة “الثنائي” التقليدية. فعندما يتم تخيير اللبنانيين، لا سيما المسيحيين بين فرنجية او الفراغ المديد فمؤدى هذا ان الجهة التي يتم تهديدها بهذا الأسلوب الفج ستزداد تصميما على رفض تنصيب شخصية سياسية منتمية قلبا وقالبا الى “الثنائي الشيعي ” الذي يعلن من خلال مواقفه انه من جهته اكثر تصميما من أي وقت مضى على تطويع كل الارادات المخالفة له ، وان رئاسة الجمهورية هي أيضا من حصته . فهو من يحدد اسم الرئيس ، وهويته السياسية، والمعنوية. وهو من يفرض من يشاء في الموقع المسيحي الماروني الأول في الجمهورية، والوحيد في غربي آسيا و العالمين العربي والإسلامي .فإن لم تكن هذه وصاية لا بل نموذجا لسلوك احتلالي متمادٍ فماذا تكون اذا ؟

ان محاولة فرض سليمان فرنجية رئيسا بهذا الأسلوب سوف يزيد المعارضين تصلبا ، وينفر الوسطيين ، ويزيد من هواجس القلقين من هذه الهيمنة المتمادية في كل اتجاه. كما انه سيصعب على المتواطئين مهمتهم خصوصا هؤلاء الذين شغلوا مؤخرا محركاتهم السياسية والمالية لتجميع أصوات من هنا وهناك بغية الذهاب الى مجلس النواب و انتخاب فرنجية بأكثرية عددية ضئيلة. لكن غاب عن ذهن هؤلاء الذين يحاولون “تقريش” التصويت في مجلس النواب ان الموضوع لم يعد متعلقا برجحان قائم على بضعة أصوات تشرى او ارقام،بل ان الموقف السياسي المبدئي بات هو البوصلة.

هنا لا بد لنا من تحذير من لم يدركوا خطورة سياسة فرض مرشح “الثنائي ” انها ان نجحت فستتمدد لتبتلع المكونات الأخرى ومواقعها في التركيبة اللبنانية التاريخية و تغير هوية لبنان و تكوينه الى الابد من خلال ترسيخ اعراف دخيلة على توازنات البلد . لم يعد الموضوع يتوقف على ما تقوله باريس التي تكاد تفقد دورها كوسيط في لبنان ، و لا على تحركات المرشح السياسية . لقد أصبحت القضية اكبر ، لانها أصبحت قضية موقف مبدئي.

و لطالما قلنا على مدى الأعوام الماضية ان الغلبة بالسلاح و العنف و مع رفضها للانزلاق نحو خيارات مضادة انتحارية يجب ان تواجه بسلاح الموقف. فإن خيروا اللبنانيين بين مرشحهم و الفراغ فليختاروا الفراغ .و ان نصحوهم بأن “يلحقوا حالون “قبل ان تضيع الفرصة قالوا لا يعني لا.

المصدر
علي حمادة - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى