محلي

النوادي الرّياضيّة “بالدولار” والصحة الجسدية باتت أيضاً مُكلفة

غالبًا ما يتّجه معظم الأفراد، إلى ممارسة الرّياضة في الهواء الطّلق، نتيجةً للغلاء الذي يعيشه شعب لبنان، وإنهيار عملته الوطنيّة أمام الدّولار. ما أدّى ذلك، إلى التفكير مرّة ومرّتين، في التسجيل بالنادي الرياضي وممارسة الرّياضة هناك. ولكن هل باستطاعة الشّخص أن يتخلّى عن المكان الذي يؤمّن له السلام الداخلي والجسدي بهذه البساطة؟

رولا، فتاة ثلاثينيّة تقول، إنّها « لا تستغني عن الذهاب إلى النادي الرّياضي، تمامًا كباقي رفاقها ورفيقاتها، على الرّغم من المآسي التي تمرّ بها».

وتضيف:» سأتمكّن ولو بأيّ طريقةٍ، إدّخار 50 دولار شهريًا فريش، فقط لدفع الإشتراك الشهري للنادي الرّياضي. والوضع الإقتصادي لن يغيّر هذا الموضوع ولن يجعلني أتهرّب من مسؤوليتي تجاه صحّتي. ولكن، بدل أن أذهب إلى «الجيم» الذي اعتدتُ عليه، تسجّلتُ بآخرٍ، قرب منزلي علّني أوفّر القليل من تكاليف السّيارة والبنزين، نتيجةً لإرتفاع المحروقات».

حالة سينتيا، كحالة رولا من حيث بقائها في النادي الرياضي، ولو أصبح الدولار الواحد بـ200 ألف، على حدّ تعبيرها.

وتؤكّد: «هذه الصعوبات النفسية التي تمرّ على شعب لبنان، عليه أن ينفّس قليلًا من الطاقة السلبية التي تتكوّن في داخله، والرّياضة هي الحل لذلك، علمًا بأنها باتت مكلفة جدًّا، لن نستغني عن النادي الرياضي أبدًا».

وتشير سينتيا إلى أنّ»الذهاب إلى النّادي الرّياضي، ليس فقط مقتصرا على الإشتراك الشّهري، إنّما أيضًا على تكاليف أخرى لأمورٍ باتت جميعها بالدّولار، وهي: الملابس الرياضية والأحذية الرّياضية، وإعتماد نظام غذائي صحّي والتركيز على البروتين مثل البيض، وسفينة الدجاج واللحوم الستيك. بالإضافة إلى الحليب وقناني البروتين والطّون والمكسرات، وكل هذه الأمور باتت فعلًا مكلفة جدًا ويحتسب لها ألف حسابٍ».

حركة النّوادي الرياضية

أصبحت النوادي الرياضية تحتوي على مسابح كبيرةٍ، الأمر الذي يستفيد منه المشترك مع إرتفاع أسعار الدخول إلى المنتجعات البحرية.

ومعظم النوادي أصبحت تسعر إشتراكاتها بالدولار وتتفاوت الأسعار في ما بينها، فيتراوح سعر الإشتراك الشهري ما بين 50 و100 دولار مع وجود عروض لإشتراكات لـ 6 أشهر أو لسنة. ويرتفع السعر إلى اكثر من 100 دولار في حال شمل الإشتراك السباحة. أما أسعار الجلسات الرياضية الخاصة التي يُشرف عليها مدرب متخصص، فتتراوح ما بين 300 و400 دولار بحسب عدد الجلسات.

ورغم الأزمات الإقتصادية، بقي النادي الرياضي في حركةٍ دائمةٍ، في ظلّ عدم قدرة الكثيرين على السفر أو الإنفاق على نشاطاتٍ ونزهاتٍ، لأسباب عديدة أوّلها إرتفاع أسعار المحروقات.

ولكن، يتبيّن من حديثنا لعيّنة من مسؤولي النوادي الرياضية عدم تراجع عدد الزبائن بشكلٍ غير اعتياديٍ رغم الأزمة المادية وإرتفاع تكاليف التشغيل، بما يفسّر الحاجة إلى التمويه والإقبال على الرّياضة التي تخفف من التوتر وتلبّي حاجات شخصية وصحيّة.

جالت جريدة «الدّيار» على بعض النوادي الرياضية في بيروت، لمعرفة كم يبلغ الإشتراك الشهري فيها، ولوحظ أنّ جميعها باتت مسعّرة بالدولار، حتّى تلك التي في الضّيع الأمر نفسه. وتتفاوت الأسعار في ما بينها بطبيعة الحال.

وعن إقبال الروّاد، قالت إحدى الموظّفات في نادي رياضي في منطقة سنّ الفيل، إنّ «الإستقطاب حاليًا هو أخفّ من باقي مواسم السنة، وهذا أمر طبيعي مع تحسّن الطّقس، لأنّه عادةً ما ينخفض عدد المشتركين إذ يفضّلون المساحات المفتوحة لممارسة رياضتهم أو التوجّه إلى البحر والجبل».

تفيد مسؤولة الموارد البشرية في إحد أهم النوادي الرياضية في لبنان بكافّة فروعها، بأنّ «العدد يرتفع رويدًا رويدًا، لاسيّما مع تنوّع النّشاطات، وحصص الرقص واليوغا والمسابح أيضًا. فهم بذلك يستفيدون من الرياضة والترفيه في وقتٍ واحدٍ، فإرتياد أيّ مسبحٍ لشخصين يوازي إشتراك شهر في النادي»، بحسب المسؤولة.

فلنتخيّل قليلًا، ربّ منزلٍ يتقاضي راتبه بالعملة الوطنيّة لحدّ الآن، أو راتبًا لا يتعدّى الـ200 دولار، وربّة منزل إما من دون وظيفة، وإمّا موظّفة بـ7 أو 10 مليون ل.ل. فهل سيشتركون في النّادي الرياضي لتحسين مزاجهم وصحتهم الجسدية؟

الجواب هو لا! بقدر ما هم بحاجةٍ إلى الرياضة، لكنّها للأسف أصبحت تعدّ من الكماليات للعديد من النّاس، كحال سيمون الذي يفيدنا بأنّ تأمين المأكل والمشرب لبيته ولأولاده، أهم بكثير من دفع إشتراك شهري للجيم بقيمة الـ50 دولارا».

ويقول:» كيلو الفليلفلة بـ250 ألفا وكيلوالبصل بـ150 ألفا. أمّا تسعيرات المياه فكلها بالنار، وربطة الخبز تسعّر أسبوعيًا، عن أيّ جيم نتحدّث وعن أي رياضةٍ نتكلّم؟» للأسف تدرّبتُ لمدة 6 سنوات في النادي الرياضي، وبعد أن كان اولى أولوياتي، اليوم بتنا نعتبره ترفًا أو من الكماليّات».

النوادي المُتواضعة كحال الفقير

يفيدنا داني، أحد مؤسسي النوادي الرياضية في منطقة «شحيم»، بأنّ «ناديه، لم يعد يزوره سوى أقاربه، أو جيرانه، أمّا باقي أهل الضّيعة، فهم استغنوا عن هذا النادي بالكامل». ويقول:» على الرّغم من أنّني حاولت قدر المُستطاع تأمين الرفاهية للزبائن، إلا أنّ الوضع الإقتصادي أثر سلبًا عليهم وعلينا نحن الذين نعتمد على إشتراك ثلاثة أو أربعة أشخاص، لنعيش من اشتراكاتهم الشهرية».

ويختم داني، متمنيًا «أن تعود الأمور إلى مجاريها، ويعود ربّ العمل والموظّف إلى حياته الطّبيعية كالسّابق، لأنّ الوضع لم يعد محمولًا بتاتَا».

المصدر
مارينا عندس- الديار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى