سياسةمقالات

الدروز من مرحلة التفاهمات والتوافقات: مصالحة بعد قطيعة لـ ١٧ سنة

انهت زيارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابى المنى، المحسوب على رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نصر الدين الغريب، المحسوب على رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال ارسلان في كفرمتى، القطيعة بين مشيختي العقل، التي تعود الى العام ٢٠٠٦ بعد ازاحة الشيخ المرحوم بهجت غيث بتوافق بين جنبلاط وارسلان لم يدم سوى ايام، وانتهى بتعيين شيخ العقل نعيم حسن من قبل جنبلاط ونصر الدين الغريب من قبل ارسلان. ومنذ ذلك الوقت يعيش الجسم الديني في الطائفة الدرزية انقساما حقيقيا، يتخلله هبات باردة واخرى ساخنة، لذلك شكلت زيارة الشيخ ابو المنى للشيخ الغريب تطورا لافتا، وتكريسا لموقع الشيخين، وتركت ارتياحا شاملا في الاوساط الدرزية.

وحسب مصادر درزية، فان ذروة الخلاف الدرزي – الدرزي انفجر في ٣٠ حزيران في قبرشمون منذ ٣ سنوات، حيث سقط ٣ ضحايا وعدد من الجرحى، بعد تعرض موكب الوزير السابق صالح الغريب لاطلاق نار على خلفية قيام الوزير السابق جبران باسيل بزيارة الجبل دون «التنسيق مع الحزب الاشتراكي»، وسبق هذا الامر وقوع عدة حوادث في الشويفات وسقوط قتيل.

بعد هذه الحوادث، انعدمت كل خيوط التواصل بين جنبلاط وارسلان، وحاول رئيس «تيار التوحيد» وئام وهاب اصلاح الوضع ولم ينجح، وجاء الاستحقاق النيابي وسقوط ارسلان ووهاب ليفاقم الخلافات ويؤججها، وكان قد سبق الانتخابات النيابية تعيين جنبلاط للشيخ سامي ابي المنى بقرار مستقل دون التشاور مع احد.

وحسب المصادر الدرزية، تعطلت «لغة الكلام « بين المرجعيات السياسية، لكن الخلافات سرعان ما انتقلت الى المرجعيات الدينية الذين تقدموا الصفوف، وقام الشيخ امين الصايغ بحركة اصلاحية ضد الجميع، رافضا اي تدخل لرجال السياسة بمشيخة العقل او تلبيس العمامة المكولسة «المدورة «، وانتهت الامور بتلبيس العمامة المكولسة لـ ١٠ مشايخ، مع الحصة الراجحة للشيخ امين الصايغ، وشهدت هذه المرحلة تناغما بين جنبلاط وارسلان وابي المنى والغريب.

وقد اثارت الخلافات قلقا درزيا عارما، فاوفد جنبلاط احد مساعديه وجدي ابو حمزة المسؤول عن ملف المشايخ طوال السنوات الماضية الى دار خلدة، وتمكن ابو حمزة من ترتيب لقاء بين جنبلاط وارسلان في منزله انهى كل ذيول حادثتي قبرشمون والشويفات، ولعب الوزير السابق صالح الغريب دورا بارزا بانهاء ذيول ما حصل من اجل وحدة الصف الدرزي في هذه الظروف الدقيقة، كما تم الافراج عن المعتقل في حادثة قبرشمون من الحزب «الاشتراكي» حسين المنذر واسقاط الدعاوى القضائية على الجميع، على ان توضع الترتيبات الدقيقة لاجراء المصالحات بالتوافق والتنسيق مع اهالي الضحايا. وتوالت اللقاءات بعدها بين جنبلاط وارسلان «سمن وعسل».

وحسب المصادر الدرزية، مشكلة الدروز اولا واخيرا ليس بترتيب الخلافات الشخصية وانهاء المناكفات وبعدها المصالحات رغم اهميتها، بل بالخيارات السياسية، وقد دفعوا اثمانا جراء ذلك، فالدروز استعادوا دورهم بخياراتهم السياسية، والتحالف مع الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي اعطى الدروز ما لا يمكن لاحد ان يعطيه…
وحسب المصادر عينها، مشكلة الدروز الآن في الخيارات السياسية ورفض الاعتراف بالمتغيرات والقفز فوقها، وعليهم ان يضعوا في حساباتهم انهم لن يستعيدوا ادوارهم ومكانتهم الا من البوابتين السورية والفلسطينية، وليس هناك طريق آخر، وعلى قياداتهم الاجابة على السؤال الاتي: اين موقع الدروز في مرحلة المتغيرات والتفاهمات والانقلابات الكبرى الحالية التي ستحكم المنطقة لعشرات السنوات ؟ والخوف ان لا يقرأ البعض حجم ما يحصل، وهنا تكمن مشكلة الدروز الحقيقية منذ ايام الامير فخر الدين حتى اليوم.

المصدر
رضوان الذيب -الديار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى