عربي ودولي

هل تنتزع الهند لقب الدولة الأكثر سكاناً بالعالم؟


أفادت توقعات صادرة عن الأمم المتحدة اليوم الأربعاء أن الهند ستتجاوز الصين لتصبح الدولة الأكثر سكانا في العالم بحلول منتصف العام الحالي، تتويجا لاتّجاهات بدأت قبل عقود.

ويرجّح مراقبون أن تحافظ الدولة الواقعة في جنوب آسيا على هذا الموقع على مدى قرون، واصفين ذلك بالتغير التاريخي؛ إذ لطالما عُدّت الصين الدولة الأكثر سكانا منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية في العام 453 م.

كيف حدث ذلك؟
تحركت الصين بشكل حازم للحد من النمو السكاني لديها في ثمانينيات القرن الماضي، ففرضت سياسة الطفل الواحد التي طبقتها بقسوة أحيانا على شعبها.

وباتت أكثر ازدهارا في العقود الأخيرة، وهي ظاهرة جرى ربطها بشكل ثابت بتقليص حجم العائلات، لكن البلاد تواجه حاليا معضلة ديمغرافية، وتتمثل في شيخوخة السكان وتراجع أعدادهم، ما دفع بكين للتراجع عن سياسة الطفل الواحد قبل 7 سنوات.

ورغم أن الهند أطلقت أيضا حملات تنظيم للأسر، إلا أنها لم تحظ بأي شعبية لاستهدافها الرجال في سبعينيات القرن الماضي.

وتركز الحملات حاليا على النساء، إذ بات تعقيم النساء أسلوب منع الحمل الأكثر شعبية على الإطلاق، رغم المخاطر الصحية المرتبطة به.

لكن معدلات الخصوبة في الهند أعلى بشكل ثابت منها في جارتها الشمالية، ليصبح عدد سكانها أكثر شبابا بكثير، والآن أكبر من الصين، إذ إن أعمار قرابة 650 مليون هندي لا تتجاوز 25 عاما.

ما تداعيات التحول؟
تتنافس الصين والهند -اللتان تشكلان أكثر من ثلث عدد سكان العالم- على النفوذ الجيوسياسي، ومن شأن التحول في لقب “الأكثر سكانا” أن يعزز وضع الهند كقوة صاعدة يتقرب منها الغرب على حساب بكين.

كما أنه سيدعم مطلب نيودلهي نيل مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.

وإضافة إلى تجاوز سكانها عدد سكان الصين، فإن عدد سكان الهند يعد أكبر من إجمالي سكان الدول الأربع الأخرى التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.

وفي حين تشكل تلبية احتياجات هذا العدد الكبير من السكان تحديات كبرى بيئية واقتصادية، إلا أن امتلاك قوة عاملة كبيرة وشابة يعود أيضا بفوائد اقتصادية، إذ إن الهند تعد القوة الاقتصادية الكبرى الأسرع نموا في العالم، وحلّت العام الماضي مكان القوة الاستعمارية السابقة (بريطانيا) في المرتبة الخامسة في تصنيفات إجمالي الناتج الداخلي العالمي.

وتفيد أحدث بيانات البنك الدولي أن حجم اقتصاد الهند يناهز 3.17 تريليونات دولار، مقابل 3.13 تريليونات دولار هو حجم الاقتصاد البريطاني.

ما الأرقام المتوفرة؟
تقدر الأمم المتحدة بأن عدد سكان الهند سيصل إلى 1.429 مليار نسمة بحلول الأول من يوليو/تموز المقبل، أي أكثر بـ3 ملايين نسمة من الصين التي سيصل عدد سكانها إلى 1.426 مليار، لكن حساب الأرقام الفعلية لبلدان عملاقة كهذه تكتنفه صعوبات.

ويصدر مكتب الإحصاءات الوطني الصيني رقما بشأن عدد السكان كل عام، وذكر في يناير/كانون الثاني أن البر الرئيسي كان يصل عدد سكانه إلى 1.412 مليار نسمة في آخر العام 2022.

وشكّل ذلك أول تراجع في عدد السكان منذ الكارثة التي تمخّضت عن سياسة “الوثبة العظيمة” التي وضعها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ مطلع ستينيات القرن الماضي.

لكن الهند لم تصدر إحصاء رسميا للسكان منذ آخر تعداد عام 2011، عندما سجلت 1.21 مليار نسمة.

لغز سكان الهند
لم تصبح شهادات الولادة إلزامية في الهند إلا بحلول العام 1969، وتأجل تعداد للسكان كان مقررا عام 2021 نتيجة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قبل أن يتعطل تنظيمه نتيجة صعوبات لوجستية.

ويعتبر تعداد السكان عملية عملاقة، يشارك فيها جيش من الموظفين المتخصصين الذين يتوجهون من منزل لآخر من أجل جمع بيانات، تشمل الديانة واللغة الأم والمستوى التعليمي وغير ذلك.

ويتهم معارضون السلطات الهندية بالتهرب من تنظيم التعداد من أجل تجنب طرح قضايا جدلية مثل معدلات البطالة قبل انتخابات العام المقبل.

ماذا تقول نيودلهي؟
وتسعى حكومة حزب بهاراتيا جاناتا القومية عادة للترويج لإنجازات البلاد، لكنها بدت متحفظة على غير العادة حيال إمكانية انتزاع لقب الدولة الأكثر سكانا في العالم من الصين.

ولم تعلق وزارة الصحة اليوم الأربعاء على الأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة، علما أنه تم إخفاء عدة ساعات سكانية رسمية كانت معروضة في أماكن عامة في الهند خلال السنوات الأخيرة.

وفي خطاب بمناسبة عيد الاستقلال العام الماضي، تمسّك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالإشارة إلى أن الهند بلد الـ1.3 مليار نسمة، وهي عتبة يؤكد خبراء أنها تجاوزتها منذ عدة سنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى