إقتصاد

هل أصبحت الطبقة الوسطى بلبنان في “خبر كان”؟.. حركة العيد تكشف الخفايا

تفضح حركة التحضيرات لما قبل عيد الفطر في الأسواق، الطبقة الوسطى في لبنان، إذا سلمنا جدلا انّه لا يزال هناك طبقة وسطى، حيث تخطت معدلات الفقر النسب التقليدية، وارتفعت بأرقام هائلة خلال السنوات الأخيرة مع استفحال الازمة الاقتصادية وتمددها بشكل دراماتيكي غير قابل للانكماش.

لا أرقام رسمية تفيد بعدد الطبقة الوسطى في لبنان التي تُعتبر العنصر الأول المحرك للدورة الاقتصادية اليومية وحركة الأسواق بعيدا من ثروة المقتدرين. وفي غياب الأرقام، تصدر احصائيات بين الحين والأخر عن مؤسسات بحثية واحصائية، واحدثها ما صدر عن “الدولية للمعلومات” التي أفادت مؤخرا بحصول تغييرات جذرية واضحة في الطبقات الاجتماعية ككل، وخصوصا في الطبقة الوسطى التي تقلصت من 70 في المائة إلى 40 في المئة. وبحسب “الدولية للمعلومات” تصبح الطبقة الوسطى بذلك مصنفة فوق خط الفقر 30 في المئة، والطبقة تحت خط الفقر 25 في المئة، فيما يشكل أثرياء لبنان نحو5 في المئة.

بالأرقام
تأتي هذه الأرقام لتتقاطع مع حقيقة ارتفاع كلفة المعيشة بنسبة 196% حتى بداية شهر نيسان هذا العام مقارنة بشهر تشرين الأول 2022، كما جاء في دراسة “الدّوليّة للمعلومات” حول كلفة معيشة الأسرة اللبنانية المتقشفة، أي الفقيرة والوسطى، مع انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار. واعتبرت الدراسة انّ كلفة الاسرة المتقشفة من دون الصحة والاستشفاء تصل الى حد 39 مليون ليرة شهريا.

ومن لغة الأرقام الى أرض الواقع، حيث لا يعلو هم اليوم فوق هموم تأمين لقمة العيش. فترى وكأن عيد الفطر يمر مرور الكرام، تماما كما أعياد الفصح المجيدة، على الرغم من بعض المحاولات في المناطق لإعادة احياء حركة الأسواق التجارية، حتى أنّ بعض المحال أعلنت اجراء تخفيضات لتشجيع الناس على الشراء.

ففي النبطية، يعول التجار على نشاط الأيام الأخيرة في شهر رمضان المبارك لضخ بعض النشاط التجاري في جسد الاقتصاد المتهالك، كما جاء في بيان جمعية تجار النبطية. الا انّه وعلى الرغم من وجود بعض الزحمة في الأسواق الا انّ معدل الشراء اختلف عن السابق في الجنوب كما في بقية المناطق. وتروي احدى السيدات انها اضطرت الى بيع قطعة ذهب لديها لتتمكن من شراء بعض الحاجيات الأساسية للعيد، فالأسعار تكوي ولا يمكن حرمان الأطفال من فرحة العيد.

شوكولا ومعمول
أمّا في بيروت فتشهد الأسواق على حركة خجولة جدا قبل أيام من عيد الفطر، سواء في الأسواق او زينة العيد او محال الحلويات، في ظل حالة اقتصادية خانقة. تقول احدى السيدات انّها اضطرت الى شراء كيلو شوكولا واحد للضيافة ووقية “ملبس” فقط، “في النهاية هذه عاداتنا وتقاليدنا، واليوم ستقتصر ضيافة العيد على الشوكولا فقط، ولن نشتري المعمول”.

فأسعار الشوكولا في المحلات التي تُصنف عادية او متوسطة قد تتراوح ما بين مليون الى مليونين ونصف مليون ليرة للكيلو للواحد. امّا المعمول فقد يغيب عن الضيافات في معظم المنازل نظرا لارتفاع أسعاره، فيبلغ سعر المعمول في بعض المحال المعروفة 13 دولارا للكيلو المحشو بالفستق، أمّا الجوز فيتراوح ما بين 9 الى 10 دولارات، والتمر ما بين 8 الى 9 دولار، وسعر الكيلو المشكل بين 11 و12 دولار.

أمّا في محال الحلويات الفاخرة فحدث بلا حرج، حيث قد يصل سعر الكيلو الى 20 دولار أو أكثر.

محال الملابس
اما أسواق بربور التي غالبا ما كانت تعج بالناس حتى قبل 10 أيام من موعد العيد لشراء الملابس للكبار والصغار، فتتراجع حركتها اليوم بنسبة كبيرة كما يؤكد أحد أصحاب المحال في المنطقة. ويقول عبد الملا إنّ الناس تتصرف اليوم على قاعدة “على قد بساطك مد اجريك، فيشتري الناس الأكثر حاجة بالنسبة لهم وخصوصا للأطفال، أمّا محلات ملابس النساء، فشهدت تراجعا كبيرا في الحركة، على الرغم من انّ بعض المحلات تقدّم عروض خاص”.

كذلك الحال بالنسبة الى سوق بعلبك التجاري، ويقول أحد التجار انّ الحركة شبه معدومة هذه السنة، “الأسعار عادية بالدولار ولكن الناس لا يمكنها تحمل هذه الأسعار التي تُعتبر خيالية بالنسبة إليهم. وكذلك على مستوى التجار، فلا نعرف كيف يجب ان نتعاطى مع الزبائن، ولا نستطيع أحيانا شراء بضاعة جديدة”.

في الشمال
والى الشمال، تروي احدى ربات المنزل أنّ راتب زوجها العسكري في الجيش، لا يكفي لشراء الطعام “فأي عيد تتحدثون عنه”. من جهته يقول رئيس اتحاد نقابات العمّال والمستخدمين في الشّمال شادي السيد إنّه “لا يخفى على أحد ان طرابلس تعيش حالة فقر بوجهين، فهناك الفقراء قبل الازمة، أمّا الوجه الثاني فهم الطبقة الوسطى الذي تحولوا أيضا الى فقراء اليوم. فكيف تكفي الرواتب او المداخيل لعائلة تحتاج الى دفع رسوم أساسية من كهرباء ومياه وانترنت وخدمات أولية قبل أن نتحدث عن الأكل والشرب”.

ويتابع السيد: “في طرابلس حالة فقر كبيرة، وطبعا هناك مؤسسات كثيرة تساعد وجمعيات ومراكز سياسية، ونعول أن تصل المساعدات الى الجميع ولكن هذا لا يكفي لوحده، فنسبة الفقر في الشمال ارتفعت كثيرا. وحتما لا ننكر انّ أموال المغتربين ومساعدة الأهالي بالمباشر هي التي ساعدت في عملية الصمود وتزويد الشارع بالدولار والا كانت المدينة تعيش البؤس أكثر من ذلك”.

ويؤكد السيد: “طرابلس والشمال تعاني من الفقر، واليوم نحن امام أزمة كبيرة جدا، كما انعكست علينا الأوضاع في العالم العربي وحرب أوكرانيا سلبا، وهو الوقت اليوم لأن تعود الدولة وتقف على قدميها بكل مؤسساتها وتسعى أولا الى تثبيت سعر صرف الدولار كي تستطيع الناس مداواة جراحها، فحقيقة هناك اشخاص محرمون من رغيف الخبز”.
فهل يمر عيد الفطر على اللبنانيين مرور العيد، وكأنه “لا عيد ولا من يحزنون”.

المصدر
لبنان 24

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى