إجتماع

أنقذوا تلامذة لبنان!

تشغل قضايا انتظام التعليم وإنهاء السنة الدراسية وإجراء الامتحانات، أهل التربية ومكوناتها، ومن ضمنها كيفية عودة كل الاساتذة الى الصفوف، خصوصاً في التعليم الثانوي، لاستكمال المنهاج أو التعويض بنسبة مقبولة تمكّن تلامذة الشهادات في التعليم الرسمي من التقدم إلى الامتحانات. وبينما تبقى نحو 35 يوماً تدريسياً حتى 20 حزيران المقبل، إذ من المتوقع أن تُجرى الامتحانات في نهايته أو مطلع تموز 2023، فإن التحاق الأساتذة الممتنعين بات واجباً أخلاقياً ونقابياً أيضاً، ليس لإنهاء السنة فحسب بل لإنقاذ آلاف التلامذة في الثانوي الرسمي وحماية هذا القطاع من الانهيار وإقفال ثانوياته.

لا يقتصر الامر على مخاوف آنية من انعكاسات ما يحدث في القطاع التربوي، بل يتعدى ذلك إلى طرح ملف التعليم الرسمي على بساط البحث، ومعه كل البنية التعليمية التي راكمت انجازات على مدى سنوات طويلة، والتفريط بها لا يُعتبر سقطة فحسب، بل يُسجل في التاريخ على الجسم التعليمي كله الذي لم يتنبه لما يرسمه بعض أهل السلطة من مخططات تستهدف الاطاحة بالتعليم الرسمي لمصلحة جمعيات ومؤسسات خاصة، وتحويله إلى مكان للتنفيعات لا وظيفة تنافسية فعلية له ولا دور حقيقياً له في الفضاء اللبناني العام. صحيح أن هناك أزمة خانقة لدى المعلمين وسائر الموظفين، وأن الجسم التعليمي بات في حالة عوز وغير قادر على مواصلة رسالته في شكل كامل، إنما لا يجوز في وضع استثنائي أن يُتخذ هذا الوضع ذريعة لمقاطعة شاملة للمدارس ورفع مطالب لا يمكن تحقيقها او تلبيتها كشرط للعودة إلى التدريس.

لا يعني هذا الكلام هنا تغييب الأزمة، ولا القفز فوق المشكلات التي يعاني منها الاساتذة والمدرسة عامة، ولا الدعوة إلى البحث في تطوير جودة التعليم والتقدم في البرامج رغم أنها قضايا يجب أن تكون حاضرة، علماً أن لبنان سجل مرتبة متأخرة عربياً في جودة التعليم في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي 2023، إنما للتحذير من أننا أصبحنا على مشارف منعطف خطير قد يتفجر أمام الجميع، بحيث لا يعد هناك مجال للعودة من أجل التعافي والنهوض. وعندما يُصبح الإضراب بلا وظيفة إلا لمجرد المقاطعة، بالرغم من أحقية المطالب لجهة الاجور، إلا أن الامر عند الممتنعين تخطى ذلك مع عودة أكثر من نصف أساتذة الثانوي إلى التعليم مع جزء آخر يدرّس جزئياً، أي تلامذة الشهادات، وذلك بعد تحقيق جزء من المطالب المتمثلة ببدل الانتاجية والنقل وغيرها. أما الاصرار على “أجر عادل”، فذلك يحمل التباسات، حين يطالب البعض برواتب بالدولار الأميركي وفق نسبة التضخم، أي بزيادات تفوق الألف في المئة، حيث يعلم الجميع أن ذلك غير ممكن في ظل افلاس الدولة والعجز حتى عن دفع الرواتب وبدلات الانتاج الحالية.

وبينما يُتوقع التحاق عدد كبير من الممتنعين بالتعليم بعد الاعياد أو مطلع شهر أيار المقبل، حيث يتواصل التعليم بمن حضر منذ النصف الاول من آذار الماضي، فإن المعلومات تشير إلى أن وزارة التربية منفتحة على استيعاب الاساتذة الممتنعين، وهي ليست بصدد اتخاذ اجراءات بحقهم أو الحسم من الرواتب، أو تحويل ملفاتهم إلى التفتيش التربوي، طالما أن قسماً من الأساتذة لا يقل عن الفي استاذ يدرّسون في التعليم الخاص ولا يتغيبون عن صفوفهم، فيما يقاطعون ثانوياتهم الرسمية، بما يتناقض مع دورهم النقابي والتعليمي.

لم يعد الوقت متاحاً لتحقيق مطالب بعد إضراب مستمر منذ ثلاثة اشهر. الوقت الآن هو لانقاذ السنة الدراسية وحماية تلامذة التعليم الرسمي والتعليم عموما. اما الاستمرار بالمقاطعة، وإن كانت المطالب محقة، فهو انتحار ومشاركة في تصفية ما تبقّى من رصيد حققه الأساتذة بنضالاتهم التاريخية!

المصدر
النهار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى