مقالات

ملف النازحين: بروكسيل وستوكهولم ستحثّان لدعم بيروت

ظهّرت زيارات الموفدين النيابيين اللبنانيين إلى السويد وبلجيكا بعض التطوّرات الموحية بإيجابيات ممكنة وموعودة من شأنها الحدّ من تفاقم ارتدادات مظاهر النزوح على لبنان. وقرأ الحاضرون إمكان انبلاج آفاق للخرق الإيجايي من سماء ستوكهولم وبروكسيل، عبر تسليط الأضواء على الوضع اللبناني في الاتحاد الأوروبي وتفعيل سبل دعم إضافية لبيروت وسط الصعوبات الاقتصادية والمجتمعية المعطوفة على واقع النازحين والولادات الكثيفة. وفي غضون ذلك، اتضح للنواب اللبنانيين أن هناك استعدادات لمناقشة زيادة المساعدات للبنان والتعبير عن “انطباعاته وهواجسه” في المحافل الدولية، فيما يشكِّل موضوع عودة النازحين إلى بلادهم مسألة ترتبط بمدى القدرة على بلورتها في ظروف آمنة وبشكل طوعيّ كمقاربة أكّد عليها المسؤولون الأوروبيون. وعملياً، أوضح الوفد النيابي اللبناني إلى بلجيكا حجم العبء الكبير الذي بات يشكّله النازحون على الاقتصاد الوطني أمام المسؤولين في العلاقات الخارجية، مع طلب مساعدتهم وسط الأعباء المتراكمة على البلد المضيف. ولا يتحدّث الموفد النيابي إلى بروكسيل عن التوصل إلى خرق سياسي كبير ولا يحبّذ المبالغة في توصيف المداولات، لكنه يلفت إلى خروقات بارزة أُحرِزَت بمعنى الإضاءة على تداعيات النزوح على البنية التحتية والاقتصاد اللبناني وإعطاء معلومات دقيقة حول الأوضاع المحلية. وقد تمثّل المستجدّ الأكثر أهمية في التعبير عن تطوّرات في ملف النازحين، بالإضاءة على ضرورة زيادة الاعتمادات للبلد المضيف ومقاربة هذه المسألة بإيجابية من المسؤولين في بروكسيل. ولمس النواب اللبنانيون نوعاً من الاستجابة الملموسة في التركيز على المساعدات التربوية والصحية بشكل خاص.

ويُرتَقب أن تظهر هذه النتائج على مستوى حكومة تصريف الأعمال وفي مرحلة لاحقة أيضاً بعد بلورة الاستحقاق الرئاسي وتشكيل مجلس وزراء كامل الصلاحيات. وأكدت المقاربة الأوروبية المنبثقة خلال زيارة الموفد اللبناني على المعايير الضرورية المرتبطة بالعودة الآمنة والطوعية للنازحين إلى بلادهم. وينتظر الموفد اللبناني تحضير تقرير إلى الاتحاد الأوروبي من الدول التي زارها لعرض أوضاع النزوح في لبنان، بُعَيد أفكار طُرحت من خلاله للتعامل مع الموضوع. وثمة استنتاجات شخصية متنوعة توصّل إليها النواب كلّ على صعيده الذاتي، كأن لاحظ عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله الذي شارك مع الموفد النيابي إلى بروكسيل، أنّ “الزيارة أتت كعبارة عن محاولة لتأمين أرضية لاستكمال موضوع العمل على إعادة النازحين ومساعدة البلد المضيف علماً أنّ الموفد النيابي اللبناني لا يتمتع بمؤهلات تنفيذية على أرض الواقع”. وتتركز الأولوية الأوروبية راهناً، بحسب ما استنتج النائب عبدالله، حول موضوع الحرب على أوكرانيا. وتبدو مشابهة أيضاً الاستنتاجات الخاصة للنائب الياس اسطفان لناحية الأولوية التي يوليها الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الأزمة الأوكرانية والمتضمّنة أيضاً موضوع أزمة النزوح إلى الدول الأوروبية، فيما المقاربة الأوروبية ثابتة وواضحة لناحية التأكيد على العودة الآمنة والطوعية للنازحين في لبنان”. وبالنسبة إلى اسطفان، “ليس في الإمكان الحديث عن بلورة أجندة تسهم في عودة النازحين السوريين المتواجدين في لبنان، بل إن المسألة تحتاج وقتاً وعملاً ومتابعة لبنانية وليس في الإمكان التوصّل لحلّها بين ليلة وضحاها”.

وفي غضون ذلك، تبدو مقاربة الموفد النيابي اللبناني إلى السويد معبّرة عن إمكان بروز خروقات في ملف النازحين خلال الفترة المقبلة، بعدما خرج الموضوع عن طابعه المؤقت لا سيما لجهة تفلّت أعداد الولادات والهواجس المحلية من اندماج كامل للنازحين داخل المجتمع اللبناني بما يؤدي إلى ضرب الهوية اللبنانية. وقد ركّز الموفد النيابي خلال لقاءاته مع المسؤولين السويديين على حقّ عودة النازحين ومساعدتهم والحدّ من مظاهر الاندماج. وقد ركّزت محادثات الموفد النيابي في ستوكهولم على ضرورة أن تعود قضية اللاجئين في لبنان على جدول أولويات الدول الغربية، وأهمية إعادة تسليط الضوء عليها بشكل أساسي، فيما تمثل الاقتراح الذي قدّمه الموفد النيابي اللبناني إلى السويد في إقامة مخيمات للنازحين السوريين داخل مناطق آمنة في سوريا عوضاً عن استمرارهم على الأراضي اللبنانية. وأوضح الموفد اللبناني أنه في صدد زيادة الضغط الداخلي والمباشرة بتفعيل صيغة يريد من خلالها تنظيم عملية حضور اللجوء السوري في لبنان ووضع أطر للحدّ من عودة النازحين الذين يزورون بلدهم إلى الأراضي اللبنانية. وأشار الوفد اللبناني أيضاً إلى امتناع السفارة السورية في لبنان عن تسجيل الولادات السورية، بما يفاقم المخاطر وظاهرة مكتومي القيد.

وبالنسبة إلى استطلاعات النائب رازي الحاج الذي شارك ضمن الوفد النيابي إلى ستوكهولم، فإن النقطة الأساسية التي يمكن التعويل عليها تتمثل في رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي عام 2023، في وقت تفهّم المسؤولون السويديون غياب قدرة اللبنانيين على تحمّل المزيد من تبعات أزمة النزوح. وقد لمسنا اتجاهاً جدياً لتناول موضوع النازحين في لبنان على مستوى الاتحاد الأوروبي ووضعه كأولوية على جدول أعماله”. ووفق ما يشير إليه الحاج أيضاً، فإن “هناك تفهّماً من السويد لتبعات استمرار النزوح على لبنان، وبات لدى المسؤولين السويديين بعض المعطيات الإحصائية المعبّرة عن مخاطر النزوح وكلفته على الاقتصاد اللبناني والضغط على البنى التحتية والكهرباء والأوضاع الاجتماعية”.

المصدر
النهار - مجد بو مجاهد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى