مقالات

“حرب بيانات” بين “التيار” و”القوات”.. أبعد من الانتخابات البلدية!

مجدّدًا، اشتعلت بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، هذه المرّة على خلفية الانتخابات البلدية والاختيارية، التي بات تأجيلها شبه محسوم بدفع من “التيار” الذي قرر منح جلسة التمديد للمجالس البلدية والاختيارية “الميثاقية” المطلوبة، تفاديًا لوقوع الفراغ، في “ادعاء” سارعت “القوات” لوصفه بـ”الباطل”، باعتبار أنّ بند تأمين الاعتمادات اللازمة لإنجاز الاستحقاق كان مُدرجًا على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة. 
  
بين بيانات وبيانات مضادة، اشتعلت “الحرب الكلامية” بين الطرفين، ليستثمرها كلّ طرف من أجل “تعبئة” الجماهير عبر التصويب على الآخر، حيث اعتبر رئيس حزب “القوات” سمير جعجع أنّ “التيار” يريد تعطيل الانتخابات لعدم ثقته بالنتائج التي ستفرزها، ليردّ “العونيّون” متهمين جعجع بـ”الشعبوية”، حيث اعتبروا أنّ كلامه “يناقض مواقف نوابه في الجلسات النيابية”، ولا سيما أنّ “المشكلة ليست فقط بالتمويل بل بانعدام جهوزية الدولة”.

وردًا على الردّ، اعتبر “القواتيون” أنّ تلميحات “العونيّين” حول وجود تناقض في المواقف بين جعجع ونوابه، “تعكس” ما يعانون هم منه، ليردّ “التيار” من جديد مسلّطًا الضوء على ما وصفه بـ”الفرق بين الشعبوية والواقعية، وبين التضليل والحقيقة.. وبين القوات والتيار”، في خطاب يبدو مناقضًا لأجواء “التفاهم” التي ينشدها “التيار”، فما الذي يحصل فعليًا؟ وهل نصدّق أنّ الانتخابات البلدية هي فعلاً سبب هذا “السجال الناري”؟!
 
الانتخابات البلدية.. تفصيل!
 
صحيح أنّ خلاف “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” مركّز على ملف الانتخابات البلدية، بعدما أسهم الأول في صناعة “جلسة التمديد”، بل كان أول الدافعين نحو عقدها، بذريعة “عدم الجاهزية”، فيما تموضع الثاني في الاتجاه المعاكس، متمسّكًا بوجوب إنجاز الاستحقاق في موعده، ولا سيما أنّ الحكومة أكّدت صراحةً نيّتها بتنظيمها، إلا أنّ العارفين يقولون إنّ ملف الانتخابات البلدية ليس سوى “تفصيل” في العلاقة “المعقّدة” بين الطرفين.
 
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ السجال حول الانتخابات البلدية قد يكون “شعبويًا بامتياز”، فـ”القوات” تجد من مصلحتها أن تهاجم “التيار” على خلفية موقفه “المفضوح”، وفق توصيف أوساطها، من الاستحقاق الذي يقول إنّه يريده، لكنه “يفبرك الذرائع” لمنع حصوله، لأسباب يقول “القواتيون” إنهم يتفهّمونها، فـ”العونيون” خائفين من نتائج “مخيّبة” لانتخابات سيخوضونها باللحم الحيّ، ومن دون رافعة “حزب الله” المعتادة، في ضوء الخلاف المستجدّ.

في المقابل، يعتبر المحسوبون على “التيار” أنّ “القوات” هي التي لا تريد الانتخابات البلدية، وأنّها غير جاهزة لها، لكنّها تحاول “استغلال” الموضوع من أجل “تسجيل النقاط”، فترمي باللائمة على “التيار”، علمًا أنّ “التيار” يقارب الأمور بواقعيّة، في حين يندرج أداء “القوات” في خانة “الشعبوية المحضة”، ولا سيما أنّه يبقى “بلا ترجمة”، لا من حيث الضغط لمنع انعقاد الجلسة، ولا من حيث الطعن بقراراتها، ولو أنّ الفكرة “واردة” كما يقول البعض.
 
“تسجيل نقاط”
 
يرى العارفون أنّ “حرب” البيانات والبيانات المضادة بين “التيار” و”القوات” لا تعني أنّهما “لا يتقاطعان” عمليًا على الرغبة بتأجيل الانتخابات البلدية، رغبة يعكسها تقاذف كرة المسؤوليات منذ اليوم الأول، وكأنّ المطلوب ضمان “تطيير الانتخابات”، وبعد ذلك اتهام “الخصم” بالوقوف خلف هذا التأجيل، وهو ما يُفهَم أصلاً من الحجج التي يقدّمها الفريقان لدعم وجهتي نظرهما، وقد ظهرت بوضوح في التصريحات المتبادلة.
 
لكنّ المسألة برمّتها، كما يرى العارفون، لا تعدو كونها “تسجيل نقاط”، فلا “التيار الوطني الحر” وحده مسؤول عن تمرير التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، ولا سيما أنّ “التشكيك” بالجاهزية لإجراء الانتخابات في ظروف “مثالية” يكاد يكون مشتركًا بين معظم القوى السياسية، وبينها تلك التي تتموضع في صفوف المعارضة، ولا “القوات” وحدها من لجأ، أقلّه في العلن، لخطاب التمسّك بضرورة إنجاز الانتخابات في أوقاتها.

القصة، برأي المتابعين، أنّ كلّ طرف يسجّل النقاط على الآخر في سياق “الصراع الكبير” بينهما على خط الملف الرئاسي، ولا سيما أنّ العلاقات “مقطوعة” بين الجانبين، مع إصرار “القوات” على عدم تكرار “خطيئة” تفاهم معراب، وتجربته “المريرة”، واتهام “التيار” لها في المقابل بـ”تفويت الفرصة” بإمكانية التفاهم على خيار واحد، ينهي احتمال “فرض الرئيس” على المسيحيين، خصوصًا أنّها ترفض مجرد فكرة “الحوار” معه.
 
قد لا تكون الانتخابات البلدية أكثر من تفصيل في العلاقة “الإشكالية” المستجدّة بين “التيار” و”القوات”، خصوصًا أنّ الاستحقاق كان برأي كثيرين، “بحكم المؤجل” منذ اليوم الأول، وأنّ أيّ فريق لم يبدأ الاستعدادات له رغم “ضيق الوقت”. لكنّ الرئاسة تبدو “القطبة المخفيّة” هنا، رئاسة يسعى كل من “التيار” و”القوات” إلى حجم موقع “الناخب الأول” فيها، طالما أنّ التفاهم بينهما “متعذّر”، بالحدّ الأدنى حتى إشعار آخر!

المصدر
لبنان24

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى