مقالات

الحزب مع الصندوق… بمرشحه فحسب!

المعلومات التي تواترت من العاصمة الفرنسية في اليومين الاخيرين عن استمرار #باريس في التسويق للمعادلة الرئاسية التي تبنتها بدعم ترشيح انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه من ضمن تسوية مماثلة لاتفاق الدوحة بحيث تشمل رئيس الحكومة وحاكم المصرف المركزي واصلاحات وسوى ذلك وعدم مراجعة موقفها بدا مثيرا للاستغراب من نقطتين على الاقل. وذلك على رغم ان الامور تبدو كأنها لا تزال في مرحلة الانطلاق وهناك مرحلة انتظار طويلة ومؤلمة للبنان واللبنانيين . النقطة الاولى هي عدم اهتزاز هذه المعادلة على رغم الموقف الذي اعلنه ” حزب الله” من الاتفاق مع #صندوق النقد الدولي فيما كانت تطلب ضمانات من فرنجيه يشكل الاتفاق مع الصندوق جزءا مهما منها . والثانية مشاركة الديبلوماسية الفرنسية في القداس السنوي الذي تقيمه بكركي على نية فرنسا في اثنين الفصح في ضوء ما يعنيه ذلك من جهة وتجاهل فرنسا رفض القوى المسيحية الاساسية المؤثرة المعادلة التي تسوقها متبنية في المقابل موقف الثنائي الشيعي الممسك بالقدرة على رفض اي مرشح لا يوافق عليه من جهة اخرى . وبغض النظر عن الوحدة او التماسك الذي ظهر في الموقف العربي من الاستحقاق الرئاسي اللبناني لا سيما في ظل رهان كثر على تمايز في المواقف يسمح بتغيير الموقف السعودي المتمسك بمعايير معينة، فان النقطة المتعلقة برفض القوى المسيحية المعادلة التي تسوقها يرى كثر وجوب ان تتوقف عندها باريس بمقدار او اكثر من وقوفها عند الموقف العربي او الخليجي.

وتكشف مصادر ديبلوماسية في ضوء المعطيات المتوافرة لديها ان عدم توقف باريس عند موقف الحزب الرافض التعاطي مع صندوق النقد الدولي يرجح انه يعود الى ان الحزب يجاهر لاول مرة بموقف علني بارز من الصندوق مقارنة بتسريبات تتحدث عن الرفض او التشكيك بفائدة التعاون مع الصندوق. وهو تصرف غير منطقي مقارنة مع ما كان يقوم به الحزب خلال الاعوام الثلاثة السابقة ان في اجتماع مسؤوليه مع مسؤولي الصندوق او في دعم حكومة حسان دياب الذي اتى به الحزب الى رئاسة الحكومة من اجل التفاوض مع الصندوق . ولا تعتقد هذه المصادر ان الحزب غير رأيه من موضوع الاتفاق مع الصندوق لسبب رئيسي بالغ الاهمية وهو ان كل المعادلة الكبيرة المتصلة بالواقع الراهن في لبنان مرتبطة بهذا الاتفاق الذي ، وعلى رغم الاخذ والرد فيه وعجز مجلس النواب ورئيسه تحديدا عن الوفاء بالالتزامات التي قطعها باقرار كل المطالب الملحة لوضع الاتفاق موضع التنفيذ ، لا يزال هذا الاتفاق صالحا . اذ انه وعلى رغم تعرض الكثير من الامور لتغيرات كبيرة ، فان الاتفاق لا يزال يشكل ارضية للانطلاق منه في وقت لا يزال يؤكد الصندوق استعداده لدعم لبنان وفي وقت لا مهلة زمنية يتوقف عندها الاتفاق او يغدو غير ذي جدوى . والدفع الذي تمارسه بعض الدول على قاعدة التلويح بامكان خسارة لبنان الاتفاق تعتقد هذه المصادر بانه اقرب الى مهلة حض منها الى مهلة اسقاط وفق التعابير المستخدمة في لبنان . والامر الاخر ان الحزب بموقفه الذي اعلنه من الصندوق اثار تساؤلات ازاء الضمانات التي قدمها فرنجيه الى الفرنسيين وكيف يمكن ان يكون قدم الضمانات التي يشكل الاتفاق مع الصندوق جزءا اساسيا منها اذا كان الحزب غير موافق ما لم يكن التفسير الذي يراه البعض في الرفض الذي قدمه الحزب انه يسير في الاتفاق مع الصندوق اذا كان المرشح الذي يدعمه للرئاسة الاولى هو الذي سينفذ الاتفاق وليس اي مرشح محتمل اخر . وهو ما يعني ان التحفظ هو على المرشح اكثر ما هو على الاتفاق ، ما قد يكون خفف عن الفرنسيين اعتبار ان هناك مشكلة بتبدل موقف الحزب.

ولكن في المقابل، فان الثنائي الشيعي لا يعطي اي مؤشر ، اقله حتى الان ، في رغبته في تغيير موقفه من المعادلة الرئاسية . فهو حتى الان يواجه اشكالية في تظهير التزامه كليا بهذا الترشيح ويجهد في عدم اظهار اي اشارة انه في وارد التفكير بمرشح اخر على رغم انه قد يكون يفكر في خيار اخر غير فرنجيه. ولذلك هناك تسرع لدى البعض في القفز الى استنتاجات في الوقت الذي يعتقد انه لن تكون هناك قفزة سريعة الى اي حل. فالمسار الذي تحتاج اليه الامور في هذه الحال اهم بكثير من التوقيت المحتمل. والمسار يوحي بثلاثة مراحل على الاقل : اما ان يستطيع الثنائي الشيعي تحقيق ما يريده وهو يسعى الى ذلك بمساعدة غير مسبوقة من باريس التي تتبنى اعطاء الثنائي الشيعي ما يريده فيما يوحي بانه سيستمر الى الاخر وسيستخدم كل الوسائل والطرق لذلك . والمرحلة التالية تنطوي على تساؤل عن الخطوة التالية وما الذي تنطوي عليه عملية الاخراج من الواقع الذي بات الثنائي فيه فيما انه لا يستطيع الخسارة شأن صعوبة ان تخسر المعارضة كذلك . ويستبعد ان يقدم الثنائي على المرحلة الثانية من دون اخراج مناسب لئلا يشكل تراجعا كبيرا بالنسبة اليه . والمرحلة الثالثة تنطوي على مضمون ما ستكون عليه المساومة من اجل الخروج من المعادلة التي تتولى باريس تسويقها .

وهذه المراحل قد تتسارع او تكون بطيئة ويمكن ان تحصل تزامنا بعضها مع بعض ولكن الثابت حتى الان ان الامور متأخرة لانها لم تغادر بعد المرحلة الاولى ولا تعطي اي مؤشرات لذلك .

المصدر
روزانا بومنصف - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى